السبت 2024-12-14 06:24 م
 

800 طفل يمتهنون نبش النفايات وسط مخاطر صحية عديدة أبرزها الكزاز

12:40 م

الوكيل - يبدأ نهاره في السادسة صباحا، يتجه نحو حاويات القمامة، يغوص فيها باحثا عن كل ما له قيمة، وينتهي يومه في السابعة مساءً على وجبة عشاء تجمع أفراد العائلة على بقايا طعام وجدها خلال نبش النفايات. اضافة اعلان


يجلس علي (14 عاما) مع أسرته المكونة من ستة أفراد على وجبة طعام مكونة من أرز مطبوخ ولحم معلب وجد في أحد الحاويات، بدون إدراك منهم خطورة تلك الوجبة التي غالبا ما تكون فاسدة ومنتهية الصلاحية.

بلهجة تتسم بالثقة بالنفس يقول علي 'الشغل مش عيب، نحن نعمل كي نعيش'. ويستعرض علي (الذي يمتلك بنية جسدية صغيرة توحي بأنه أصغر من عمره الفعلي) أنواع الخردة التي يجمعها من الحاويات، التي تنقسم بشكل أساسي إلى أربع فئات 'البلاستيك، الحديد، علب المشروبات الغازية والخبز الجاف الذي يباع كأعلاف للماشية'.

وإلى جانب الخردوات التي تباع لاحقا لتجار الخردة بعد فرزها وفقا للنوع، فإن الحاويات قد تكون مصدرا لحاجات أخرى تصلح لاستعمال الأسرة كبقايا الطعام وألعاب بالية تشكل مصدر بهجة لأطفال العائلة.

علي واحد من 800 طفل يعملون في نبش النفايات، وفقَ تقديرات دراسة أعدَّها مركز العمل الاجتماعي حول المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية والصحية لعمل الأطفال في الأردن العام 2010.

وتصنف وزارة العمل نبش النفايات ضمن أسوأ وأخطر أنواع عمالة الأطفال، في وقت يشكل الأطفال العاملون في جمع النفايات 13 % من مجموع عمالة الأطفال في الأردن المقدر عددهم بـ6120 طفلا عاملا، وفقا لذات الدراسة.

يقر أبو علي الذي التقته 'الغد' في إحدى مناطق تجمع العائلات التي تعمل في مجال فرز النفايات، أن 'اسلوب الحياة هذا ليس ما أتمناه لأبنائي، لكن قله الحيلة فرضت علينا أن نعيش بما لا نرضى'.

ويتابع 'عندما يبلغ أبنائي سن السادسة ألحقهم بالمدارس الحكومية لكنهم يواجهون برفض المعلمين والطلبة لهم، لكونهم ينتمون لأسر تعمل في جمع النفايات'.

ويقول 'بماذا سيفيدهم العلم، الشغل أصلح لهم من أن يكونوا محط سخرية بين الأولاد'، مقللا من المخاطر المحيطة بأبنائه جراء العمل في مهنة تصنف ضمن أسوأ أنواع عماله الأطفال، وبجملة مقتضبة ينهي الحوار 'الله اللي بحمي'.

دراسة أعدتها أمانة عمان الكبرى العام الماضي وشملت 116 'نابشا' و15 'وسيطا'، يعتاشون على 'نبش النفايات'، كشفت أن 96 % منهم لا يعون خطورة مهنتهم، لجهة الأمراض التي يمكن أن تصيبهم، خصوصا مرض الكزاز (التيتانوس)، في حين يبقى الأطفال العاملون في هذا المجال أكثر تعرضا للمخاطر الصحية لعدم درايتهم بكيفية التعامل مع النفايات.

'الله اللي بحمي' مقولة تنطق كذلك بحال صدام وشقيقه حسن، اللذين فصلتهما ثوان معدودة عن تعرضهما للموت جراء حادث دهس من قبل جرافة مسرعة على شارع رئيسي في منطقة ياجوز.

ورغم نجاح صدام وشقيقه (13 و12 عاما) في الهرب من موت محتم، وفق مشاهدات مندوبة 'الغد'، لكنهما لم يفلحا في إنقاذ الغلة التي جمعوها بعد عناء من حاويات المنطقة، فما كان منهم سوى أن ينهالا بالشتائم والسباب على سائق المركبة الذي بدوره لم يعرهما أي اهتمام.

أضرار بليغة لحقت بعربة صدام التي هي بالأصل عربة أطفال، كان قد وجدها سابقا بجانب إحدى الحاويات، أما الخردة فاضطر إلى إعادة جمعها من نصف الشارع الذي يشهد حركة مرور كثيفة.

بالنسبة لصدام، فإن العائد المالي يستحق المغامرة، فكيلو علب المشروبات الغازية يباع بـ75 قرشا، أما الحديد 15 إلى 20 قرشا للكيلو، البلاستيك 30 قرشا، والنحاس الأغلى ثمنا، يباع الكيلو بدينارين ونصف'.

ووفق ذات الدراسة التي أعدَّتها أمانة عمان الكبرى، فإن الدخل الشهري المتأتي لـ'نابشي النفايات'، يتراوح من 300 إلى 900 دينار.

ورغم أن غالبية العاملين في مجال فرز النفايات من الذكور، لكن بعض فئات المجتمع لا ترى ضيرا في تشغيل الفتيات في تلك العمالة، باعتبارها مهنة عائلية، فصباح (19 عاما)، تعمل في هذا المجال منذ خمسة أعوام، كما أنها مهنة والدها وزوجها.

قبل ثلاثة أعوام تعرضت صباح لجرح عميق في رأسها نتيجة ارتطامه بطرف حاد بأحد الحاويات، الجرح تطلب تدخلا طبيا وثماني غرز بالرأس.

ولا يبدو الضرر الصحي مهما لدى صباح، بقدر الضرر المادي الذي نجم عن الإصابة، فقد اضطرت لدفع مبلغ 50 دينار للطبيب المعالج.

ففي حين لا يعد نبش الحاويات جريمة يعاقب عليها القانون، لكن هذا النوع من عمالة الأطفال يقود الأحداث ببعض الأحيان إلى الانحراف والتوجه إلى السرقة والتسول.

صالح الذي يعمل في نبش الحاويات مع والده وأشقائه الأربعة، أغرته العوائد المالية من بيع الخردة، فقام وأصدقاءه بسرقة خزان مياه من بناية مهجورة وباعه مقابل 95 دينارا.

ويقول صالح الذي التقته 'الغد' 'شعرت بسعادة كبيرة بالمبلغ الذي حصلت عليه، لكن اثر تلك السرقة تم احتجازي في أحد مراكز إصلاح وتأهيل الأحداث ليخرجني والدي بعد فترة بسيطة بكفالة مالية'.

وعلى العكس من صالح الذي قاده العمل في نبش النفايات إلى السرقة، فإن زيد الذي يعمل في ذات المجال حالفه الحظ بأن التحق بمركز العمل الاجتماعي، حيث يتلقى اليوم أربع ساعات من التعليم الأكاديمي ضمن إطار التعليم للأطفال المتسربين من المدارس تمهيدا لدمجهم في التعليم المهني.

زيد (13 عاما)، ترك المدرسة في الصف الثاني، ليلتحق بالعمل مع والده وأخوته في نبش الحاويات، ليكوِّنَ على مدار ستة أعوام خبرة في التعامل مع النفايات الخطرة.

ويقول زيد الذي التقته 'الغد' في المركز الذي يقع في ماركا الجنوبية 'حين أمسك البطارية احرص على تفريغها من ماء النار الذي بداخلها لتجنب أي حروق ممكنة، كما أحرص على ارتداء أحذية طويلة لتجنب التعرض لجروح جراء الزجاج المتكسر والمعادن الصدئة'.

ويبين زيد أنَّ تلك الخبرة كوّنها بعد أن تعرض لإصابات عدة، مشيرا بإصبعه إلى جروح قديمة تغطي يديه وقدميه.

ورغم نجاح الباحثين الاجتماعيين التابعين لمركز العمل الاجتماعي في إقناع والد زيد بضمه للمركز ليستكمل تعليمه، لكنهم لم يتمكنوا من سحبه من سوق العمل، إذ يرافق زيد والده في العمل من السادسة وحتى العاشرة صباحا، بعدها يتوجه للمركز ليتلقى أربع ساعات من العلم.

التعليم الذي يتلقاه زيد في المركز يؤهله للحصول على شهادة الصف العاشر، وبعدها سيلتحق بمؤسسة التدريب المهني للحصول على شهادة فني كهرباء سيارات، ليحقق حلمه 'بالتخلص من العمل في الحاويات ويبدأ حياة جديدة'.

وتنشر 'الغد' على موقعها الإلكتروني مقابلات فيديو مع عدد من الأطفال العاملين في نبش النفايات التقتهم في مناطق طبربور وماركا الجنوبية وياجوز والرصيفة وتلاع العلي وبيادر وادي السير ودير غبار، تحدثوا عن طبيعة عملهم.

الفقر الدافع الرئيسي

وتقول مديرة مركز العمل الاجتماعي نهاية دبدوب إن 'غالبية الأطفال العاملين في هذه المهن ينتمون إلى أسر فقيرة، وغالبا ما تتسم العائلة بتعدد الزوجات وكثرة الأبناء'، مبيِّنَة أنَّ 'العمل في هذا المجال يكون على شكل عمل أسري ويندرج ضمن ثقافة الأسرة والمجتمع المحيط بها'.

وتؤكد أن 'العمل في هذا المجال لا يقتصر على فئة معينة من المجتمع، إنما متواجدة بين فئات عدة ومنتشرة في كافة مناطق المملكة'، مبينة أن 'معالجة هذا النوع من العمالة يتطلب دراسة معمقة في أسبابها'.

ويتفق مدير برنامج مكافحة عمل الأطفال عبر التعليم وليد الطراونة مع دبدوب في أن 'الأوضاع الاقتصادية أبرز أسباب عمالة الأطفال في هذا المجال'، لكنه يلفت إلى عوامل أخرى 'كالظروف الاسرية والبيئة التعليمية داخل المدارس والعنف المدرسي والجانب الاجتماعي المتمثل في عدم إدراك خطورة هذا النوع من العمالة والتي غالبا ما تورث'.

بيد أن الطراونة يوضح أن 'الفقر ليس بالضرورة الدافع الرئيسي للعمل بنبش النفايات، كونه يندرج بشكل أكبر تحت نطاق الثقافة المجتمعية للأسر العاملة في هذا المجال، فضلا عن الدخل المرتفع المتأتي مقارنة بالمهن الأخرى وعدم حاجته إلى مهارات مهنية'.

فجوة في التشريعات

الفقر وغياب تشريع واضح يمنع عمالة الأطفال في نبش النفايات يفاقم من المشكلة، وسط تنصل مؤسسات الدولة المختلفة بمسؤوليتها عن حماية هذه الفئة.

فوزارة العمل تؤكد أن الأطفال العاملين في نبش النفايات يعملون لحسابهم الخاص، وبالتالي فإن قانون العمل لا يشملهم كون القانون معني بالمنشآت فقط، أما وزارة التنمية الاجتماعية تبين أنَّ 'أيا من التشريعات التي تحكمها لا تنص على هذه الفئة، فالعبث بالنفايات لا يستدعي الحماية وليس فعلا يجرم عليه القانون، خلافا للافعال التي ينص عليها قانون الأحداث'.

ويقول الناطق الإعلامي بوزارة التنمية الاجتماعية الدكتور فواز الرطروط إن 'مهمة الوزارة في مكافحة عمل الأسر بجمع النفايات يكون من خلال توفير الدعم المالي عبر صندوق المعونة الوطني في حال كانت الأسرة محتاجة'.

ويتابع 'فيما يخص حماية الأطفال، تلتزم الوزارة بقانون الأحداث بسحب الطفل من محيطه في حال كان المحيط يهدد سلامته وخطرا عليه، وتقديم الحالة للمحكمة لأخذ الإذن بنقله إلى مؤسسات الرعاية الاجتماعية'.

ورغم أن المادة 31 من قانون الأحداث حدَّدت فئات الأطفال التي تحتاج إلى الرعاية والحماية، وشملت الأطفال الذين يستغلون بأعمال التسول أو بأعمال تتصل بالدعارة أو الفسق أو إفساد الخلق، أو خدمة من يقومون بهذه الأعمال أو في أي أعمال غير مشروعة، لكنها لم تشتمل على فئة الأطفال الذين يتم استغلالهم في جمع النفايات.

ويشدد الرطروط على أن 'عمل الأطفال في نبش النفايات يقع ضمن نطاق مسؤولية وزارة العمل'، مستشهدا بقانون العمل الذي ينص على أنه 'لا يجوز تشغيل الحدث الذي لم يكمل الثامنة عشرة من عمره في الأعمال الخطرة أو المرهقة أو المضرة بالصحة'.

من جهتها، تؤكد رئيسة قسم عمالة الأطفال في وزارة العمل شيرين الطيب أن 'وزارة العمل وفقا لقانونها معنية بمتابعة الأطفال الذين يعملون ضمن منشأة، وليس من يعملون مع أسرهم في أعمال حرة'.

وتقر الطيب أن 'التشريع الأردني لم يغط هذه الفئة سواء في قانون العمل أو قانون الأحداث'، لكنها تلفت إلى الإطار الوطني لمكافحة عمالة الأطفال الذي نص على أن تكون وزارة التنمية الاجتماعية هي الجهة المسؤولة عن مكافحة هذا النوع من العمالة.

وأوكل الإطار لوزارة التنمية الاجتماعية مسؤولية حماية الأطفال العاملين لحسابهم الخاص، والذين صنفهم الإطار على أنهم 'فئة الأطفال المعرضين للخطر'.

واقع حال مؤسسات التنمية الاجتماعية يظهر اسحتالة تأهيل هؤلاء الأطفال في مؤسسات الرعاية، خصوصا أن 'مؤسسات الرعاية الاجتماعية التابعة للوزارة تعتمد على مبدأ الإيواء سواء كان للأطفال المحتاجين للحماية أو الأحداث الجانحين، في حين تخلو من أي خدمات تقدم لتأهيل الأطفال ضمن برامج تربوية نهارية، تضمن بقاء الطفل في نطاق أسرته.

الأصل الالتزام بروح القانون

المستشار القانوني سائد كراجة يستغرب تنصل مؤسسات الدولة في تحمل مسؤوليتها تجاه هذه الفئة من الأطفال وإلقاء كل جهة المسؤولية على غيرها.

ويبين 'على الدولة مسؤولية تحقيق المصلحة الفضلى للطفل وحمايته، وهو منصوص عليه في الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل التي صادق عليها الأردن فضلا عن القوانين والتشريعات الوطنية'.

لكن كراجة يلفت إلى خلل في التشريعات التي رغم أنها تنص على إلزامية التعليم ومنع عمل من هم دون 16 عاما، لكنها لم تتضمن عقوبات لمشغلي الأطفال وأولياء أمورهم.

وتنص المادة 10 من قانون وزارة التربية والتعليم أن 'التعليم الأساسي تعليم إلزامي ومجاني في المدارس الحكومية'، ولكنها لم تفرض العقوبات على ولي أمر الطفل أو من هو موكل برعايته في حال تركه للمدرسة والتحاقه بالعمل، مثلما أنها لم تعط الوزارة الآليات التنفيذية الكافية لضمان تنفيذ القانون، مما يترتب عليه ظهور أو نشوء ظاهرة التسرب من المدرسة' وانخراط هؤلاء الأطفال في سوق العمل.

ويبين كراجة أن ذات المسألة تنطبق على قانون العمل فرغم أن نبش النفايات ليس مهنة معترف بها أو مرخصة رسميا، إلا أنَّ المخاطر المرتبطة بها ينطبق عليها ما ورد بقانون العمل حول تشغيل القاصرين.

ويلفت كراجة كذلك إلى اتفاقية حظر أسوأ أشكال عمالة الأطفال والاتفاقية الدولية لحقوق الطفل واللتين تنصان على اتخاذ تدابير تكفل حظر أسوأ أنواع العمالة وتحقيق المصلحة الفضلى للطفل، فضلا عن قانون الأحداث الذي ينص على مسؤولية الدولة في حماية ورعاية الأطفال المعرضين للخطر.

ويبين كراجة أنه 'رغم الكم الكبير للتشريعات التي تؤكد على ضرورة حماية الأطفال من العمالة الخطرة بما فيها نبش النفايات، لكن لا يوجد أي مواد قانونية او إجراءات لضمان سلامة هؤلاء وتوفير مستقبل أفضل لهم.

مخاطر صحية عدة

الظروف التي يعيشها الأطفال العاملون في جمع النفايات تجعلهم ضمن خانة الأطفال المعرضين للخطر نظرا للمخاطر الصحية الكبيرة التي يتعرضون لها في عملهم.

ويبين مستشار الطب الشرعي والخبير لدى الأمم المتحدة في مواجهة العنف الدكتور هاني جهشان أن 'هذه الفئة من الأطفال عرضة للجروح القطعية التي تسببها الأجسام الحادة كالزجاج المكسور والسكاكين وأغطية المعلبات، موضحا أنه 'بسبب تلوث تلك الأجسام يكون الأطفال عرضة لمرض الكزاز (التيتانوس) والالتهابات الخمجية'.

ويبين جهشان أن 'الأطفال يتعرضون لهذه المخاطر بنسبة أكبر من البالغين بسبب نقص المعرفة والخبرة وغياب الفطنة لتقدير المخاطر الكامنة في النفايات'.

ويشير جهشان إلى مخاطر إصابة الأطفال بالتسمم جراء تناولهم أطعمة من الحاويات، فضلا عن تعرضهم لمواد سامة من النفايات الصناعية كالمركبات الفسفورية العضوية والمبيدات الحشرية والمواد الكيماوية الحارقة.

ويلفت إلى احتمال وجود نفايات طبية من المستشفيات والعيادات نتيجة التراخي بالتخلص منها حسب الأصول الفنية، التي تتضمن مخاطر التعرض للمواد البيولوجية والمواد الكيماوية الخطيرة والسامة والعقاقير الطبية، وهناك خطر التعرض أثناء النبش للزرق العرضي بالمحاقن الطبية المستعملة، والتي تحمل مجازفة بتلوثها بالأمراض الخطيرة مثل الإيدز والتهاب الكبد الوبائي.

ويزيد أن التعرض لكرب حَمل النفايات الثقيلة لمسافات طويلة يؤدي لمشاكل في العضلات والعظام فضلا عن التعرض لمخاطر الأمراض المنقولة بواسطة الذباب والبعوض والفئران والحشرات والحيوانات الأخرى التي تشكل النفايات البيئة الخصبة لتكاثرها.

ويشير إلى المجازفة بإصابة الأطفال بداء الكلب في حال تعرضهم للعض من الكلاب الضالة والتعرض للحروق بسبب اشتعال النفايات ومخاطر التعرض للاختناق.

وحول الأمراض التنفسية يوضح أن 'سرعة تنفس الأطفال عالية، لذلك هم معرضون لمخاطر استنشاق المواد السامة أكثر من البالغين، وأيضا بسبب رقة الجلد لديهم، فهم معرضون للجروح والحروق ولامتصاص المواد السامة أكثر من البالغين'.

ويحذر جهشان من أن نابشي النفايات من الأطفال إن كانوا إناثا أو ذكورا هم عرضة لكافة أشكال العنف، فهم يشكلون فريسة سهلة المنال للاستغلال الجنسي، ويتعرضون للملاحقة والعنف الجسدي من قبل السكان ومن قبل الشرطة وموظفي الخدمات الاجتماعية، ولمخاطر المنافسة في بعض الأحيان من قبل نابشي النفايات الآخرين.

مسؤولية مشتركة لكل المؤسسات

ويبدو جليا جهل وأحيانا أخرى استخفاف أولياء أمور هؤلاء الأطفال بالمخاطر الصحية التي يعرضون أبناءهم إليها، خصوصا أن نبش النفايات يندرج تحت بند الأعمال الخطرة.

وتقر دبدوب أن مركز العمل الاجتماعي لم يتمكن من إقناع الأهالي بخطورة عمالة الأطفال، مبينة أن 'ما تمكنا من تحقيقه هو موافقة الأهل على التحاق أبنائهم بالمركز لمدة 4 ساعات يوميا خمس أيام في الأسبوع شريطة أن لا ينقطعوا عن العمل'.

ويعد مركز العمل الاجتماعي المبادرة الوحيدة لسحب الأطفال من سوق العمل بما فيهم العاملين في نبش النفايات، ويغطي المركز مناطق عمان الشرقية والزرقاء فقط، في وقت يدرس به المركز، وفق دبدوب، التوسع لشمول محافظات أخرى.

يوفر المركز التعليم غير المنتظم للطلبة المتسربين، حتى يتم تحويلهم إلى التدريب المهني بعد أن يجتازوا الصف العاشر، أو حتى استكمال دراستهم الاكاديمية في حال كان مستواهم الاكاديمي يسمح بذلك

لكن دبدوب توضح أن 'مواجهة هذه المشكلة تتطلب تنسيقا على مستوى الدولة يشمل وزارات التربية والتعليم والتنمية الاجتماعية والعمل وأمانة عمان'.

وترى دبدوب أن 'العلاج الأمثل لهذه المشكلة من خلال سحبهم تدريجيا من سوق العمل عبر مراكز التعليم غير المنتظم وتكثيف حملات التوعية للأسر والمجتمع المحلي بخطورة هذا النوع من العمالة وآثاره السلبية على صحتهم مستقبلا'. وفي هذا الإطار يدعو الطراونة إلى إيجاد آلية تفرض على الأهل التعهد بعدم تشغيل أبنائهم في المهن الخطرة غير المنظمة، فضلا على إعادة دمج هؤلاء الأطفال في التعليم عبر التعليم غير النظامي.

وإلى حين إيجاد تلك الآلية التي تضمن حماية الأطفال العاملين في نبش النفايات يبقى هؤلاء عرضة للتهميش والتميز ضدهم، إذ يشير جهشان إلى الضرر النفسي والأثر مباشر على التطور الطبيعي لشخصية الأطفال نتيجة للوصمة المتعلقة به، ويتفاقم ذلك بسبب غياب التعليم وغياب الحياة الاجتماعية الطبيعية.


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة