السبت 2024-12-14 03:11 م
 

أول صفحة على فيسبوك للجثث مجهولة الهوية في مصر تثير جدلاً

01:58 م

منذ ما يزيد عن الشهرين لم تترك فوزية، أرملة صعيدية، مكاناً إلا وبحثت فيه عن صغيرها ذي الأعوام الستة، الذي خرج ولم يعد، لم تترك بابَ جهةٍ مختصة إلا طرقته، سواء قسم شرطة أو مستشفى أو مشرحة، لا تغيب عن لسانها عبارة 'لو كان حياً أعيدوه لي، وإن كان ميتاً أعيدوا جثته كي أدفنه'.

مثل تلك السيدة هناك عشرات أو مئات الأسر، التي خرج أبناؤها ولم يعودوا، بعضهم تُوفي في حادث سير، أو غرقاً في مياه النيل، أو تعرَّض للقتل بعد الاغتصاب... تلك الحالات دفعت مفتش الصحة بمحافظة المنيا للتقدم للنيابة العامة للحصول على موافقة لإطلاق صفحة على فيسبوك، لعرض جثث المتوفين غير معروفي الهوية بالمحافظة، ليتمكن ذووهم من الوصول إليهم ودفنهم.

وعلى الرغم من أن الصفحة تم إطلاقها يوم الأحد 29 أكتوبر/تشرين الأول، ونشرت فيها جثث لثلاث حالات، فإن غرابة الفكرة لا تزال محل جدل.

اضافة اعلان

الدفن بعد 15 يوماً


'الموقع الرسمي للتعرف على الجثث مجهولي الاسم والهوية بالمنيا‎'.. هكذا اختار هاني إسحاق شحاتة، صاحب الفكرة، والمشرف على الصفحة اسم صفحته التي وضع لها صورة جمجمة.

شحاتة قال لـ'هاف بوست عربي'، إن الغرض من الصفحة إنساني فقط، لخدمة آباء وأمهات يمضون سنوات للبحث عن أبنائهم وذويهم، في حين أنهم يكونون توفوا غرقاً أو في حادث سير ونقلت جثثهم إلى المشرحة دون استدلال على معارفهم أو أقربائهم.

وأوضح أنه بعد مضي 15 يوماً، وإذا لم يستدل على المتوفى، يتم دفنه في 'مدافن الصدقة' التابعة للمحافظة، مشيراً إلى أن تكرار مثل هذه الحالات أمامه منذ عمله مفتشاً للصحة هو ما جعله يعرض اقتراحه على النيابة لتدشين صفحة للجثث.

وقال إن تصوير الجثة سيتوقف على حالتها ومدى وضوح معالمها، مشيراً إلى أن الجثة التي يتم العثور عليها خلال 48 ساعة من الوفاة تكون ملامحها معروفة، أما في حالة مضي أسبوع مثلاً، فتكون بدأت عمليات التحلل فتتشوه الملامح، وقتها سيصعب التصوير، وسيتم الاكتفاء بوصف الجثة وملابسها، وكذلك في حالات الغرق بعد 12 ساعة تحت المياه، فإن جسم الغريق ينتفخ، وهو ما يغير ملامح الشكل.


العدد مجهول

وأوضح مفتش الصحة أن عدد الجثث المجهولة غير محدد، فأحيانا يكون هناك عدة حالات في الأسبوع الواحد، مثل العثور على 3 جثث منذ إطلاق الصفحة، إحداها جثة لطفل رضيع، وأخرى لشاب في حادث طريق، وثالثة في حادث قطار.

وذكر أنه أحياناً أخرى يمضي أسبوع أو شهر دون وجود جثث مجهولة، مؤكداً أن الصفحة لن تتضمن المتوفين نتيجة قتل أو طلق ناري، لأن تلك الحالات تكون فيها شبهة جنائية، وتتم إحالتها من النيابة للطب الشرعي وليس لمفتش الصحة.

واعتبر أن نجاح فكرته يتوقف على ذهاب أشخاص للنيابة، بعد الاستدلال على ذويهم من الصفحة لتحرير محضر تسلم، وقتها سيعرف أنه نجح، مشيراً إلى أن أغلب الآراء التي سمعها حتى الآن معارضة للفكرة ومستنكرة للأمر، من باب حرمة الموتى، لكنه رد قائلاً 'هم يتجاهلون الجانب الإنساني فيه'.

أما في حالة التعرف على جثة بعد الدفن، فقال إن القرار في تلك الحالات للنيابة، وإن استبعد إمكانية التصريح بنقلها، قائلاً 'لم تحدث من قبل'.


فيسبوك سوف يقيم الفكرة

'منطقة حساسة'.. هكذا وصف الدكتور حازم عبد العظيم، أستاذ هندسة النظم بجامعة القاهرة صفحة الجثث، وقال إنه في حالة تلقي فيسبوك بلاغات عن الصفحة، فإنه يقيم المحتوي قبل إغلاقها، إذا كان الغرض منها 'التشويه' أو وجود تحريض أو عنف، مشيراً إلى أن الصفحة التي تقدم خدمة إنسانية غالباً لا يتم إغلاقها.

وأوضح في حديثه لـ'هاف بوست عربي'، أن موافقة النيابة العامة أمر قوي يعطي الفكرة ثقلاً إذا تمت كتابة ذلك على الصفحة -وهو ما لم يحدث- على الرغم من أن المستشار محمد نجاتي، رئيس النيابة العامة ببندر المنيا، قرر بإشراف المستشار أحمد الفولي، المحامي العام لنيابات جنوب المحافظة، إنشاء صفحة على الموقع للإعلان عن الجثث المجهولة التي يتم العثور عليها، والمتحفظ عليها في مشارح المستشفيات المختلفة، تحت تصرف النيابة العامة بشكل رسمي.

وقال أستاذ النظم إنه على الرغم من صعوبة وجود صفحة للجثث فإنها قد تكون ضرورة في تلك المرحلة، التي تتعدد فيها حالات الاختفاء القسري، ولا يوجد من يطمئن ذويهم، فمنذ أحداث يوليو/تموز 2013، وعزل الرئيس المصري الأسبق، سجلت العديد من حالات الاختفاء القسري.


النجاح شرط التوسط

الدكتور صلاح سلام عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، قال إن تلك الصفحة لها إيجابية، وهي استدلال الأهالي على جثث أبنائهم لكي يتوصلوا إليهم، ولكن في نفس الوقت سلبيته تتمثل في تصوير أشخاص مسلوبي الإرادة فقدوا الحياة وعرض صورهم على شبكات التواصل الاجتماعي.

واعتبر سلام في تصريحات لـ'هاف بوست عربي'، أن التواصل مع الصفحة والتعرف على الجثث شرط لنجاح التجربة واستمرارها، وإعادة تطبيقها في كل المحافظات، موضحاً أن المدة الأنسب للتقييم ما بين شهرين، وبحد أقصى 5 أشهر، وإذا لم يستدل على أهالي الجثث ولم يحدث تجاوب، فهذا معناه أن الفكرة فشلت ولا داعي لها، والأفضل غلق الصفحة.

وطالب عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان أن تكون الصور للجثث بالوجهة فقط، مع كتابة الوصف الدقيق للملابس وعلامات الجسد، أو الاستعانة بصور مرسومة بدقة للمتوفين من قبل الأدلة الجنائية، وهو أفضل إنسانياً للمتوفى وأسرته، وحتى من يتابع الصفحة من الناحية الشعورية.


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة