الأربعاء 2024-12-11 02:51 م
 

هل تكفي المعالجة الالكترونية للشكاوى الحكومية؟

12:54 م

أعلنت وزارة تطوير القطاع العام مؤخرا أنها قامت بتطوير نظام إلكتروني جديد لمتابعة شكاوى المواطنين على مستوى تقديم الخدمات الحكومية، ما يطرح تساؤلا إذا ما كانت مثل هذه الوسيلة يمكن أن تنجح في معالجة الكم الهائل من المشكلات التي يواجهها المواطنون لدى مراجعتهم العديد من الوزارات والدوائر والمؤسسات الرسمية ذات الصلة المباشرة بالجمهور، لأن الكثير منها ما زال يراوح مكانه دون حلول جذرية رغم كل الخطط المتعلقة بالحد من الروتين ومحاولات تسهيل المعاملات التي لم تحقق اختراقا فعليا في الجدار الحكومي القادر على صد أية عملية تطوير مهما كان نوعها.اضافة اعلان

نظام الشكاوى الإلكتروني ليس جديدا، حيث تم إطلاق وحدة لإدارتها منذ العام 2010، إلا أن التجربة الفعلية أثبتت أن هناك حاجة ماسة إلى إدخال متطلبات فنية إضافية من المبكر الحكم على جدواها، فيما إذا كانت ستنقل التعامل مع الشكوى الرسمية بطريقة تضعها موضع الاهتمام الحقيقي من قبل المسؤولين ذوي العلاقة، أم أن الأمر لا يتجاوز الاستفادة من التقنيات المتطورة وتكاليفها المرتفعة دون أن يتغير شيء يذكر في معادلة الخدمة الحكومية المزمنة!
تتضمن الخصائص الفنية المستحدثة لنظام الشكاوى الإلكترونية زيادة عدد مستخدميه وتوسيع مجالاته بالإضافة إلى العمل على رفع المضامين تلقائيا إلى مستويات الإدارة العليا من دون تدخل العنصر البشري، لأن الكثير مما يرد في الشكوى عادة لا يجد الاهتمام الذي يستحق من قبل المسؤولين ذوي العلاقة، بل يتم تركه إلى أقسام إدارية متوسطة أو حتى متدنية في الهيكل التنظيمي غير مخولة باتخاذ قرارات قادرة على معالجة ما يعاني منه المواطنون في مراجعاتهم الرسمية، حيث نصت الإجراءات في ثوبها الجديد على إرسال إشعار إلى المسؤول الأول في الدائرة الحومية حال تأخر ضابط الارتباط المعني في معالجة أية شكوى.
لا نجد في سياق قصور نسبة كبيرة من الجهات الحكومية عن التعامل مع شكاوى المراجعين وإيجاد الحلول العملية لها، سوى ما كشف عنه استطلاع للرأي أجرته منظمة الشفافية الدولية، وأعلنت تفاصيله قبل أيام وبيّن أن من بين ألف مواطن أردني هناك سبعة وثلاثون بالمئة منهم قد دفعوا رشوة خلال العام الماضي مقابل الحصول على خدمة رسمية عامة، في حين لم يخف واحد وسبعون بالمئة من الأردنيين المستطلعة آراؤهم أنهم يلجأون إلى 'الوساطة' من أجل الحصول عليها، وهذا ما يؤكد أن الشقة ما زالت بعيدة عن الثقة في أن يتم إنجاز المعاملات الحكومية دون العبور في هذا النفق الذي يتنافى مع القوانين والأنظمة السارية.
يظل الأهم في مسألة الشكاوى من الخدمة الحكومية ليس مجرد التعامل معها بوسائل تقليدية أو إلكترونية متطورة، إنما عن طريق وضعها ضمن سلم واجبات المسؤول الذي يجب عليه النظر والبت فيها بأسرع وقت ممكن، مع إشعار المواطن المعني بأنه قد وصل إلى حقه في معاقبة المسؤولين عن خذلانه لدى مراجعاته التي لا بد منها في معاملاته الرسمية المتشعبة، وإلا فإن المعاناة ومر الشكوى لن يكون لها أي صدى إيجابي يعمل على معالجتها أيا كانت الوسائل في إيصالها عصرية إلكترونية أو عرائض عفى عليها الزمن.


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة