السبت 2024-12-14 01:32 ص
 

"درب الأردن" المنسي!

07:50 ص

إنجاز مهم ورائع حققته جمعية 'درب الأردن' بالتعاون مع وزارة السياحة والآثار من خلال وضع 'مسار درب الأردن' في لائحة ناشونال جيوغرافيك ضمن أفضل 21 وجهة سياحية في العالم في العام 2018، تحت مظلة الثقافة والطبيعة.

اضافة اعلان


هذه الجمعية التي تأسست منذ أعوام قليلة، استطاعت بناء مشروع وطني سياحي على مستوىً عالمي، من حيث الأفكار والمفاهيم، عبر رحلة يقوم بها المشاركون تبدأ بمسار مسافته 11 كيلومترا، ومسارات تصل إلى 650 كيلومترا، من مدينة أم قيس في الشمال إلى مدينة العقبة في الجنوب، يمرّ خلالها المشاركون مشياً على الأقدام على الأماكن السياحية والطبيعية المتنوعة في الأردن، ويعبرون قرابة 52 قرية أو مدينة.


لا يوجد أجمل من هكذا مشروع لتعريف العالم بالأردن وطبيعته وتاريخه وحضاراته ومواقعه السياحية، وهذا الدرب (درب الأردن) من المهم أن نعرفه نحن، الأردنيين، قبل غيرنا من سيّاحٍ أجانب وغربيين شغوفين بالاكتشاف والمغامرة، فمن باب أولى – ثقافياً، تعليمياً، وطنياً، تاريخياً ورياضياً- أن يتم تعزيز هذا المشروع- الدرب وتطويره ودعمه مالياً وإعلامياً وسياسياً واقتصادياً، كي يصبح بوابة مهمة من بوابات السياحتين الداخلية والخارجية، وتطوير البنية التحتية للجغرافيا التي يمرّ من خلالها الدرب، كي يكون المشروع قادراً على استقطاب أعداد أكبر، وترويجه سياحياً بصورة أفضل.


وضع الدرب على قائمة ناشونال جيوغرافي هو في الوقت نفسه تحدٍّ يذكرنا بتحدي مدينة البتراء، عندما تم اختيارها من عجائب الدنيا السبع، وكنّا نتحدث عن شروط من الضروري أن يتم تحقيقها لتعزيز البتراء كقبلة للسياحة العالمية، وعن أفكار هائلة ممكنة لتحسين السياحة الأردنية، لكن ذلك لم يتحقق.


السياحة في الأردن ما تزال صناعة بدائية، والمسألة ليست مسؤولية وزارة السياحة أو المؤسسات المعنية وحدها، فمن الضروري أن نعيد تعريف أهمية السياحة للأردن وبناء هوية ورؤية استراتيجية عميقة لهذا المجال المهم والحيوي، الذي لو أحسنّا استثماره وتطويره فسيكون أفضل بكثير من النفط والغاز وأي ثروات طبيعية أخرى!
لو نظرنا فقط لحجم ما ينفقه الأردنيون وحدهم في السياحة الخارجية فسيكون أكبر من حجم السياحة الوافدة إلينا، لماذا لأنّ الصناعة السياحية في دول أخرى تتفوق كثيراً على الأردن، في البنية التحتية والتدريب والخدمات، وحتى في المنافسة التجارية. بالرغم من أنّ هنالك عشرات المناطق السياحية والطبيعية التي لا يعرفها أغلب الأردنيين.


ممدوح العبّادي الوزير الحالي له كلمة مهمة وعميقة؛ إذ يقول لو كان الأمر لي لجعلت وزارة السياحة وزارة سيادية بدلاً من وزارة الداخلية، مثلاً، لأنّ السياحة تمثّل مصدراً مهماً من مصادر الاقتصاد الوطني، وهي أيضاً مصدر منسي من مصادر بناء الهوية الثقافية الوطنية المبنية على إدراك عميق للمجتمع المحلي والتاريخ والجغرافيا، ومصدر من مصادر التربية والتعليم والصناعات الوطنية وحلّ مشكلات البطالة والتدريب والتأهيل..الخ!


من حقّ جمعية درب السياحة ووزارة السياحة أن نشكرهما بعمق وبحرارة على تحقيق هذا الإنجاز الجميل بموارد محدودة وجهود كبيرة، لكنّ ذلك من المفترض أن يكون حافزاً لنبدأ درب الأردن الحقيقي في الاعتماد على النفس من خلال استثمار الموارد الطبيعية والمجتمعية والمحلية وتشكيل هوية اقتصادنا الوطني عليها، والصناعة السياحية تستحق جهوداً كبيرة وتعاوناً حقيقياً من مؤسسات الدولة وأن تكون أولوية من أولوياتنا الوطنية.


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة