السبت 2024-12-14 09:08 م
 

هل المطلوب حكومة ميدانية وأبواب مفتوحة

11:51 ص

ليس من الحكمة أن ينغلق المسؤول على نفسه، فلا يخرج من مكتبه إلى الميدان، ولا يذهب إلى مركز الحدث بسرعة، ولا يسمح للمراجعين بمقابلته إلا في أحوال خاصة وبعد انتظار طويل.اضافة اعلان


لكن عكس ذلك قد لا يكون السلوك الأفضل، فمعلومات الرئيس أو الوزير عن احتياجات المناطق لا تكون فقط بالزيارات الميدانية، والاستماع إلى خطابات الزعماء والوجهاء المحليين، بل بالتقارير الموضوعية والإحصاءات والدراسات والتنسيبات التي يجب أن توضع تحت تصرفه.

مشكلة الحاكم الذي يأخذ انطباعاته مما يسمعه مباشرة خلال زياراته للمحافظات أنه قد يتوصل إلى نتائج غير صحيحة لمجرد أن خطيباً مفوهاً طرح ما يعتبره معلومات وشكاوي ومطالب ووجهات نظر، مع أنه منحاز موضوعياً، فيتوصل المسؤول إلى نتائج ومواقف اعتماداً على معلومات مصطنعة أو أنصاف حقائق أو مطالب تبدو ظاهرياً منطقية، ولكن لا يجوز الأخذ بها دون تدقيق.

الخطباء في مهرجانات استقبال المسؤولين لا ينظرون إلى المصلحة العامة التي يستهدفها المسؤول، ولا يرون الصورة الكبيرة التي يراها المسؤول المركزي، ولا يستوعبون نظام الأولويات على مستوى المملكة، ولا يقدّرون شح الإمكانيات المتاحة، وهم بالتالي يقدمون تمنيات يخطئ المسؤول إذا تسرع بقبولها وإصدار الوعود بتنفيذها.

بنفس المعنى تماماً فإن الباب المفتوح للمسؤول يعني ضياع وقته فيما لا يجدي، لأن معظم القصص التي يسمعها من الزائر وحيدة الجانب، ولا يعتمد عليها فهناك وجه آخر للصورة لا يقدّمه الزائر صاحب المصلحة الخاصة، وحتى شكاوي المستثمرين معظمها تعسفي.

بدلاً من ذلك فإن المسؤول يحسن صنعاً لو استعاض عن الاستماع الشخصي للمظالم والمطالب بأن تقدم له الموضوعات خطياً، حتى يستطيع أن يستفسر من جهات الاختصاص، ويدرس ويتوصل إلى قرار متوازن بعد أن يأخذ جميع الأمور بالاعتبار، بدلاً من التسرع بإعطاء قراره مباشرة للزائر الكريم، تحت ضغط اللحظة الراهنة.

نعم، المسؤول الجيد لا يعزل نفسـه في برج عاجي، بل يقرأ ويسـمع، وهو ليس مختصاُ بكل شيء، بل عليه أن يستفسر ويستشير، ويطلب الدراسات والمعلومات، ويتلقى التقارير، ويوازن بين الاجتهادات المختلفة، ويجب أن توضع أمامه جميع الخيارات قبل أن يقرر الأخذ بواحد منها.
 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة