الجمعة 2024-12-13 07:11 ص
 

2013 .. عام نصف الحسم

07:05 ص

شكّل العام 2013 امتداداً زمنياً وسياسياً وإنسانياً لعامين سبقاه هما عاما ما يسمّى «الربيع العربي».اضافة اعلان

ورغم أن بعضهم اعتقد أن أحداث العام 2011 هي الحسم والنهاية لبداية «الربيع»، إلا أن تطورات الأمور أبقت الباب مفتوحاً لسؤال الحسم الذي انتظرناه في العام التالي، لكن العام 2012 أبقى كثيراً من الاحتمالات والخيارات مفتوحة وقائمة محلياً وعربياً، لندخل عامنا الذي على وشك الرحيل بالأجندة نفسها للعامين اللذين سبقا، وهذا الأمر سينطبق على العام الجديد الذي سيكون في ساحات وملفات عديدة استمراراً لأحداث الأعوام الماضية.
الأردن دخل العام 2013 وهو في آخر الاستعدادات للانتخابات النيابية التي جرت في 23/1، وهي الانتخابات التي كان عقل الدولة يريدها تتويجاً لمرحلة مهمة من الإصلاحات، وبداية لمرحلة جديدة من الإصلاح، وشهدت تلك الانتخابات محطات تشاؤم وخوف من التأجيل نتيجة حداثة عهد الهيئة المستقلة، ومقاطعة أرادتها جماعة الإخوان رسالة نفوذ وهيمنة على قرار الدولة، وأداة لفرض الشروط، إضافة إلى مخزون تجارب سلبية في عقول الأردنيين يدفع لحماسة متواضعة على صعيد المشاركة.
لكن انتخابات 2013 كانت بالنسبة للدولة اختباراً مفصلياً، وكان بعضهم يراهن على الفشل، لكن المرحلة تم تجاوزها بنِسَب نجاح معقولة جداً، وجاء مجلس النواب 17 الذي سيكمل عامه الأول خلال أسابيع.
وكانت الانتخابات البلدية في آب 2013 لتكون العملية الانتخابية الثانية خلال عام، وكانت الرسالة الأردنية أن الدولة بكل مكوناتها تمارس خياراتها بسلمية وعبر عمليات سياسية مقابل مشهد شبه إقليمي تسود فيه لغة القلق والاضطراب وزيادة منسوب الفوضى السياسية والأمنية، حتى مع قرب مؤتمر «جنيف 2» الذي لا ندري إن كان سيعقد أم لا.
لكن الملف الضاغط على الدولة هو الملف الاقتصادي الذي لم يحسمه تبني حكومات العامين الأخيرين برنامجَ إصلاح اقتصادي كان جوهره إزالة الدعم عن المحروقات والكهرباء مع تعويض فئات من المواطنين، وما زال الاقتصاد الأردني يعاني نتيجة تراكمات مراحل وسياسات سابقة، إضافة إلى الأعباء على الخزينة نتيجة أزمات المنطقة وتأثيراتها المباشرة وغير المباشرة في الأردن.
لم يحسم برنامج الإصلاح الاقتصادي الأزمة الاقتصادية، وما زالت بعض القرارات الصعبة متوقعة، بل إن بعض الخبراء المتحمسين لبرنامج الإصلاح يرون أن انحرافاً تم عن البرنامج، مما قلل من آثاره في إنقاذ الاقتصاد وحمايته.
ومن الداخل إلى قضايا الإقليم، نجد التداخل الكبير بين القضايا الكبرى، كما إن غياب الحسم عامل مشترك بين قضايا الداخل والخارج. ويأتي الملف المصري فارضاً نفسه على قضايا الإقليم، وبخاصة بعد ثورة 30/6 التي عزلت نظام حكم الإخوان ورئيسه محمد مرسي، لكن مصر دخلت مساراً جديداً عنوانه القلق والاضطراب الأمني، وتحول «الإخوان» من الحزب الحاكم إلى حزب هارب محظور متهم بالمسؤولية عن أعمال التفجير والإرهاب والتطرف.
ورغم أن النظام الجديد في مصر قد أنجز الدستور وسيقدمه للاستفتاء الشعبي منتصف كانون الثاني المقبل، إلا أن الوضع الأمني يزداد صعوبة، وربما يفتح هذا الباب أمام خيارات حسم غير مألوفة في سيناء وجارتها غزة.
أما سوريا، فإن العام 2013 قد حمل مزيداً من عوامل القوة والسيطرة للنظام السوري، إلا أنه لم يعطه القدرة على حسم الصراع، لكن النظام مر بمرحلة صعبة كان فيها خيار الضربة العسكرية قائماً، لكنه افتداها بما لديه من أسلحة كيماوية بمساعدة من حلفائه، لكن زيادة مساحة الدم بقيت قاسماً بين سنوات الأزمة.
اليوم، على الأرض السورية فسيفساء متناقضة للمعارضة السورية تتوزع على جغرافيا الاعتدال والتطرف واللا هوية، وكلما اقترب الموعد المضروب لـ «جنيف 2» ازدادت التوقعات تشاؤماً بانعقاد المؤتمر أو على الأقل وصوله إلى بداية طريق الحل.
وامتد مسلسل غياب الحسم عن الحالة التونسية والليبية وحتى اليمنية، وحتى الملف النووي الإيراني فإن كل أطرافه كانت معنية بتسويقه على أنه نهاية المطاف وانتصار للجميع، لكن ما تم من اتفاق حتى الآن لا يمكن وصفه بأكثر من وصفة لتفادي فكرة الحل العسكري، وفتح الأبواب أمام القيادة الإيرانية الجديدة للتخلص من آثار عقوبات أنهكت الدولة والاقتصاد الإيراني، وبخاصة بعد انغماس إيران في الملف السوري عسكرياً ومالياً.
أما الملف المتخم بعدم الحسم منذ القرن الماضي، فهو الملف الفلسطيني الذي يشهد تفاؤلاً من طرف واحد هو وزير الخارجية الأميركية قائد الوساطة والدبلوماسية الأميركية، لكن الجميع يدركون أن الحل الحقيقي والنهائي شائك لأنه لا يمكنه تجاوز أركان القضية وهي: الدولة المستقلة، والقدس، واللاجئون، وحق العودة.
الحديث النظري أن الربيع المقبل قد يحمل التسوية، لكن الأحاديث النظرية عبرت إدارات أميركية متعددة، وأعواماً أكثر.
عام نصف الحسم أو ربعه ليس صفة حصرية للعام 2013 .. هذا العام الذي يوشك أن يرحل شهد محطات مهمة، تميز تحالفات ومحاور في المنطقة، لكن حجم القلق والاضطراب في الإقليم يجعل صفة عدم الحسم ممكنة لأعوام مقبلة.


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة