ليس مؤكّداً تماماً ما ستسفر عنه 'الكواليس' الرسمية الحالية بشأن التعديلات المطروحة على قانون الانتخاب. لكن، وبرغم أنّها 'تفاصيل' دقيقة في النظام الانتخابي، إلا أنّها على درجة كبيرة من الأهمية، وتكاد تكون 'المفتاح' الذهبي في تحديد مسار العملية الديمقراطية في المرحلة المقبلة. فإذا كان هناك صوت للقائمة النسبية المفتوحة مع تعدد أصوات للناخب، فإن هذا سيفتح باباً مهماً لتغيير بنية البرلمان؛ وإذا كان هناك صوتان فقط، للقائمة النسبية والمرشّح المفضل، فالنتيجة ستكون أقل، فيما إذا بقي الصوت الواحد مع تعديلات طفيفة، فإن القرار يكون إبقاء الوضع الحالي على ما هو عليه.
النقاشات الحالية حول قانون الانتخاب تتوازى مع جدل آخر أكثر أهمية في الأوساط السياسية القريبة من دوائر القرار، وهو ما إذا كان المضي في الإصلاح السياسي والديمقراطي يمثّل أولوية لنا في الأردن اليوم؛ بما يستدعي إيجاد مجلس نواب قوي وفق قانون انتخاب جديد، وتحريك المياه الراكدة، أم العكس تماماً.
ثمّة وجهتا نظر رئيستان هنا. الأولى، تتبنّاها النخبة المحافظة (سياسيا)، وترى أنّه لا داعي لصرف وقت طويل في التفكير في الإصلاح السياسي، بل على العكس تماما؛ إذ لا توجد ضغوط خارجية أو داخلية، ولأنّنا نرى ما يدور حولنا بسبب 'الربيع العربي' (مع اعتراضي على هذا التوصيف الخاطئ) من نتائج للديمقراطية، فإنّ الأفضل هو التركيز على الجانب الاقتصادي، لأنّ الأهم هو 'تكبير حجم الكعكة' كي يستطيع الكل الحصول على نصيب منها.
وجهة النظر هذه ترى أنّ المشكلة الحقيقية في البلاد هي المشكلة الاقتصادية، وأنّ التحولات الديمقراطية المفترضة تعيق الإصلاح الاقتصادي المطلوب. كما أنّ هذه الرؤية تستبطن أنّ المجتمع غير جاهز بعد لعملية التحول الديمقراطي، وأنّ الأفضل التعامل مع برلمان ضعيف وشارع راكد، بدلا من الدخول في دوّامة الديمقراطية والأسئلة التقليدية والسجال بين القوى السياسية المختلفة.
وإذا كان التحول نحو الديمقراطية الناضجة والمضي خطوات حقيقية نوعية للأمام هو بمثابة مسار خطير اليوم، فالأفضل التركيز على الحاكمية الرشيدة والإصلاح الإداري والتشريعي، بما يطوّر أداء الدولة ومؤسساتها.
في مقابل وجهة النظر التقليدية هذه، فإنّ هناك من يرى أنّ غياب الضغوط الشديدة، الداخلية والخارجية، الفعّالة على الدولة، هي ما يعطينا بحدّ ذاتها فرصة ذهبية للمضي بإصلاحات داخلية سياسية مدروسة، غير متعجّلة، تهدف إلى تطوير الحالة الديمقراطية، في ظل الأزمة الداخلية في أوساط جماعة الإخوان المسلمين التي تمثّل العمود الفقري للمعارضة الشعبية اليوم.
لماذا الإقدام على إصلاح سياسي؟ لأنّ الاستقرار الحقيقي العميق يقوم على التوافق الداخلي، وخوف الناس من تكرار التجارب المحيطة هو استقرار بالمعنى السلبي، وليس الإيجابي، بينما الإيجابي الفاعل هو إدماج الشريحة الواسعة في لعبة ديمقراطية سياسية مدروسة هادئة، تعيد الاعتبار لمجلس النواب وللقوى السياسية، بما يرمّم القنوات الاتصالية المعطّلة بين الدولة والمجتمع-الشارع.
الحرب الحقيقية اليوم مع 'داعش' والراديكالية هي حرب النماذج. والأردن بحاجة إلى تقديم نموذج ديمقراطي معتدل ذكي، ما يعطي أيضاً انطباعات إيجابية للاستثمار والمستثمرين، ويؤمّن المعادلة الداخلية المتوترة والمضطربة، ويخلق تصوّراً واضحاً للآفاق المستقبلية.
الفرق بين وجهتي النظر السابقتين، أن الأولى تنظر من الزاوية السلبية لما يحدث في المنطقة ويطفو على السطح، وهي ذات منظور قصير المدى. أمّا الأخرى، فهي تنظر إلى المستقبل والمجال الاستراتيجي، والفرص الإيجابية المتاحة، بجرأة وشجاعة أكبر؛ فالخطورة ليست في المضي بمسار ديمقراطي مدروس، بل الرهان على الظروف الإقليمية وخوف الشارع من التجارب المحيطة، لأنّه يريدنا أن نبني تصورنا للمرحلة المقبلة على 'رمال متحركة'!
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو