تسأل اي مواطن عما يفكر به ويتمناه فيجيبك على الفور: اريد ان اعيش.. الحياة اصبحت صعبة للغاية، اركض منذ الصباح وحتى المساء من اجل تحسين الاحوال ولا شيء يتغير، المصاريف زادت والاسعار ارتفعت والدخول تآكلت، و»البركة» قلّت.
ما الذي حدث في بلادنا حتى انتهى الناس الى هذه الحالة من الاحباط؟ ما الذي اصاب مجتمعنا حتى تراجعت فيه قيم التعاون والتكافل والشعور بالرضا والقناعة؟ لماذا تحولت «المدن» الى «غول» يفتح فمه ليبتلع كل شيء ولا يشبع؟ ولماذا اصبحت البلدات والقرى «اعجاز نخل خاوية»؟ لماذا اجتاحتنا عواصف «الفقر» والقهر والاحساس بالحيرة والخوف وفقدنا الهمّة ومات داخلنا الامل؟
احد الشباب قال لي: تخرجت في الجامعة ولم اجد عملا في تخصصي فقررت ان اعمل بأية وظيفة، ولم يتجاوز راتبي حتى الآن 300 الدينار، لا تكفيني حتى اخر الشهر، الآن تجاوزت الـ 35 سنة ولم اتزوج، يا رجل كيف اتزوج وانا لا استطيع ان استأجر بيتا او اعيل اسرة؟ والمطلوب مني ان اكون مواطنا صالحا.. والله لا اعرف كيف؟
شاب آخر ضبطته دورية للشرطة بتهمة وجود «قضية للتنفيذ» وأحالته الى المركز الامني ونام ليلته هناك، وحين ذهب للمحكمة وجد انه لم يغلق ملف قضية «مالية» كان طرفا فيها، وان عليه دينارا وستين قرشا فقط، سألني الرجل: اليس الاولى ان يضبط الآخرون الذين ما زالت ذممهم مدينة بآلاف وملايين الدنانير؟ او غيرهم ممن سرق ونهب ولم يسأله احد؟!
في احدى القرى النائية البعيدة عن الانظار والقلوب ومكاتب اصحاب القرار يزدحم الشباب العاطلون عن العمل في الشوارع الضيقة ليلا، تدفعهم الشطارة احيانا الى البحث عن عمل عبر «الابواب غير المشروعة» ربما لا احد يتذكر ان نسبة متعاطي المخدرات ومروجيها في هذه المناطق وخاصة بين الشباب قد تصاعدت بشكل غير طبيعي، ربما لا يتذكر اخرون ان «عطالة» الشباب تفتح امامهم ابوابا للغضب وتدفعهم الى ممارسة ما لا يخطر على بال.
زميل في العمل يبحث عن «بيت» للأجرة في عمان، اكتشف بان الاجور قد زادت بنسبة 50%، وبأن اجرة الشقة المتواضعة وصلت الى 5 الاف دينار سنويا! كل راتبه لا يكفي لسداد اجرة بيت، يسألني ما العمل؟ وهل بوسع بلدنا ان يستقبل هذه «الجيوش» من اللاجئين والوافدين وامكانياته لم تعد تكفيه؟
في مدن الشمال، اصبح العثور على «مسكن» للاجرة امنية غير قابلة للتحقق، ومع ازدياد اعداد اللاجئين السوريين لم يعد بامكان شاب قرر ان يتزوج او اخر يبحث عن فرصة عمل ان يجد فرصته؟
ماذا يفعل هؤلاء حين تضيق بهم الدنيا وتسدّ امامهم الابواب؟
عام «المسغبة» هكذا وصفه لي احدهم حين سألته عن الحكومة والبرلمان والاصلاح المنشود، قال لي: يا رجل لا تهمني «السياسة» ولا من يأتي ومن يذهب، ولا يهمني المسيرات والاحتجاجات وليس لي موقف من الاسلاميين او غيرهم، اريد فقط ان «أعيش» مستورا، اريد ان اؤمن لابنائي لقمة العيش، ورسوم المدارس، ومستلزمات الحياة البسيطة.
لم نسأل انفسنا: كيف يمكن لهؤلاء الذين لا تزيد دخولهم عن «300» دينار ان يعيشوا؟ كيف يمكن لشباب جاوزوا من العمر الثلاثين وربما الاربعين بعضهم لم يحصل على فرصة عمل دائمة او على راتب مناسب ان يتزوجوا وان يبدعوا وان يسهموا في بناء بلدهم؟
لم نسأل انفسنا: كم من الاسر تنام بلا تدفئة، واحيانا بلا غداء او عشاء واحيانا بلا «مسكن» كريم، واحيانا بلا «امل» بالحياة بعد ان تراكمت الديون وطار راتب الشهر في الاسبوع الاول وارتفعت شكاوى الابناء من قلة المصروف وهددت الزوجات بطلب الطلاق؟ لم نسأل انفسنا عن اولئك ولا كيف يمكن ان نرد على اسئلتهم الحزينة او ان نواجه انينهم بمجرد امل بالفرج؟؟ هذا الذي تأخر كثيرا.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو