مرّوا

مرّوا على أمتنا نفساً نفساً ..قولوا لها بصوت الباكي : كل عام و أنتِ بخير يا خير أمة ..! مرّوا على سوريّة بالذات ..قفوا فيها طويلاً ..جولوا على خرابها ..و على مجازرها ..وعلى أطفالها ..و على كل تفاصيلها ..قفوا هناك عند الأمهات ..قبّلوا رؤوسهنّ ..و ابتعدوا خطوتين و أدّوا التحيّة لهنّ ..وقولوا لهنّ : نحن الأبناء بدل الأبناء ..نحن أمانة الذين قتلهم منشار بن أسيد ..يقول لكنّ شهداؤكنّ : نحن في عليين ..لا تبكوا علينا أكثر ..!اضافة اعلان


مرّوا على الفقراء و المساكين ..أقنعوهم أن الدنيا بخير و يجب أن تظل بخير ..أقنعوهم بأن الله أرسل ( فرجه ) و هو في الطريق و ما تأخره عنكم إلا لأن حمله ثقيل ..!

مرّوا على الأغوار ..و اجعلوا الطريق من عند ( الجندي المجهول ) سلّموا عليه دون أن تتوقفوا ..حتى تصلوا قريتي ( الكرامة ) و هناك خذوها قطعة قطعة ..زاوية زاوية ..خرماً خرماً ..فكل خرم لي معه حكاية ..وكل ذرة تراب شاهدةٌ على الفتى الذي شبّ فيها ..و خرّب طرقاتها و زققها من كثرة ما عفرها بالمشي و التفكير و النقاش ..بالله عليكم لا تنسوا شيئاً منها ..!

ثم اذهبوا إلى دار أبي و أمي ..لا تسلموا عليهما فإني سأفعلها أنا إن شاء الله ..بل اسألوا أمي عن مقلوبتها و رشوفها و ابريق شايي و عن بنطلون التشخيصة و عن أوراقي و أقلامي و كتبي ..اسألوها عن كنادري التي كانت كل ( فردة في شقة لحالها ) و مرات كثيرة في الشارع عندما تنطلق ( حرب الكنادر ) بيني و بين أخوتي ..!

اسألوها عن كل شيء ..و اسألوها عن الفتى البدوي القرويّ الذي سرقته عمّان منكم و لكنها لم تسرق منه جيناته التي علمته بألا ينسى أن يعود إلى ( الكرامة ) كلّما غلبه الحنين ..وكلّما ناداه طفل هناك ..!

كل عام و نحن بخير..