ربما كان التعديل الوزاري الذي طال وزارة التربية والتعليم هو الأكثر جذباً لانتباه المراقبين والمهتمين على الصعيد المحلي، وذلك يعود بحسب المراقبين إلى التغيّر الكبير بين شخصيتي الوزيرين المعنيين السابق واللاحق، من حيث المنهج والثقافة والرؤية والخلفية السياسية، فالدكتور محمد الذنيبات محسوب على الاتجاه المحافظ، وله خلفية تاريخية معروفة، فهو الأقرب إلى مساحة الإسلام السياسي، وإن كان قد غادر الالتزام الحزبي منذ فترة طويلة، بينما الدكتور عمر الرزاز محسوب على الاتجاه الليبرالي، وهو سليل عائلة تنتسب إلى مساحة العمل السياسي القومي، فهو ابن الشخصية المعروفة «منيف الرزاز» أحد مؤسسي حزب البعث العربي، لكن الدكتور عمر شخصياً ليس محسوباً على العمل الحزبي بكل أطيافه، وإن كان يملك رؤية سياسية واضحة تتعلق بإدارة الدولة الحديثة بكل مجالاتها.
استطاع الذنيبات خلال السنوات السابقة أن يقوم بدور مقدر على صعيد ملف امتحان الثانوية العامة، ولقد حقق إنجازاً ملحوظاً في ضبط الامتحان ووقف عمليات التسريب والغش التي كانت تتم عبر مافيات معروفة في هذا السياق، كما حاول وضع حد للتسيب الإداري والضعف العلمي لدى الطلاب، وانتقل إلى ملف المدارس الخاصة الذي يشكل عش الدبابير الحقيقي في هذا الملف، ثم كانت المحطة الأخيرة المتعلقة بتطوير المناهج التربوية التي شابها بعض الأخطاء وأحيطت بلغط شعبي واسع، وهنا نستطيع القول أن الذنيبات وضع بصمة واضحة وإيجابية في مجال التربية والتعليم لا ينكره المنصفون.
الوزير الجديد شخصية وطنية محترمة تستحق التقدير كذلك، وهو أمام ملف صعب يشوبه التعقيد، وليست مهمته سهلة، لأن الإصلاح لا ينحصر بالشخصية الأولى على صعيد المؤسسة، وإنما يدخل في عملية الإصلاح عناصر أخرى عديدة وعوامل كثيرة، تتعلق بشخصيات الوزارة القيادية ومستوياتها الإدارية، وأنماطها الهيكلية الراسخة، والأعراف المستقرة التي طال عليها الأمد، بالإضافة إلى الجو العام والبيئة المحيطة والظروف السياسية والاقتصادية المتشابكة والمعقدة على الصعيد المحلي والإقليمي، ونتمنى للوزير الجديد أن يتمكن من تحقيق نقلة نوعية إضافية على هذا الصعيد، وأن يتمكن من تحقيق التطور المطلوب على صعيد بناء الجيل بطريقة سليمة تلبي ما يصبو إليه الشعب الأردني كله.
وهنا ينبغي الالتفات إلى جملة من القضايا التي تستحق مزيداً من الحوار وتسليط الضوء عليها من مختلف الزوايا، من أجل تحقيق قدر من التوافق الشعبي والرسمي فيما يحقق المصلحة العامة، بعيداً عن أي لون من ألوان المناكفات السياسية والاختلافات الفكرية التي برزت في تغريدات وتعليقات المهتمين على وسائل التواصل الاجتماعي من الأحزاب والقوى السياسية والفكرية المختلفة، ومن أهمها:
أن قضية بناء الجيل الجديد، وبناء العقل الأردني قضية وطنية عامة، تنبثق من رؤية الدولة الموّحدة، ورسالتها الواضحة التي ينبغي أن تحظى بالتوافق والإجماع، ويجب أن تكون هذه المسألة بعيدة كل البعد عن حروب داحس والغبراء، وبعيدة عن النمط التقليدي في إثارة الانقسام بين مكونات المجتمع الواحد، وأن لا يتم السماح بإعادة إشعال الحرب بين فريقي العلمانيين والمتدينين، كما يحلو للبعض العمل على إطالة هذا الأمد من الصراع، والعمل على استمرار عمليات الاستقطاب التي تؤدي إلى بروز أدوار شخصيات معينة تتغذى على هذا النوع من الصراع المجتمعي، وتحقق حضورها من خلال إبقاء شعلة الانقسام فتصبّ الزيت على النار بطريقة ممنهجة و متعمدة.
نحن نريد تطوير العملية التعليمية من حيث الأساليب الحديثة التي تعتمد الحوار والقدرة على التعلم وبناء المنهج العلمي في التفكير وإيجاد العقلية الناقدة، والبعد عن التلقين، وفي الوقت نفسه نريد للتعليم أن يكون ضمن إطار منظومة القيم الحضارية النبيلة، وتعزيز الهوية الثقافية للأمة، وإيجاد الجيل المنتمي لأمته وحضارته ، والذي يملك القدرة على الانتاج والقدرة على الابداع والابتكار الممزوج بحسن الخلق، والسلوك القويم واحترام الآخر والتسامح مع الاختلاف والإقرار بالتعددية، وضرورة الابتعاد عن التطرف ومظاهر الإقصاء والعنف والتعصب بكل أشكاله من جميع الأطراف، فنحن جميعاً أبناء وطن واحد وشعب واحد وأمة واحدة، وحضارة عربية واحدة، ومستقبلنا واحد ومصلحتنا مشتركة، رغم وجود الاختلاف في الفكر والدين والمذهب والجهة واللون والعرق.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو