الأربعاء 2024-12-11 05:55 م
 

والدة الحراكي

12:15 م

كان الإبن يشكل مصدر فخر ومباهاة للأم الأردنية , فأم الدكتور كانت دوما تصر على ذكر مهنة الإبن في جلسات النميمة والعزاء والمناسبات الإجتماعية التي تندلع في القرية ...وأم الضابط كانت دوما تربط الأحداث بإبنها كي يأتي ذكر وظيفته في الحديث وتخبر الناس بأنه ضابط. اضافة اعلان

أنا خذلت امي لم اصبح ضابطا ولا طبيبا ولا حتى مهندسا , ومهنتي لم تكن تعنيها كونها عاشت وماتت وهي لاتجيد القراءة أو الكتابة....وحتى أوضح لها معنى صحفي كنت أحضر الصحف وأجعلها تنظر إلى صورتي ...وأجعلها تنظر إلى مساحات الكتابة وأخبرها بأني من كتب هذا ..وكل ما كانت تفعله هو أن تهز رأسها قليلا من قبيل المجاملة ..وتمضي .
أهم إضافة شكلتها مهنتي لأمي هي أنها كانت تشعر بالفخر حين أحضر لها كمّا كبيرا من الجرائد القديمة من أجل استعمالها تحت الطعام وكانت توزع منها على الجارات وتعتبر الأمر مهما جدا …
في بلادنا تتنوع الأمهات فهناك أم الدكتور وأم المهندس وأم المحامي وأم الوزير ومؤخرا ظهرت صفه جديدة للأم وهي :- (والدة الحراكي( ومع الوعي والربيع العربي أظن أن الحراكي في المرتبة الإجتماعية لايقل أهمية عند أمه من الطبيب ...فهو يظهر على شاشات التلفاز ويشارك في المسيرات ويعتقل… وبما أن الطبيب هو مصدر حديث ومصدر فخر لأمه في المناسبات الإجتماعية فالحراكي أيضا قد يصبح كذلك …
مثلا من الممكن أن تقول عطوفة الوالدة وفي جلسة (تقطيف) ملوخية :- (والله إبني مشغول اليوم عندو مسيرة )...تماما مثل أم الطبيب حين تقول ومن قبيل المباهاة :- (والله محمد الله ايطول عمرو عندو عملية اليوم( ومن الممكن أن تتطور عملية المناكفة النسائية وتخبر(ام الحراكي) الجارات بأن ابنها :-.....(طلبوه الجزيرة بس ما رضي يطلع) ....وقد تتطور المفاهيم السياسية لدى أم الحراكي وتصبح لها ميول سياسية مماثلة لميول ابنها وتبدي رأيا سياسيا في مسألة رفع الأسعار كأن تقول :- ( بجاه هالحلابات ترفع عنهم رحمتك يا رب مثل ما رفعوا الغاز ) ...أو مثلا :- ( يلقاها في مالو وعيالو.....أن شالله ) .وتتطور المباهاه أيضا إلى حد أكبر وتخبر أم الحراكي الجارات عن أن إبنها رفض خطبة بنت ( أم العبد) لأنهم حين سألوا عنها إكتشفوا أنها شاركت في مسيرة (فزعة وطن) وهتفت ضد الاخوان.
وقد تفصح والدة الحراكي بأسرار إبنها لدى خالاته كأن تقول :- والله اليوم حكالي حمودة أنو عندو اعتصام ....ومسيرة ومو عارف وين ايروح وأنا قلت يمه الله ايوفقك ...بجاه النبي وين في عشا روح لأني مو طابخة اليوم (ولكن في لحظة ما تنهار أحلام ( أم الحراكي ) وفخرها كله ينهار حين يأتي إليها ابنها خارجا من بين يدي الدرك والبنطال ممزق من الجهة اليمنى وثمة كدمات على وجهه واثار دماء ...و(كتلة) محترمة …
ربما بعد هذا المشهد وفي اليوم التالي ستجلس (والدة الحراكي) مع الجارات وتقول لهن :- ( أنداري بقولوا عن النسور إنو ظالم ...والله انا بشوفو أنو زلمة محترم وزين ....وحتى حموده هيو بدو يطلع مسيرة تأييد للنسور) ..أحيانا أحمد الله أنه وهبنا الدرك فهو إضافة لكونه جهازا يضبط الأمن فله مهمة أخرى وهي تغيير قناعات الأمهات .


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة