يا قلبُ اخفضْ ضجيجك

تشعر أحياناً أنّ في قلبك حاراتٍ و شوارع و عماراتٍ و كراجاتٍ..تشعر أن الكون كله في قلبك ..يستوطن هناك ولا يترك لك مجالاً للتنفس ..وأنت في كونك الذي في قلبك؛ تبحث عن زاويةٍ واحدةٍ فقط ؛ تنكمش فيها ..تراقب كل ما يجري بك ..ووسط هذا الضجيج تبحلق مليون مرّة في اليوم لكي تستطيع أن تظفر بحِجْر تضع رأسك عليه ..تغمض عينيك وتبكي بدموعٍ حارقة ..حِجْر يكون عالمك بتلك اللحظات ..!

تريد أن تسرق من الزمن بعض الزمن ..أن تختفي أنت و عيونها الهندية و تحسبه وقتاً مستقطعاً لا يلهث خلفك أو معك إلاّ حرّاس السماء الذين يؤمّنون لك المكان كلّه و يجعلونك تبكي بحِجْرها كما تشاء ..وهي لا تتوقف عن اللعب بشعرك الذي زاد بياضه عن سواده..!

تريد أن يكون لقلبك الحامل ضجيج الكون ساحة حريّة ..تترك لسانه يضحك مرّة ؛ يبكي مرّة ؛ يسخر مرّة ؛ يتلوّى على ما فات من زمن ولم تظفر بهكذا (سرقة زمنيّة) ..!

لكن شوارع قلبك و عماراته و حاراته و كراجاته تمنعك من الوصول إلى (همسة) وسط هذا الضجيج ..قلبك هو من يقود الضجيج ..و الحِجْر لن يسمعك إذا ما صرخت فكيف إذا ما همست ..!

اخفضْ ضجيج قلبك ..فرّغْ خارطة القلب من تضاريسه التي أنزلتها عليه يخلُ لك وجه الحِجْر ..ساعتها ستهمس كما تشاء..وسيكون لك الزمن الذي تلهث وراءه ..! زمن ليس مسروقاً بل مقطوعا من الأبهة..!

أعلم أنك لن تستطيع فعل ذلك ..فقلبك ليس معجونة تشكله كيف تشاء ..لكنك ستظلّ تحاول و تحاول كي تقول للحِجْر : أخيراً صار للذات انتصاراتٌ غير مدفوعة الخوف ..!