تغني فيروزُ «يا فَرَحَ الحصادِ يا حَبيبي» فأُحاولُ أن أُحددَ مَنْ هُم العربُ الذين يعرفون «فَرَحَ الحصادِ» ويشاركوننا إيـّاه !
فللارض رائحةٌ وللقمح رائحةٌ وللحصاد فرحٌ ورائحة.
الله، ما اجمل رائحة القمح المشوي «الفريكة» الذي عندما تفركه بين يديك او تفركه على الغربال، تنبجس منه وقتنذاك، حبيبات الذهب الاصفر، التي اعتقد انني وكل من يعرف رائحة «الفريكة»، نفضّلها على كل عطور فرنسا.
اما الارضُ التي اصابها الهطلُ الرفيقُ للتو، فانها تتضوع برائحتها الخرافية الخلابة وتمنحها فقط الى من يدنو منها وهو في كامل انسجامه وفطرته وطهره وبراءته وشغفه.
هذا التعلق بالارض وتملق رضاها وعطائها هو حصري بمن ما يزال يتصل بها بذلك الحبل السُّري المتين الممتد بين المحبوبة والمحبوب الذي يلتف حول خاصرته ويطوقه ويستحوذ عليه ويضمه.
الذين يعرفون مكابدة الحصاد وفرحه هم اولئك الذين تجمعنا بهم وشائجُ الثقافةِ المشتركةِ والتكوينُ المتماثلُ والمزاجُ الأخضرُ الموحدُ و وحولُ المَرْجِ وثقافةُ الثّلج.
هم اولئك الذين يجمعنا بهم إلى الأبدِ، قلقُ انتظارِ الغيثِ و رجاءُ هطولِه ورائحةُ الترابِ المحروثِ وندى العشبِ ورقصُ «السَّبَلِ» في الحقولِ وضوعُ «الفريكةِ» الطازجة وذهبُ القمحِ على البيادرِ وكرنفالُ «المدارقِ» المطرزةِ و»الورّاداتُ» المتورداتُ الوجناتِ من تعبِ «القِرَبِ» وعناءِ القطافِ، والصبايا المتغاوياتُ بقلاداتِ العصملي والكشكشِ والضفائرِ المسدلةِ في دبكةِ «الحبل مودَّع».
اولئك الذين تجمعنا بهم خُضرةُ الزيتونِ ورحيقُه ورِفقُ الفراشاتِ ورقّتُها وبهجةُ زهرِ اللّوزِ وعطرُ زهرِ الليمون وتورد حَبّةِ تينٍ من خِدْرها والمًلبنُ والغبيبُ والزَّبيبُ والتطلي والرمانُ والعكّوبُ والخبيزة.
نحن اهل العمل والنحل والعسل الذي فيه شفاء للناس.
عندنا نحن، الفواكه التي ذكرها الرحمن في كتبه السماوية: التين والزيتون والعنب والرطب والزبيب والرمان والريحان والزنجبيل واليقطين والخردل والبقل والعدس والقثاء والثوم والبصل.
ونحن ابناء بلاد الشام، نحن أهل اللون. لا نغرق في أحاديته ولا نُغمض عمّا فيه من ثراء وسخاء.
نحن اهل لون قوس قزح الذي يزين سماءنا ويبهج فلاحنا ويستدرج بلبلنا ليصدح بموسيقى فتانة يسرّها لنا وحدنا. ونحن اهل لون المدارق المطرزة بالالوان الثلاثة الاساسية التي تنعكس اطيافها على وجنات وضفائر الصبايا وهن يتهيأن للحناء.
نحن الكنعانيون والمؤابيون والانباط والفنيقيون. نحن الذين ذرع الرسل والانبياء بوادينا وتلالنا ودروبنا وزرعوا فيها الهدى والبركة. ونحن الذين صنعنا الحروف الابجدية وسرينا بها الى العالم. ونحن الذين نحمي الاقصى والقيامة والابراهيمي. ونحن الذين لا تخشى مدننا هدير البحار. ونحن من نحت البتراء. ونحن المؤابيون نسل ميشع الذين هزموا العبرانيين على سفوح مادبا وذيبان .
نحن اهل الوسط والاعتدال الذين قدمنا النور للعالم ولم نقدم له المتطرفين والمغالين والوحوش.
ستنهض بلادي كالعنقاء وتعود بلاد الشام الى فرح الحصاد. وستظل القدس وبيروت ودمشق وعمان، اربع منارات هدى ومحبة وفرح. وكما كانت عبر التاريخ ستكون عبر المستقبل.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو