الأربعاء 2024-12-11 09:26 م
 

وسيلة .. وهدف

09:03 ص




ابتدأت «الديمقراطية» في اسبارطة قبل بدئها في «أثينا» بمئة عام على وجه التقريب. وكانت «اداة» لدفع الاسبارطيين الى الحرب التي شنتها العسكرتاريا الاسبرطية التي هيمنت انذاك على المدن اليونانية الاخرى.. ولما قامت «ديمقراطية اثينا» كان «اداة» للطبقة العليا في شتى فئاتها, تؤكد من خلالها نفوذها على بقية طبقات المجتمع. ولم يكن مفهوم «المواطنة» منسحباً على هذه الطبقات. إذ كان محصوراً في الاحرار دون العبيد, وفي الرجال دون النساء – فقد اعتبرت المرأة روحاً بخسة – وفي اهل المدينة دون الاغراب, وكان لكبار التجار وقوّاد العساكر الكلمة الفصل واليد العليا في التجربة الاثينية.اضافة اعلان


هذه السمة التي تجلّت في الديمقراطية في تجربتيها المبكرتين الاولى والثانية, أقصد كونها «أداة» لغايات يرسمها ذوو النفوذ, تدفع بالعقل الى أن يتساءل عما يريد العرب اليوم بهذه الديمقراطية التي ينتحلون, وعن أي مقاصدهم منها, طالما استقر في الاذهان أنها «اداة» لا غاية في حد ذاتها, وأنها سبيل مفضية الى هدف أو مجموعة أهداف.

إن بنا أن نقول مطمئنين الى واقعية ما نقول: إن من شأن العرب أن يتوخّوا بديمقراطيتهم (بما هي اداة) القوة والوحدة والمنعة, وأن يؤكدوا حضورهم القيمي في التاريخ الانساني.. ولعل بعضنا أن يذهب وراء ذلك فيقول: إن من شأن الديمقراطية اذا كانت انعكاساً لارادة الامة, وأداة لتحقيقها, أن تفضي بنا الى اقامة كينونة عربية اسلامية معتبرة, أو أن تقفنا على اسباب ذلك في اقل تقدير.

أما أن تكون «الاداة» هي الغاية التي ما وراءها غاية, فإن ذلك هو العبث بعينه. وهو لا يثمر – فيما تؤكده التجارب–الا ضروباً من التغابن والتظالم والمخادعة والمراءاة, والا الفتنة بعد الفتنة والاقتتال بعد الاقتتال.

رب قائل إن الديمقراطية مبدأ ودين وفلسفة وانها أبعد غايات الوجود الانساني. فإن كان مثل هذا القائل عاقلاً قلنا على الفور إنه يلبّس علينا ويمكر بنا, وإن كان مختل العقل فإن من مقتضى احترامنا لأنفسنا أن لا نأخذ ما يقول بعين الاعتبار.

ومهما يكن الامر فإن السؤال سيظل قائماً:
*ماذا تريدون بديمقراطيتكم أيها العرب, وأي الغايات تستهدفون؟؟


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة