الجمعة 2024-12-13 08:35 م
 

كيف نردعهم؟

08:40 ص

وتيرة الاعتداءات على المعلمين في تصاعد هذا العام. ولم نسمع عن تراجع حوادث الاعتداء على الأطباء أيضا. لا نقابة الأطباء ولا نقابة المعلمين قادرتان على حماية حقوق منتسبيهما، بالرغم من كل الإجراءات التي اتخذتاها. ولا تغليظ العقوبات في القانون يردع المعتدين.اضافة اعلان

منذ مطلع العام الدراسي، تسجل وبشكل شبه يومي، حوادث اعتداء على معلمين؛ في العاصمة وفي المحافظات والمناطق البعيدة. وتوسع نطاقها ليشمل مديري المدارس، وفي بعض الأحيان مديري المديريات.
ولم تعد الاعتداءات على المعلمين من جانب الطلبة فقط، بل إن التطور الخطير في الظاهرة يتمثل في دخول الأهالي على الخط؛ فقد سجلت العديد من حالات الاقتحام للمدارس من قبل ذوي الطلبة، وضرب المعلمين داخل الصفوف.
من كان يتخيل أن يأتي يوم يهان فيه المعلم داخل غرفة الصف؟!
وما يحدث مع الأطباء لا يقل هوانا عن المعلمين.
مهنتا الطبابة والتعليم كانت لهما قدسية خاصة عند الأردنيين. إذ بفضل التميز في هذين القطاعين، تحول الأردن إلى أنموذج بين أقرانه العرب؛ فأصبح المعلم الأردني مطلوبا في الخارج، فيما تحولت مستشفياتنا إلى محج للمرضى العرب.
منذ أن بدأت ظاهرة الاعتداء على الأطباء والمعلمين في البروز، رفعنا صوتنا إلى جانب النقابات المهنية والفعاليات المدنية مطالبين بتغليظ العقوبات. وقد استجابت الحكومات بدرجة معقولة. وشنت وسائل الإعلام حملة لتجريم الظاهرة أخلاقيا واجتماعيا. وساد شعور أن الاعتداءات ستتراجع إلى أن تختفي نهائيا. لكن حصل العكس تماما؛ الظاهرة في تصاعد، وكأن شيئا لم يتغير في السلوك والتشريعات.
شخصيا، لا أجد تفسيرا لتمنع المجتمع عن الامتثال لسلطة القانون، وعدم الاكتراث لعواقب خرقه؛ ولا لتجاهل المعتدين لقيمة المعلم والطبيب ومكانتهما في المجتمع.
ما الذي يمكن فعله ولم نفعله لغاية الآن، كي نحتوي هذه الظاهرة المخجلة؟
مزيد من العقوبات المغلظة؟
بعد كل الذي يحصل، بت أشك في الأثر الذي يمكن أن تحدثه مثل هذه الخطوات.
لقد لجأت الدولة مؤخرا إلى تفعيل عقوبة الإعدام، أملا في الحد من جرائم القتل. لكنْ، من المؤشرات المتوفرة، لا يبدو أن المجرمين قد اتعظوا. كل يوم نسمع عن جريمة جديدة أبشع من سابقاتها، وعن 'أخطر' مجرم يقع في قبضة الأمن.
ثمة قدر كبير من التوتر في سلوك الناس اليومي، واستسهال في اللجوء إلى العنف تشعر معه وكأن المواطن بلا كوابح. يراجع أحدهم المدرسة في أمر يخص ابنه الطالب. وقبل أن يكمل جملتين من الحوار مع المعلم أو المدير، يبادر إلى استخدام العنف بحقهما! وتتكرر مثل هذه الظاهرة في حالات أخرى، نشهد مثلها في الشارع يوميا؛ مشاجرات تتطور إلى جرائم على أبسط الأمور.
قد يكون سلوك الطبيب؛ المنهك بالعمل لساعات طويلة مع المراجعين، متعجرفا أو غير مكترث. وقد يكون المعلم هو المخطئ في بعض الحالات بحق طلابه. لكن اللجوء إلى العنف لتسوية إشكال بسيط، هو السلوك المدان.
كم مرة قسى علينا المعلم في الصف، لكن من كان يجرؤ على رفع عينيه في وجه معلمه؟ تلك هي القدسية في العلاقة بين التلميذ والمعلم، التي لا بد من إعادة الاعتبار لها. إنها أحلى ما بقي في ذاكرتنا عن أيام المدرسة.


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة