الجمعة 2024-12-13 04:09 ص
 

هل يشارك جيش «أردوغان» .. في تحرير «الرقّة»؟

08:37 ص

في شكل متصاعد، يواصل الرئيس التركي اردوغان, تصويب بنادقه ، باتجاه فرض واقع ميداني جديد في الشمال السوري, عبر الحملة العسكرية (اقرأ الغزو) التي جرّدها تحت اسم «درع الفرات « مستعيناً بمرتزقة اطلق عليهم زورا اسم «الجيش السوري الحر»، لكنهم مجرد ادوات تحمل الجنسية السورية لتمرير مشروعه العثماني الذي لم يتخل عنه لحظة واحدة، لكنه وقد واجه انكسارات عديدة، كانت اخطرها فشل خطته لتحويل شرق حلب الى عاصمة لـ»دولة الشمال» الإرهابية التي اراد اقامتها على الحدود الجنوبية لبلاده، ما لبث بعدها ان استدار نحو موسكو وراح يبحث معها طرق اخراج الارهابيين من المدينة وكان له ما اراد، رغم ان المنطق العسكري والميداني وطبيعة الاوضاع التي تعيشها سوريا في ظل الحرب متعددة الجنسيات التي تُشن عليها, كانت تستوجب القضاء المبرم على هذه العصابات الارهابية وعدم السماح لها بالنجاة, ليتم كسر المشروع الاميركي التركي وبعض العربي, الذي امعن خرابا ودمارا وفوضى في سوريا.اضافة اعلان


اردوغان يسعى الآن الى «ترميم» مشروعه, ولهذا بدأ يراهن على ادارة ترامب، وبدا واضحا من تصريحاته, بعد مكالمته الطويلة مع سيد البيت الابيض ، انه حصل على ضوء اخضر من الرئيس, الذي تعيش ادارته فوضى عارمة والتي برزت على نحو خاص باستقالة مستشاره للامن القومي الجنرال مايكل فلين، على خلفية تسريبات صحافية تحدثت عن اتصالات بمسؤولين روس قبل دخول ترامب الى البيت الابيض، تَضَمّن (التسريب) وعدا من فلين, بامكانية رفع العقوبات عن موسكو بعد تولي ترامب منصبه.

ولأن لهجة التصعيد في تصريحات اردوغان, بدأت بالبروز بعد «المكالمة» مع ترامب، فان ما يجري الان في «مدينة الباب», يدفع للاعتقاد بان اردوغان عاد، او في طريقه للعودة, الى «خندقه القديم» والذي وبالضرورة لن يُبقيهِ في المربع الذي يقيم فيه بالنسبة الى علاقاته بموسكو, حيث الاخيرة تحدثت وعبر بيان وزارة الدفاع الروسية عن «خط تماس مُنسَّق» مع الجانب التركي, بعد نجاح الجيش العربي السوري في تحرير بلدة تادف، فيما يراوغ المسؤولون الاتراك حول المسألة، وينفون وجود خط تماس كهذا، بل يسعون عسكريا الى قطع الطريق امام الجيش السوري من الجهة الجنوبية للوصول الى مدينة الباب، عبر وضع قوات المرتزقة خاصتَهم في مواجهة الجيش السوري، حتى تبدو المعارك «المحتملة», على انها قتال بين السوريين... أنفسهم.

لكن الهدف التركي يبقى كما هو.. احتلال الباب, بما هي بوابة استراتيجية ومفتاح الريفَيْن الشمالي والشرقي لمدينة حلب، الامر الذي يريد الاتراك استغلاله وامتلاك المزيد من الاوراق الاستراتيجية والميدانية, التي تسمح لهم بان يكونوا عنصرا رئيسا في حل الازمة السورية وليس مجرد دولة مجاورة يتواجد على اراضيها لاجئون سوريون, وتدّعي في الوقت ذاته ان امنها في خطر من الجماعات الارهابية.

لهذا ما يزال اردوغان يواصل الحديث عن المنطقة الامنة التي يريد اقامتها في الشمال السوري, ويحدِّد مساحتها (بين اربعة الى خمسة آلاف كيلومتر مربع) مستخدما ذرائع (اقرأ اكاذيب ومزاعم) عديدة, تارة بالقول ان اقامتها سيحول دون خروج السوريين من اراضيهم, وطورا في الكشف عن انه يبذل جهوداً لتأسيس «مدن جديدة» في تلك المنطقة الآمنة, ويحاول الايحاء بان مشروعه هذا يحظى بدعم اميركي واوروبي, كما جاء في تصريح له خلال جولته الخليجية الراهنة «... انا تناولت هذه الافكار مع السيد ترامب وقوات التحالف والمانيا».. ثم يخرج علينا ببدعة جديدة تفضح نواياه الاستعمارية في الشمال السوري عندما يقول: تحقيق الامن في المنطقة الآمنة لن يصبح واقعا، إلاّ بمنع الطيران فوق تلك المنطقة»..

فهل يملك اردوغان الإمكانات و»الاوراق» والدعم الكافي لتمرير خطة استعمارية كهذه؟

لا يبدو الامر متاحا او ممكنا, حتى لو نجح جيش اردوغان الغازي ومرتزقته الذين يهتفون في طابورهم الصباحي كل يوم «يعيش اردوغان يعيش الطيب» في طرد داعش من مدينة الباب، فيغدو تلويحه بالذهاب الى «منبج» والرقة, مجرد «دعاية» وستكون حتى «دعابة», كتلك التي قال فيها انه سيشارك في تحرير الموصل, الى ان تم «إفهامه» بان ذلك مستحيل تحت طائلة المواجهة, فانكفأ ولاذ بالصمت.

صحيح ان اراد استثمار «نجاحاته» العسكرية للظهور بمظهر المدافع عن «العرب» هذه المرة وليس عن «السُنّة» كما دأب على التصريح., في معرض تحريضه الطائفي والمذهبي عندما قال: طهّرنا دابق شمال سوريا وعلى وشك السيطرة على الباب, وبعدها سنتوجه الى منبج والرقة – مستطرداً – 90% من سكان منبج «العرب» لم يستطيعوا العودة اليها بسبب احتلالها من قبل المنظمات الارهابية (يقصد قوات سوريا الديمقراطية) لذلك سنُطهّرها ونعيد سكانها «العرب» ..اليها.

اردوغان في استدارته الجديدة نحو الاخت الكبرى واشنطن, يراهِن على مضامين مكالمته الهاتفية مع ترامب، الذي قال عنه الرئيس التركي: انه اتفق معه على تحرّك «مشترك» في الباب والرقة. لكن الوقائع الميدانية حول الباب وفي الطريق الموصل الى الرقة, الذي هو الآن تحت سيطرة الجيش العربي السوري, تشي بان «حلمه»لن يتحقق,وأن مهمته الراهنة ستكون اكثرصعوبة, وانه سيُجبَر على التزام «خط التماس» الذي قرّرته موسكو..

هل يتجاوز اردوغان.. خط التماس أم يلتزمه؟.

.. الإجابة لن تتأخر كثيراً.


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة