الأربعاء 2024-12-11 06:44 م
 

هل يعصف العنف بالجامعات وبقياداتها الأكاديمية والإدارية؟

09:21 ص

الوكيل - في ظل تنامي أعمال العنف التي شهدتها جامعات، وفي ظل التحليلات التي تناولت هذه الظاهرة، التي باتت شبه اعتيادية في الحياة الاكاديمية، يبرز سؤال، هل ستطيح هذه الحوادث بقيادات اكاديمية وادارية، بما فيهم رؤساء جامعات؟اضافة اعلان


التحليلات المتعلقة بظاهرة العنف الجامعي، حمّلت القيادات الاكاديمية والادارية في الجامعات جزءا من مسؤولية ما وقع من اعمال عنف ومشاجرات وغيرها، لجهة التقصير في إدارة «الازمة» ليس على مستوى «آني»، انما كذلك على المدى البعيد.

وفي جزئية المسؤولية المترتبة على القيادات الاكاديمية والادارية بالجامعات، فإن اي قرار سيتخذ، إن كان هنالك توجه بهذا الصدد سواء على «الفور» او في مراحل قادمة، يجب ان يستند الى معايير قادرة على ان تكون عملية التغيير «حاصدة» للنتائج، وليس مجرد تغيير شخوص بأخرى.

الالية المتبعة حاليا، لاختيار القيادات في الجامعات، بما فيهم رؤساء الجامعات، لا تتضمن في محتواها ضمانات للقدرات بقيادة تلك المؤسسات ضمن «السكة» المحددة لها، ما يترتب عليه الخروج عن «السكة» في احيان متعددة، ليس على صعيد العملية الاكاديمية، إنما المالية والادارية ايضا.

بالتأكيد كان من ضمن مخرجات هذه الالية اشخاص مؤهلين لقيادة تلك المؤسسات، إلا عملية «الاهلية» من عدمها، لا تضمنها مسبقا، تلك الالية.

تحميل فئة من قيادات مؤسسات التعليم العالي مسؤولية «العجز» في مختلف جوانب، دون غيرها، غير موضوعي وغير واقعي، باعتبار ان المسؤولية تراكمية وجماعية، لذا فالحديث عن قصور رئيس جامعة، لا يعفي مجلس امناء تلك الجامعة من المسؤولية باعتباره الجهة التي يعتبر رئيس الجامعة مسؤول امامها بموجب القانون، والتدرج بهذه المسؤولية سواء للاعلى بالفئات الوظيفية او للادنى ترتب مسؤولية على الجميع.

وكذلك لا يعفي مجلس التعليم العالي من المسؤولية، الذي اناط القانون به صلاحية التنسيب بتعيين رئيس الجامعة الرسمية وتعيين رئيس الجامعة الخاصة.

هذا الواقع القانوني لعمليات الاختيار والتنسيب والتعيين، يتطلب إعادة نظر به بشكل جذري، بما يضمن ان تكون المخرجات على قدر المسؤولية، بمعناها الشامل، وليس على مستوى الشخوص، بما يضمن تحقيق التكاملية في الادوار، باعتبار ان الخلل في اي من تلك الحلقات الوظيفية المتكاملة ستعطل وسينعكس اثارها السلبية على العملية الاكاديمية والادارية.

تغييب تمثيل الجامعات في عضوية مجلس التعليم العالي، يدلل على ان هنالك «فجوة» ستكون بين راسم السياسات ورجل الميدان، ان صح القول، خصوصا وان قناة التغذية الراجعة لتلك السياسات والقرارات الاستراتيجية التي يتخذها مجلس التعليم العالي «شبه مغلقة».

يتكون مجلس التعليم العالي، بحسب نص قانون التعليم العالي الحالي من (11) عضوا بما فيها الرئيس، (4) منهم بصفته الوظيفية و(7) من ذوي الخبرة والاختصاص في المجال الاكاديمي والتعليم العالي ممن يحملون رتبة الاستاذية.

اما الاعضاء بصفتهم الوظيفية : وزير التعليم العالي، رئيسا، ورئيس هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي وامين عام وزارة التعليم العالي ومدير التربية والتعليم والثقافة العسكرية في القوات المسلحة الاردنية، كأعضاء.

وتشير هذه التشكيلة الى «غلبة» رأي الاختصاص والخبرة عند اتخاذ القرار، بحكم ان عددهم (7) اعضاء من اصل (11) عضوا، بحكم الظاهر، إلا ان ذلك قد لا يكون هو الواقع، نظرا ان الشرط الوحيد المحسوس، يتمثل في «الحصول على الاستاذية»، في وقت ان مدة الخدمة الطويلة، ليست مداها للخبرة والاختصاص.

فضلا عن ان اصحاب الخبرة والاختصاص في عضوية المجلس يتم تعيينهم بتنسيب من وزير التعليم العالي، الذي بحكم القانون هو رئيس مجلس التعليم العالي.

من جانب اخر، فإن الصلاحيات الممنوحة لمجلس التعليم العالي تتجاوز رسم السياسات والاستراتيجيات الى التعمق في التفاصيل، حيث نص القانون على (16) مهمة وصلاحية للمجلس منها (12) مباشرة و(4) غير مباشرة، تبدأ برسم السياسات وصولا لمراقبة تنفيذ قراراته.

وتجاوز هذا الوضع، الى حد التعامل مع رؤساء الجامعات، قبل عدة سنوات، على اساس انهم «موظفين»، وبعيدا عن استشارة او اطلاع مجالس الامناء، عندما تم انهاء خدمات رؤساء جامعات وإعادة تعيينهم في جامعات أخرى، وفقا لنظام «المناقلة».

الغريب ان قانون الجامعات ينص على ان مجالس الامناء مسؤولة عن تقييم اداء الجامعة في مختلف الجوانب، في وقت ليس له دور في عملية اختيار او تعيين رئيس الجامعة، الذي يُحكم عليه من قبل مجلس التعليم العالي، عند التنسيب بالتعيين او بإعفائه من منصبه؟

وفي متناقضة أخرى، فإن مجالس الامناء مسؤولة عن تعيين نواب رئيس الجامعة ورؤساء الفروع وعمداء كلياتها، في وقت ان القانون ذاته، يجعل من رئيس الجامعة المعين من قبل مجلس التعليم العالي، مسؤول امام مجلس الامناء عن إدارته للجامعة وشؤونها؟

وزير التعليم العالي والبحث العلمي، صرح قبل ايام بأن تغيير رؤساء الجامعات سيكون من خلال طريقين: اما الاستقالة او انتهاء المدة، مستبعدا الطريق الثالث الذي نص عليه القانون «الاعفاء من المنصب».

تعدد المرجعيات في ظل عدم وجود ناظم بينها، وتداخل الصلاحيات بين المجالس وعدم موضوعية المساءلة في ظل هذا الواقع، يجعل من تغيير القيادات في الجامعات سواء الادارية او الاكاديمية، مجرد إجراء شكلي، في ظل الواقع القانوني والتشريعي الحالي.

وفي حال استدعى الواقع «الضرورة» لاجراء التغيير، فإن «التغيير» يتطلب التنسيق والتشاور بين المرجعيات، بما يضمن توافق، يتحمل الجميع بموجبه المسؤولية.

الراي


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة