السبت 2024-12-14 02:56 م
 

هذه السرقة مش حلال!

10:03 ص

تحت عنوان هذه السرقة مش حلال!، كتب جوزف طوق في 'الجمهورية': الفارق بين الكبّة النيّة أيام زمان وبين كبّة اليوم، ليس مجرّد تناحر ما بين أصالة الجرن وتحضّر الماجيميكس، ولا تفاوتاً ما بين حنّية جدّتي وأمّي، وإنّما الفارق كلّ الفارق هو في الهدف من اختراع الماجيميكس، لأنّ في اليابان... كبّة ما في.اضافة اعلان


وطالما السؤال مفتوح، نسأل... ما الهدف من الأعمال الفنّية التي يتمّ تقديمها على الساحة اللبنانية اليوم، وأين هي الأغاني والفيديوكليبات والأعمال التي تضيف شيئاً إلى الفولكلور الوطني أو تخطّ سطراً في الكتاب الحضاري العام... يمكن أنّ هناك القليل، ولكنّها نادرة بقدرِ عدد البحصات في كيلو برغل نظيف اشتريناه لنخلط به كبّتَنا.

ولدى الحديث عن الانحطاط، يتبادر مباشرةً إلى ذهن البعض الأعمالُ الرخيصة وإنتاجات التسليع الجنسي، ولكن لا يبدو أنّ المشكلة تكمن في هذه الأعمال التافهة التي يمكن أن تخرج من الذاكرة الجماعية بسرعة البرق... وإنّما الكارثة الحقيقية هي في انتشار ثقافة السرقة المفضوحة والمفتوحة على كلّ المستويات، فلا يمرّ أسبوع إلّا ونسمع بمُلحّن سرقَ لحنَ أغنية من التسعينات ظنّ أنّنا نسيناها، أو شاعرٍ نهَب نصّاً وعدّلَ فيه كلمتين حتى يتباهى أمام الجموع بتعملقِه على أكتاف الشعر... عدا عن الملحّنين الذين ينهبون كلّ لحن تركي ويوناني ضارب ليضربوا به ما تبقّى من إبداع لبناني.

وتمتدّ وقاحة هؤلاء إلى حاملات ألقاب المسارح والحفلات والأعراس والعشق والهوى والإغراء، اللواتي لا يتركنَ زيّاً أو فيديوكليباً غربياً إلّا وينهشن أساساته حتى يقدّمنه إلى فانزاتهم على أنه إبداع 'بلدي'.

وإذا كنّا نخاف من دخيلة على المغنى أن تتمكّن بمؤخّرتها وصدرِها العارم من تدمير «منجيرة الراعي»، فمِن الضروري أن نعيد النظر في اختيارات بعض الفنّانين الذين يتلطّون خلف نجومية أزليّة وعصيّة على النقد والتجريح، ويتمادون في كسرِ براءةِ الأنوثة الزهرية ويعمّمون بيدوفيليا فنّية بحجّة الضرورات الإخراجية التي ترمي فتاةً عشرينية في أحضان النجم الخمسيني ونيّف... وصدقاً، خطورةُ نجوم عرق الجبين باتت تفوق خطورةَ عرق الجياب، خصوصاً أنّ أعمالهم تكون غالباً ملفوفة بورقة هدايا.

وإذا كنتم تظنّون أنّ الفرنجي برنجي، يعني كلّ ما تسرقونه من الغرب وتقدّمونه لنا بملحفةٍ من خزانة الضيعة هو تلقائياً إبداع، فتذكّروا أنّ الغرب أصلاً فاسد أكثر منّا باختياراته الفنّية، وليس كلّ ما نأخذه من الغرب يجب أن نَنفحِط به ونَطبلُ رأسَ المشاهدين بأننا أصبَحنا بعيدين خطوةً واحدة عن القمر.

ومِش كِل ما تسرقوا أغنية أو كليب أجنبي تضيفون له صفة 'العالمي' حتى توهمونا بضخامته المفلِسة وتخيفونا من انتقاده على أساس أنه مستورَد، ولعبتكم باتت مفضوحة وتُسبّب الغثيان.

وإذا كنتم فعلاً تبحثون عن صفة عالمية يمكنكم أن تستفيدوا منها قليلاً، فنستغرب كيف لم تغاروا مرّةً واحدة من المغنّية البريطانية «أديل»، التي لا تشكّل صورةً نمطية عن الوسط الفنّي الغربي، ولا تبذل أكثرَ من طاقتها لتكون أيقونة البوب بشكلها وخطوط من بين نهديها، بل تكتفي بأن تكون «أديل» حتى تخرب الدنيا بكلّ أغنية جديدة، وكلّ ألبوم وفيديوكليب، وتكسر كلَّ الأرقام بحفلاتها 'العالمية'، ولا ترضى إلّا أن تكون 'أوريجينال' في كلّ ما تقدّمه لفانزات يَعبدون صوتها، ولا تتردّد في إلغاء أكبر حفلاتها لأنّها لا ترضى أن تغنّي 'بلايباك' وتخدع عشّاقها، فيما الفنّانون عندنا ينتهجون الـ'بلايباك' في كلّ ظهوراتهم الحيّة.

أحصوا ما طابَ لكم من الريتويتات واللايكات والمشاهدات، وانفَحِطوا بملايين فانزاتكم وفانزاتكنّ، لكن اطمئنّوا لأنّ أغانيكم تموت سريعاً ولا أحد يتذكّرها بعد أن تختفي عن الـ'نيوزفيد'...

الكبّة كبّة سواء خَلطناها في الجرن أو الماجيميكس، لكنّ الفنّ المسروق لا يمكن أن يكون فنّاً مهمّاً بلغ حجمَ الماجيميكس التي تَخفقون فيها تضليلاتكم للرأي العام المتعطّش إلى نغمةٍ تُنسيه أنّاتِ الديون والضغوط.
 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة