لا أعرف اعتقاد بعض الكتاب والمثقفين في الأردن أن الحديث عن الهوية الوطنية أو الشطط في الحديث عن الحقوق المنقوصة أو الجنوح في تقسيم الناس إلى هويات ومناطق وعقائد.. الخ ؛ يمكن أن يكون دفاعا عن الوطن الأردني أو خدمة له، بغض النظر عن المبررات الفلسفية التي تقدم، ومهما كانت درجة حساسيتها ودغدغتها لعواطف ومشاعر ومصالح الناس.
ولا أعتقد أن العقد الفريد الذي قام عليه الأردن كملتقى لأحرار الأمة من سورية والعراق وفلسطين وبروح الثقافة القومية التحررية لأبناء العشائر الأردنية في العقد الثاني من القرن الماضي يمكن ان نختزله او ندنسه بالمناداة الآن بكل المفاهيم التفريقية التمزيقية التي لا تنفع إلا أصحابها، وأجندات لا تنظر إلا لمغازيها وأهدافها.
ولا أعتقد أن الشعب الأردني (من أصل أردني أو من أصل فلسطيني ) راض الآن عن محاولة بعضهم إبقاء شعلة الفتنة متقدة ، فالأردن كانموذج وحدوي استطاع ان يستوعب هويات العديد من أبناء الأمة العربية وما زال يقف على عتبة الصمود والثبات والكفاح والمشاركة العربية الفعالة، خاصة أن الثقافات القادمة لم تبتعد كثيرا عن روح الثوابت الوطنية الأردنية التي أُنشئ عليها الأردن كنتيجة لمخرجات مبادئ الثورة العربية الكبرى بثقافتها ونهجها وأدواتها وآلياتها .
الثقافات التمازجية هي منابر إثراء وتقوية لأي مجتمع شريطة تحديد وتوجيه مهامها ودورها التشاركي، لا الطغياني أو التفردي، أي أن تكون النوايا قائمة على المشاركة والنهوض والمساهمة في البناء والإصلاح، لا التطفُّل والتعنصر الذي ينخر الجذر الأساسي لشجرة البناء، ما يضعف البنيان بأكمله، وهذا البنيان بالنسبة لنا هو الأساس، ومقدّم على الأفراد، خاصة الذين لا يختارون من مساحة الحرية إلا ما يثير الاشمئزاز .
لا يجوز أن نعيب أو ننكر على أي مواطن هويته ، لكننا لا نقبل أن يطغى مفهوم الهوية على مفهوم المواطنة فتختل المعادلة ، فجميعنا له الهوية التي تعود به لما يريد لكننا شركاء بالمواطنة الأردنية التي تُبيّن حقوقنا وواجباتنا ،
أولئك الذين يتغولون بالمخاوف ويجتهدون كثيرا في مفهوم الديمغرافيا تحسبا من مخاوف الوطن البديل ، الواقع الاجتماعي الجديد الآن يثبت استحالة تشكيل أغلبية سكانية، وسيفرض الواقع الاقتصادي مطلبا تعاونيا وانصهارا ثقافيا، أساسه البقاء ، فالاختلاط الاجتماعي الذي أفرزه الوجود السوري بالأردن يؤشر إلى حالة تنوع لا ينقصها غير التمازج لتسخيرها لخدمة المجتمع الأردني، والنهوض ضمن أصول الحقوق والواجبات، بعيدا عن مفهوم المحاصصة أو المساس بأمن وسيادة الدولة الأردنية .
الحالة الفلسطينية حالة مختلفة تماما ، كونها مرتبطة بعامل سياسي هو الصراع الفلسطيني الاسرائيلي، الذي يحتم تثبيت الهوية الفلسطينية و دعم الصمود والتشبث بالأرض، من هنا جاء تعامل الأردن مع الهوية الفلسطينية تعاملا طالب به قرار فك الارتباط ودعمته السلطة الفلسطينية .
القضية الأردنية لمن يريد أن يواجه نفسه ويواجه الحقيقة ، لا تكمن بوجود الفلسطيني أو هويته أو تجنيس أبنائه أو غيرها ، القضية تكمن بدور الأردن الحقيقي تجاه القضية الفلسطينية ، فالأردن لا يعتبر القضية مجرد حلقة من حلقات التحدي التي يواجهها كما هي الحال ببقية الدول العربية بل يعتبر نفسه المعني الأكبر بهم الشعب الفلسطيني ومستقبله للوصول للدولة المستقلة وهذا هو أساس التوافق الأردني الفلسطيني من السلطة وحماس .
هذه القاعدة التي لا نريد أحدا أن يلوثها أو يشوهها أو أن يلونها كيفما يريد، وكأننا نختزل قضية فلسطين، وهم اللاجئين الفلسطينيين بالموقف الأردني من التجنيس؟!!
دعونا من المتاجرة ، والدخول في المحرمات، فالواقع والظروف لا تسمح بأن نجعل من أية نقطة خلافية أساس نقاشنا وكأنها أولوية . دعونا ننطلق من نقاط الاتفاق ونصفي النوايا وننظر لما هو قادم ، فهذا عين الصواب.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو