الأربعاء 2024-12-11 09:15 م
 

العذر .. يا عرب «الأنبار» !

12:24 م

أليس هي مصيبة من مصائب عصر المصائب هذا أنْ يضطر عرب الأنبار (السنة), بعدما أُغلقت أبواب عاصمتهم بغداد وعاصمة العراقيين كلها في وجوههم, إلى مناشدة الأردن السماح لهم باللجوء إليه وكأنهم لا يعرفون أنَّ: «كيل هذا البلد قد طفح» فعلاً وأنه لم تعد هناك إمكانية لاستقبال هؤلاء الأشقاء الأعزاء ليس لضيق صدر لا سمح الله ولكن لأن هذا الصدر لم يعد يتسع حقاً ولأنَّ الخوف كل الخوف أنْ يتحول أي ضيوف جدد إلى مشردين وحتى بدون «خيام» تأويهم وبدون رشفة مياه تبعد الضمأ عن أكبادهم.اضافة اعلان

إنَّ من حق أي عربي تضيق به الأرض بما رحبت ولم يعد يجد مأوى في وطنه أن يتذكر أنَّ هناك دولة عربية فعلاً اسمها المملكة الأردنية الهاشمية وأنَّ له حقاً في أن يقصدها ليجد له ولأطفاله مأوى لكن ما يجب أنْ يقال لهؤلاء الأشقاء الأعزاء وبخجل شديد هو أن العين بصيرة لكن اليد غدت قصيرة وإن أخشى ما يخشاه الأردنيون, الذين يقبضون على عروبتهم كما يقبضون على الجمر, هو ألَّا يستطيعون القيام بواجب الأخُوَّة وهو أنْ يتحول هؤلاء الأُخْوة إلى مشردين في وطنهم الثاني.. وربما وطنهم الأول إنْ هُمْ ونحن أيضاً تذكرنا أن: بلاد العرب أوطاني.
إنه زمن ظالم ورديء وسِّيء.. وملعون أن تصبح بغداد الرشيد محرمة على العرب السنة وإنْ يقف «علوج الفرس» على أبوابها يلوحون بسيوفهم ويطلبون من أهل الأنبار أنْ يأتوا بمن «يكفلونهم» ليُسمح لهم بالدخول إلى عاصمة بلدهم.. وبالطبع فإن أيَّاً من هؤلاء الكفلاء المطلوبين يجب أن يأتيه تفويضٌ إما من هادي العامري زعيم ما يسمى: «الحشد الشعبي» وقائد «فيلق بدر» التابع لحراس الثورة الإيرانية وإمَّا من قاسم سليماني وإما من مرشد الثورة, الولي الفقيه, علي خامنئي نفسه !!
لقد سقطت «الأنبار» في قبضة «داعش» كسقوط «الموصل»... بدون أيِّ مقاومة وبهروب جيش لم يعد هو الجيش العراقي الذي يعرفه العراقيون ونعرفه نحن وبأوامر جاءت بالتأكيد من وراء الحدود الشرقية التي لم تعد حدوداً أو التي غدت على أقل تقدير حدوداً مستباحة «ترى الفتى العربيّ فيها غريب الوجه واليد واللسان».. إنها المؤامرة نفسها وإنه المشهد إياه.. وإن الذين من المفترض أنهم يحرسون تلك القلعة وهذه قد فتحوا الأبواب للمجرمين والقتلة وولَّو ا الأدبار هرولة لا يلوون على شيء وبدون أن يخجلوا من ألبستهم العسكرية ومن رتبتهم ونياشينهم وبدون أن يخجلوا من أطفالهم ومن «الماجدات».. العراقيات اللواتي لو إنهن في الميدان لقاتلن قتال الأبطال حتى سقطن شهيدات.
لماذا تُفرض الهزيمة فرضاً على مناطق العرب السنة؟ ولماذا يجب أنْ يحمي هذه المناطق ليس أهلها ولا الجيش العراقي وإنما «الحشد الشعبي» الإيراني؟.. لماذا إهانة العرب السنة على هذا النحو.. هل لأنهم ملح الأرض ولأنهم بقوا يتمسكون بالرسالة منذ القادسية الأولى وحتى الآن ؟!
أن السؤال الذي يجب توجيههُ إلى كلِّ شيعيٍّ عربيٍّ من أهل العراق ومن غير أهل العراق هو: ألا تعرفون أن من يتغدى بأخيك سوف يتعشى بك حتماً..؟ ألا تعرفون أن المستهدف في العراق وفي سوريا وفي اليمن وفي الخليج (العربي) هو العروبة وأن السكوت عن كل هذه المآسي التي تحل بالعرب السنة أشقائكم سوف تنتقل إليكم.. لأن المستهدف هو العروبة ولأن هذا الصراع مظهره طائفيُّ وحقيقتهُ قومية وأنه بين من يتمسك بعبق التاريخ وبين من يسعى لثأر تاريخي من القادسية الأولى وما بعدها ؟!!
العذر يا عرب «الأنبار» الذين يحتضن ثرى فلسطين وثرى الأردن عظام شهدائهم الأبرار.. إنَّ المطلوب هو ألَّا نستقبلكم ونحن وأنتم نرفع أيدينا عالياً لـ «العصر الإيراني» الزاحف.. إنه علينا جميعاً أن نقاوم وأن نتمسك ليس بمناطق العرب السنة فقط وإنما بكل بلاد الرافدين أرضاً عربية التراب والأرض والسماء والهواء واللغة والوجدان.. عربية الحاضر والمستقبل كما كانت عربية الماضي .


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة