ما يزال وزير العمل يردد الأسطوانة المشروخة التي مللنا منها، ويلقي باللائمة على الثقافة الاجتماعية في العزوف عن فرص العمل، وهي للأسف النظرية التي يتحفنا بها دوماً المسؤولون، وكأنّ فرص العمل الجيّدة ملقاة على قارعة الطريق، لكن الشباب الأردني يستنكف عنها!
أصبح المثال الذي ذكره الوزير نكتة لدى الشارع الأردني، فهو يقول إنّ حارس العمارة الوافد، الذي يصرف 50 ديناراً شهرياً، ويعتمد في طعامه على ما يقدمه سكان العمارة، يحصل على دخل بمقدار 700 دينار شهرياً، من غسيل السيارات، مع توافر المسكن المجّاني، ويرسل باقي المبلغ إلى أهله في الخارج!
دعونا نبدأ بهذا المثال لندخل إلى لُب معضلة 'سوق العمل' في الأردن؛ أولاً حارس العمارة في المعدلات الطبيعية لا يصل دخله إلى نصف المبلغ الذي ذكره الوزير، ويمكن استقصاء ذلك بحسبة منطقية لعدد الشقق في العمارات وأجرة العامل لغسيل السيارة وللحراسة، فهذه -بداية- مبالغة في تقدير 'المعدل العام' لدخل حُرّاس العمارات.
الأمر الثاني، من قال لمعالي الوزير إنّ هذه الظروف التي يعيشون فيها، في غرف غير صحّية، وبعضهم مع عائلاتهم مقبولة اجتماعياً وإنسانياً وأخلاقياً، هل يستطيع الوزير الذي يطالب الأردنيين بهذا العمل أن يعيش في مثل هذه الغرف؟! وهي بالمناسبة غير مقبولة للأردنيين وللعاملين الوافدين!
هل هذه فرص العمل التي تنتظر الأردنيين؟! كان يمكن أن تقوم وزارة العمل بالتعاون مع الوزارات الأخرى، مثلاً، بتأسيس شركات حماية قانونية مسؤولة عن توظيف حرّاس للعمارات، بضمان اجتماعي، وتأمين صحّي، وظروف عمل تتوافر على الحدّ الأدنى من الأجور، وتكون هذه الشركات -مثلاً- مسؤولة عن هذه المهنة، بتراخيص رسمية، وتوفر فرصا بديلة للأردنيين، هذه هي البيئة التي نتحدث عنها، وهي مسؤولية الحكومة، بدلاً من التهرب من توفير البيئة المناسبة والقيام بعملهم، يتهرب المسؤولون إلى الشمّاعة السهلة السريعة؛ أي 'الثقافة الاجتماعية' للأردنيين!
كلام الوزير مستفز، لأنّه لو نظر بنفسه إلى خدمة الفاليت، مثلاً، في أغلب مطاعم ومقاهي عمّان لوجد شباباً، نسبة كبيرة منهم في الجامعات، هم من يقومون بهذه المهمة المتعبة الشاقّة، التي تتطلب جهداً كبيراً، ومن دون توافر الظروف المناسبة، وبأجور هزيلة، ومن دون ضمان اجتماعي أو تأمين صحّي، مع أنّهم يعملون في شركات أصبحت معروفة لدى الدولة، لكنّ نسبة كبيرة منها خارج التغطية القانونية، فهل هذه مسؤولية المجتمع أم الحكومة؟!
نعم هنالك اختلال غير مقبول في سوق العمل، ومهن يمكن للأردنيين أن يعملوا بها، لكن هذه مسؤولية الحكومة بالدرجة الأولى وليست مسؤولية الشباب، الذي أصبح يقبل العمل في كثير من المهن، إلا أنّ ما يواجهه أولاً هو رغبة كثير من الشركات في القطاع الخاص (فنادق، مطاعم، مصانع ومتاجر) في تشغيل العامل الوافد، لأنّه يعمل بأجرة أقل، ولساعات أكثر، ومن دون شروط قانونية، وهي مسؤولية الحكومة بالطبع، وثانياً لأنّ قوانين العمل ما تزال تحابي أصحاب العمل على حساب العمّال، سواء على صعيد البيئة أو التشريعات أو الحدّ الأدنى للأجور.
تنظيم سوق العمل لا يتم بالطريقة الفلكلورية التي تحدث بها الوزير، بل عبر عمل مؤسسي منهجي تكاملي، وهو مهمة وطنية أولوية مفترضة للدولة، لمواجهة شبح البطالة الذي يهدد الشباب والسلم المجتمعي على المدى البعيد.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو