الجمعة 2024-12-13 06:34 ص
 

هو الإصلاح المجتزأ

05:58 م

غادرت بعثة صندوق النقد الدولي المملكة قبل نحو أسبوع من الموعد المقرر، متفقة مع الحكومة، وتحديدا وزارة المالية، على استكمال مهمتها بعقد اجتماعات عبر الأقمار الصناعية.اضافة اعلان

مسببات المغادرة المبكرة تعددت. بعض المصادر ربطها بتوتر الأوضاع السياسة والأمنية إبان التهديد الأميركي بتوجيه ضربة عسكرية لسورية، ما دفع إدارة 'الصندوق' إلى الطلب من أعضاء البعثة الرحيل على وجه السرعة. وهو ما حدث بالفعل.
أما التفسير الثاني لعدم استكمال المهمة بوضع التقييم النهائي، فربطه مطلعون بعدم رضا 'الصندوق' مطلقاً عن نتائج ومؤشرات الأردن المالية، وعدم التزامه بالمعايير التي حددها 'الصندوق' للمضي بالإصلاح الاقتصادي.
المعلومات المتوفر تؤكد أن البعثة اجتمعت مع مسؤولي البنك المركزي الذي أنهى المطلوب منه، بتجاوز كامل مؤشرات الأداء للعام 2013. فيما ظهرت العُقد خلال الاجتماع مع المسؤولين المعنيين في وزارة المالية.
ما يقال هو أن موظفي 'الصندوق' غير راضين عن نتائج العام 2013 لناحية تفاقم الإنفاق، وبالتحديد خسائر شركة الكهرباء. كما أنهم غير مرتاحين لتفاصيل الخطة المالية للحكومة للعام المقبل؛ إذ تطالب البعثة بتقليص الإنفاق بما يقارب نصف مليار دينار، أو زيادة الإيرادات بذات المقدار.
بالمحصلة، تسعى الحكومة إلى إرضاء 'الصندوق' بأي شكل من الأشكال. وربما يفسر ذلك القرار المفاجئ بزيادة الرسوم الجمركية على الألبسة، لترتفع من 5 % إلى 20 %، بهدف جني إيرادات جديدة غير مدرجة في الموازنة. ويندرج تحت ما سبق أيضا، الارتفاعات غير المعلنة لرسوم جمركية أخرى، على سلع أقل أهمية من الألبسة.
بالنتيجة، تحاول الحكومة، بكل ما يتسنى لها من إمكانات، إرضاء 'الصندوق' لضمان الحصول على شهادة 'حسن السير والسلوك' التي تمكنها من الحصول على الدفعة الثالثة من قرض 'الصندوق'، وقيمتها 284 مليون دولار، بحيث يبلغ ما ستحصل عليه الحكومة 1.05 مليار دولار.
المخاوف الرسمية تنصب على تراجع فرص البلد في الحصول على الدفعة الثالثة نتيجة سوء التقييم.
في ذات الإطار، تواصل الحكومة الحديث عن سياسات الدعم باعتبارها تشوهات في الموازنة، بهدف إقناع الناس بقبول فكرة إزالة هذه الاختلالات، وتوجيه الدعم لمن يستحقه مباشرة، آخذة بعين الاعتبار أن نمو الإيرادات المحلية، خصوصا الضريبية منها، دون المستوى المطلوب.
كل ما يقال عن التشوهات صحيح. وسياسات الدعم غير عادلة، والفقراء ومحدودو الدخل هم أقل المستفيدين منها؛ إذ يذهب نحو 80 % من الدعم للأغنياء. لكن كل هذه المبررات لم تقنع الرأي العام بالفكرة، لماذا؟
ربما لأن الإصلاح الاقتصادي منقوص، والحكومة تتجنب الشق المهم منه، وهو المتعلق بالتشريعات التي تعيد توزيع الثروات وضبط الإنفاق العام. إذ ما تزال أنباء شراء السيارات تتوالى، وضبط الإنفاق في كثير من البنود المهمة لم يتأثر، اللهم إلا ذاك الإنفاق الذي يضر تقليصه بمستوى معيشة الناس.
الإصلاح المجتزأ هو ما يستفز الأردنيين. ولذلك، تجدهم رافضين لكل ما تقوم به الحكومة، طالما أنهم وحدهم من يدفع ثمن أخطاء الحكومات. فالحديث عن ربط الأحزمة وشد البطون يقتصر تطبيقه على المجتمع، ومنه دافعو الضرائب الذين يوفرون للخزينة مليارات الدنانير، فيما تعجز الحكومة عن توفير خدمات صحة وتعليم وبنية تحتية بمستوى لائق، يقدر معها متوسط الدخل على الاستفادة من الخدمات الحكومية.
من ناحية، الشارع غير راض عن الإصلاح، وعلى الضفة الأخرى يتطلع 'الصندوق' للمزيد، ولا يعجبه أداء الحكومة. ما يجعل الأخيرة في موقف صعب لا تُحسد عليه.
من الواقع، يبدو أن الحكومة تقدر على 'زعل' الأردني، لكنها بالتأكيد لا تتحمل تبعات غضب 'الصندوق'. ما يجعلنا نظن أنها ستبذل كل جهد لإرضاء الأخير، وبما يفتح الباب للتفكير بمدى قسوة القرارات التي ستتخذها الحكومة بحق المواطن في الفترة المقبلة، إرضاء لـ'الصندوق'!
الغد

 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة