علي عبدالعزيز سنجلاوي - تُشير سجلات إدارة السير المركزية في مديرية الأمن العام وإحصائيات الجمعية الأردنية للحد من حوادث الطرق إلى أن الأردن وخلال السنوات العشر الماضية شهد وقوع مليون و (44) ألف حادث سير, بمعدل (100) ألف حادث سير سنوياً, نتج عن هذه الحوادث خسائر بشرية فادحه بلغت ( 8000 ) وفاة و ( 172 ) ألف جريح, والكلفة التقديرية المباشرة لهذه الحوادث بلغت (3) مليارات دينار بمعدل ( 300 ) مليون دينار سنوياً, وهذه الأرقام جعلت الأردن في مصاف الدول المتقدمة في نسبة وقوع حوادث السير مقارنة مع عدد السكان وكذلك بالخسائر الناجمة عنها, ومرشحة أن تتقدم للمراكز الأولى في حال استمر الوضع على ما هو عليه الآن.
عندما نتحدث عن هذه الأرقام ولا سيما الوفيات منها, علينا أن نتذكر أنها تخص مواطنين أعزاء كانوا يعيشون بيننا, وكان لهم طموحاتهم وأحلامهم, وكانوا يقومون بمسؤوليات في بناء النسيج الاجتماعي الطبيعي للمجتمع, والنمو الاقتصادي للوطن, فكان منهم الأب الذي يسعى لرزقه ورزق أسرته, وكان منهم الأم التي ترعى شؤون زوجها وأولادها وبيتها, ومنهم طلاب مدارس وجامعات, ومنهم الطبيب, والمهندس, والمدرّس وعامل المصنع, والمدير, والتاجر, ومنهم العريس أو العروس اللذين كانا يستعدان لبناء أسرة جديدة, ومنهم الأطفال والشباب والشابات الذين كانوا يملأون بيوتهم بالحركة والنشاط والسعادة, وكانوا فرحة وحلم والديهم, فكل هؤلاء لا يمكن استبدالهم أو تعويضهم بالنسبة لأهاليهم, ولا يمكن أن ينساهم أعزاؤهم.
إن الوقاية من حوادث السير والحد منها ومن النتائج الجسيمة التي تنجم عنها مسؤولية المجتمع كله, والمسؤولية الرئيسة الكبرى تقع على السائق, فتحليلات أسباب وقوع حوادث السير في جميع أنحاء العالم تشير إلى أن أكثر من (90%) من هذه الحوادث تقع نتيجة سلوك خاطئ من قبل السائق, ومنها على سبيل المثال لا الحصر؛ قيادة المركبة بسرعة عالية, وقطع الإشارة الضوئية وهي حمراء, والقيادة بعكس اتجاه السير, والتجاوز الخاطئ, واستخدام الهاتف النقال أثناء القيادة, والإهمال في عمل الصيانة الدورية للمركبات وإصلاح الأعطال الميكانيكية, مثل؛ الأضوية الأمامية والخلفية, والغمازات, والإطارات, وأعطال المحرّك, والمكابح والمرايا وماسحات الزجاج, وأية أعطال ميكانيكية أخرى, وقيادة المركبة وهو في حالة إرهاق, أو نُعاس, أو مرض يعيق مقدرته على القيادة بكفاءة عالية, وغيرها من السلوكيات والتصرفات غير السليمة التي تتسبب بوقوع الحوادث, وهذا الشئ لا يعفي الجهات الرسمية المعنية, مثل؛ وزارات الداخلية, والنقل, وهيئة تنظيم قطاع النقل العام, والأشغال العامة والإسكان, والتربية والتعليم, والتعليم العالي, والجامعات, وإدارات السير والترخيص, والمعهد المروري الأردني, وأمانة
عمان الكبرى, والبلديات في مختلف محافظات المملكة, وغيرها من الجهات الرسمية الأخرى المعنية بهذا الأمر, من القيام بواجباتها ومسؤولياتها من تخطيط سليم, وصيانة وإنارة للطرق, وإزالة المعيقات الموجودة على هذه الطرق من بسطات, وتكدس للبضائع والمواد على الأرصفة وفي الطرقات, وإزالة اللوحات واللافتات, وتقليم أو إزالة الأشجار الموجودة على الجزر الوسطية التي تعيق الرؤيا للسائقين والمشاة, وكذلك المساهمة برفع الوعي والثقافة في مجال السلامة المرورية لدى السائقين وباقي أفراد المجتمع.
وحتى نستطيع تحديد الأسباب الرئيسة لوقوع حوادث السير ونحّد بمشيئة الله منها, ومن النتائج والخسائر البشرية والمادية التي تنجم عنها لا بد من اتخاذ إجراءات واقعية وعملية صارمة, ومن هذه الإجراءات, تشكيل فريق عمل ميداني في كل محافظة من محافظات المملكة مكوّن من مندوب أو أكثر من كل جهة رسمية من الجهات المعنية المذكورة سابقاً, ليتولى إجراء تحقيق موضوعي ودقيق لمعرفة الأسباب الحقيقية والأساسية للحوادث الجسيمة التي تحدث في المحافظة التي يمثلها الفريق, ولا سيما التي ينتج عنها حالات وفاة, على أن لا يكون الهدف من عمل هذا الفريق تحديد المسؤول عن وقوع الحادث للعقاب, أو تحمل تكاليف الحادث, وإنما يكون الهدف من عمل الفريق الحد من هذه الحوادث, ومعالجة مسبّباتها لمنع تكرار وقوعها, على أن يتم رفع نسخة من تقاريره للجهات الرسمية المعنية بتصويب ومعالجة الأوضاع غير السليمة إذا لزم الأمر, وكذلك؛ رفع نسخة من تقاريره إلى المكتب الفني المركزي لشؤون السير, والمشكّل في وزارة الداخلية بموجب قانون السير الأردني, والمكوّن من مندوبين من مختلف الوزارات والإدارات المعنية ومجموعة من ذوي الاختصاص, لدراسة هذه التقارير والاستفادة منها في الدراسات وتحل
يل الحوادث والإجراءات التصحيحية والتوعوية المتعلقة بإجراءات السير والحد من الحوادث.
ومن الإجراءات التي يمكن أن تحد أيضاً من وقوع حوادث السير قيام وزارة النقل ممثلة بهيئة تنظيم قطاع النقل البري بدور اكبر في تفعيل نصوص قانون الهيئة لسنة 2011, ولا سيماً ما يتعلق برفع مستوى قطاع النقل البري وتنميته وتطويره بالتنسيق مع باقي الجهات المعنية, بهدف تحسين مستوى وسائل النقل العام بشتى أنواعها؛ لتشجيع أكبر شريحة ممكنة من المواطنين لاستخدام هذه الوسائل بديلاً عن استخدام سياراتهم, ولا شك أن على باقي الجهات غير الرسمية من جمعيات, وشركات, ومدارس وجامعات خاصة, ومنشآت كبيرة, ووسائل الإعلام المختلفة وغيرها, واجب القيام بمسؤولياتها الاجتماعية بالمساهمة في جهود التوعية والتثقيف, ودعم البرامج التوعوية المتعلقة بهذا الشأن .. مع تمنياتي بالسلامة للجميع.
*أخصائي سلامة وصحة مهنية
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو