لم أعلم أن فنون النصب عن طريق التسول قد بلغت هذا الحد، إلا عندما تبادلت قصتي مع زملاء وأصدقاء.
رجل خمسيني يقود سيارة مرسيدس حديثة وبرفقته ما يزعم أنها زوجته بالإضافة إلى طفلتين. يستوقفك في الشارع بسؤال عن الطريق المناسب لوجهته المقصودة، ثم يبدأ بعرض مطالبه؛ السيارة فرغت من الوقود، وأفراد عائلته لم يذوقوا الطعام منذ الصباح بعد دفع كل ما يملكه للعلاج في إحدى المستشفيات الخاصة.
للوهلة الأولى يخيل إليك أنها قصة إنسانية كاملة المواصفات وتستدعي منك مد يدك على جبيبك فورا وتقديم ما تستطيع من مساعدة مادية. لكن بضعة أسئلة تقفز إلى ذهنك على الفور تجعلك تراجع نفسك قبل أن تقوم بعمل الخير؛ كيف لمالك سيارة مرسيدس لا يكون بحوزته ما يسد نفقات لا تتعدى قيمتها 50 دينارا؟ وإن كان فعلا لا يملك الدفع النقدي، أفيعقل أن شخصا مثله لا يحمل بطاقة الصراف الآلي؟
عندما سردت القصة لأصدقاء تيقنت مما أفاضوا من قصص مشابهة بأننا أمام ظاهرة جديدة للنصب عن طريق التسول تنتمي لفئة الخمس نجوم، ومنتشرة على نطاق واسع.
قال أحد الأصدقاء إنه ذهل ذات مرة عندما توقفت بجانبه سيارة جيب من طراز حديث جدا لا يقل ثمنها عن 70 ألف دينار، يتوسل سائقها مساعدة مادية بعد أن دفع كل ما في جيبه لتصليحها!
وروى لنا عن نصابين يرابطون في سياراتهم عند بوابات البنوك التجارية ومحطات الصراف الآلي ليضمنوا القبض نقدا وعلى الفور حال تمكنوا من كسب تعاطف المراجعين.
الظاهرة تبعث على الحيرة فعلا، ولم أسمع بمثلها في بلدان غير الأردن. وتطرح أسئلة تثير فضولنا كصحفيين وتتطلب جهدا استقصائيا لكشف تفاصيلها وهوية المتورطين فيها. هل يملك النصاب السيارة الحديثة فعلا؟ وإذا كان قادرا على دفع ثمنها فما الذي يجبره على النصب والتسول؟
يمكن التكهن أيضا بأن السيارة عبارة عن أداة نصب مشتركة لبضعة أشخاص، يتقاسمون العائد منها، أو أنها مؤجرة من أصحابها الأصليين بحسن نية أو بالشراكة مع سائقها.
المؤكد أن رجال الأمن العام ودوائر الأمن الوقائي والبحث الجنائي، وبحكم خبرتهم الطويلة مع ظواهر النصب يعرفون حقيقة الأمر، ولا بد أنهم تعاملوا مع مرتكبيها، خصوصا أن السيارات المستخدمة تتنقل في الشوارع وهى تحمل لوحات أرقام تبدو حقيقية، هذا إن لم يكن أصحابها من الدهاء ليستبدلوها بلوحات مزيفة أو مسروقة.
لكن على المستوى الاجتماعي يبدو أننا امام ظواهر فريدة للتحايل والنصب، تتجاوز ما عهدناه من أشكال تقليدية. ولو لم يكن الأمر على هذا النحو، لما كان أحد ليصدق بأن الحال بلغ حدا صار معه أبناء الطبقة الوسطى والأغنياء يتسولون أيضا. أو أن النصابين باتوا أغنياء إلى الحد الذي يمكنهم من ركوب سيارة فارهة، وممارسة 'مهنتهم' بطريقة مريحة بدلا من الركض حفاة وراء الناس في الشوارع.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو