الوكيل- رصد - بدت تصريحات المسؤولين الأردنيين حيال الانضواء المحتمل لبلادهم ضمن التحالف الدولي الذي تسعى أمريكا لتشكيله لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية 'داعش'، غامضة ومفتقدة للتجانس، وظهر التباين واضحًا بين تصريحات رئيس الوزراء، عبد الله النسور، مقارنة بأخرى لوزيريّ الخارجية ناصر جودة، وشؤون الإعلام الناطق باسم الحكومة محمد المومني.
إلا أن مراقبين رجّحوا كون هذه التباينات 'متعمدة' بغية تحييد البلاد عن أية مواجهة مباشرة مع التنظيمات الإرهابية، وفيما وافق البعض على الانضمام للتحالف طالب آخرون برفض أي حلف هدفه محاربة التنظيم على اعتبار أن 'الحرب ليست حرب الأردن'.
وكان رئيس الوزراء الأردني، قال في تصريحات صحفية، السبت الماضي، إن بلاده ليست عضوًا في تحالف دولي لمواجهة 'داعش'، وأن الأردن لا يتدخل بشؤون الآخرين ولا يخوض حروبًا نيابة عن أحد.
وبعد يومين فقط من تصريحات النسور، وصف وزير الدولة لشؤون الإعلام الناطق باسم الحكومة، اليوم الإثنين، 'داعش' بـ'التنظيم الإرهابي الدموي' الذي يستهدف وغيره من التنظيمات الإرهابية الأردن بموجوداته ومقدراته وسكانه، وأن بلاده تعمل على تحصين نفسها من منظومة الإرهاب داخليًا وخارجيًا، وتقوم بالتنسيق والتواصل الدائم والمستمر مع الدول الشقيقة والصديقة لمواجهة الإرهاب.
كذلك اعتبر وزير الخارجية الأردني، ناصر جودة، أن 'الأمن القومي العربي يشهد تهديدًا جسيمًا، حيث يشهد الدين الإسلامي تشويهاً لقيمه السمحة، في ظل تمدد تنظيم إرهابي على مساحات من أراضي دول عربية ويقوم بأبشع ممارسات الإجرام والقتل المنظم باسم الدين البريء من كل تلك الموبقات التي ترتكبها العصابات'.
وجاء حديث جودة أمس الأحد خلال ترأسه وفد الأردن لاجتماعات الدورة العادية رقم 142 لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية بالقاهرة، واعتبر خلالها أن 'تشكيل الحكومة الجديدة الجامعة في العراق واستعادة قوة ووحدة الصف الوطني فيه، سيفضي إلى محاصرة الإرهاب والتطرف'.
عامر السبايلة، أستاذ العلوم السياسية، في الجامعة الأردنية، اعتبر أن تصريحات النسور، التي قلل فيها من خطر داعش 'لا داعي لها، فالأردن بحكم واقعه الجغرافي جزء من أي تحالف مفترض ضد تنظيم الدولة الإسلامية، بسبب حدوده مع سوريا، كما أن هناك خطوطًا للدولة الإسلامية في فكرة التوسع، وهذا يعني أن الأردن معني تماما بمواجهتها'.
وفي تصريحات للأناضول، أضاف السبايلة أن 'الأردن بلد صديق لحلف شمال الأطلسي ويعد من أقرب الدول غير الأعضاء، كما أنه حليف للولايات المتحدة الأمريكية'.
وأشار السبايلة إلى أن 'سوريا هي أيضًا ستكون جزءًا في مكافحة هذا الإرهاب، ولا يمكن أن يقبل العالم بتناقض الولايات المتحدة في محاربة هذا التنظيم في العراق ودعمه في سوريا، والأردن لا يملك شيئًا لهذا التحالف لأنه لا يوجد حديث عن جنود على الأرض وإنما عن ضربات جوية، وتسليح للبيشمركة والجيش العراقي، وليس على الأردن الآن سوى حماية حدوده'.
من جانبه، قال ظاهر عمرو، أمين عام حزب الحياة الأردني ( حزب سياسي وسطي تأسس 2008 )، في تصريحات للأناضول، إن 'الحفاظ على أمن الأردن يعني الحفاظ على أمن إسرائيل وأمن الخليج، لذلك فإن التحالف الدولي ضد داعش ليس من مصلحته تدمير وزعزعة أمن الأردن'.
وتوقّع عريب الرنتاوي، مدير مركز القدس للدراسات السياسية (مستقل)، في حديثه لوكالة الأناضول، أن 'الأردن سيتصرف بالقدر الذي تمليه عليه مصالحه، بمعنى أنه لن يخوض معارك خارج إطار هذا الهدف، وسيبقى معنيًا بما يدرأ الخطر عنه، وفي هذا الإطار لن ندخّر أي جهد وما بعد ذلك ليس من شأننا'.
ولم يبد الكاتب المختص في شؤون الجماعات الإسلامية، مروان شحادة، أي غرابة من تناقض تصريحات المسؤولين الأردنيين خاصة أن 'الملف معقد وشائك وله تداعيات، فالأردن يقع تحت وطأة ضغطين، الأول ضغط المجتمع الدولي وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية، والثاني: ضغط الجماعات المتشددة التي لها أنصار في الأردن بخاصة داعش'.
ويضيف شحادة في حديث لـ الأناضول أن سياسة تبادل الرسائل منذ الأزمة السورية والحرب في العراق كانت تشكل موقفاً معتدلاً للأردن بمحاولات إمساك العصا من المنتصف دون محاباة للتنظيمات الإرهابية، معتبرًا أن الموقف الأردني لم يتغيّر في ظل استراتيجية الحرب على الإرهاب.
وبرأي شحادة فإن الأردن سيبقى شريكًا في تقديم الدعم اللوجستي والاستخباراتي ارتكازاً على أن ذلك سيبرق برسائل لـ'داعش' بأنها ليست نداً إنما تتدخل لعدم تهديد استقرارها والمنطقة، خاصة أن داعش وعبر رسائل مبطنة وجّهت رسائل تهديد للأردن في حالة تدخله بالحرب.
وختم شحادة بالقول: 'أعتقد أن الأردن في غنى عن الدخول بهذا المعترك'.
وفسّر الكاتب الصحفي، فهد الخيطان، خلال مقال له اليوم الإثنين، بيومية الغد الأردنية (خاصة)، الغموض الذي بدا في تصريحات الحكومة بأنه 'مقصود'، وإن كان يتناقض مع تأكيدات مسؤولين غربيين وأمريكيين عن إسهامات فعالة للأردن في التحالف الدولي ضد تنظيم 'داعش'.
إلا أنه رجّح بالوقت ذاته أن يقدم الأردن دعمًا لحلفائه في المنطقة بمواجهة التنظيم على أن تقتصر مساهماته بالدعم اللوجستي والاستخباري، دون المشاركة المباشرة في العمليات العسكرية، نظرًا لمحدودية قدراته.
وتأتي هذه التداعيات في ظل تراشق وتبادل للمواقف بين أعضاء في البرلمان حيال الحلف الدولي لمواجهة 'داعش' ومشاركة الأردن فيه، إذ سبق لـ 21 نائبًا في البرلمان الأردني أن طالبوا في مذكرة للحكومة في الثالث من سبتمبر/أيلول الجاري، عدم التدخل في أي حرب ضد 'داعش'، وعدم التنسيق مع أي طرف بهذا الخصوص، وأن على الحكومة رفض أي حلف هدفه محاربة التنظيم على اعتبار أن 'الحرب ليست حرب الأردن'.
ورأى النائب خليل عطية، وهو المتبني للمذكرة النيابة، أن تصريحات النسور، تجيء استجابة للمذكرة النيابية.
وهاجم عطية، في تصريح عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي 'فيسبوك' زميله في مجلس النواب، جميل النمري، والذي سبق أن طالب الحكومة بدخول التحالف الدولي بمواجهة 'داعش'، قائلاً: 'كنت أنوي الرد على الزميل النمري ولكن كفاني دولة الرئيس (النسور) برده وإذا أراد الزميل جميل ومن يؤيده أن يقاتل فليذهبوا هم للقتال ويتركوا البلد لتعيش بأمان بدلا من التنظير والحسابات غير المحسوبة التي لا أريد ذكرها'.
وكان النائب النمري وجّه نقداً لاذعاً للمذكرة النيابية، خلال جلسة للبرلمان، ورد عليها بالقول إن 'مواجهة داعش والتصدي له، والمشاركة في دحره، تعد واجباً أخلاقياً على كل من يستطيع ذلك، ولا أحد يتسامح مع الحكومات عندما ترتكب قربها مجازر تطهير عرقي وطائفي وجرائم حرب مروعة، ولا تتدخل لحماية السكان المدنيين، وأن تدخّل الأردن مشروع جدا، والتدخل الاستباقي من أبجديات الأمن الوطني'.
وتبرز في ظل القراءة السياسية للموقف الأردني من داعش، انتقادات ونصائح وجّهها قادة في التيار السلفي الجهادي الأردني للتنظيم، مطالبين بوقف سفك دماء المسلمين والتوقف عن الغلو والتطرف وتكفير الآخرين.
ووجّه منظر التيار السلفي، عصام البرقاوي، الملقب بـ'أبو محمد المقدسي'، أمس الأحد، رسالة إلى من أسماهم 'عقلاء داعش'، طالبهم فيها بـ'رد الحقوق إلى أهلها، وأن يكفوا سكاكينكم عن رقاب المسلمين، ويحوّلوا بنادقهم عن صدورهم'.
وأضاف المقدسي في رسالته التي نشرتها مواقع جهادية: 'انصحوا لأتباعكم بتوجيه بنادقهم إلى صدور أعداء الملة، وتعظيم دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم، وعِظوهم وخوفوهم من تكفير المسلمين، وادعوهم إلى التأدب مع كبرائهم ومشايخهم وعموم إخوانهم المسلمين، وانصحوا للشباب، فلا تجعلوهم مشاريع لعمليات التفجير في إخوانهم المجاهدين، أو وقودا لمعارك مع المسلمين'.
كذلك وجّه القيادي في التيار السلفي، عمر محمود عثمان، الملقب بـ'أبي قتادة' من سجنه نقداً لاذعاً لتنظيم داعش، واصفًا إياه 'بكلاب النار والخوارج والأوساخ والفقاعة' متوقعا زواله بالقول 'إن المستقبل لأهل السنة والجماعة'.
وجاء حديث أبو قتادة رداً منه على تساؤلات صحفية عقب انتهاء جلسة محاكمته في قضية 'تفجيرات الألفية' والتي تأجل النطق بها للرابع والعشرين من سبتمبر/أيلول الجاري، ورد خلالها على تساؤلات صحفية حول نحر الصحفيين من قبل الجماعات المتطرفة وعلى رأسها 'داعش' بالقول 'إن الصحفي كالرسول لا يقتل ولا يجوز نحره أو ذبحه أو قتله'.
و'الدولة الإسلامية'، المعروف إعلاميا بـ'داعش'، هو تنظيم نشأ في العراق بعيد الاحتلال الأمريكي له في مارس/ آذار 2003، وامتد نفوذه إلى سوريا بعد اندلاع الاحتجاجات الشعبية فيها منتصف مارس/ آذار 2011.
ومنذ 10 يونيو/ حزيران الماضي، يسيطر هذا التنظيم على مناطق واسعة في شرق سوريا وشمال وغرب العراق، بيد أن تلك السيطرة أخذت مؤخرا في التراجع بفعل مواجهات الجيش العراقي، مدعوما بقوات إقليم شمال العراق (البيشمركة) وضربات جوية يوجهها الجيش الأمريكي.
ومع تنامي قوة 'الدولة الإسلامية' وسيطرته على مساحات واسعة في سوريا والعراق، أعلن نهاية يونيو/حزيران الماضي عن تأسيس ما أسماها 'دولة الخلافة' في المناطق التي يتواجد فيها في البلدين الجارين، وكذلك مبايعة زعيم التنظيم، أبو بكر البغدادي 'خليفة للمسلمين'، ودعا باقي التنظيمات الإسلامية في شتى أنحاء العالم إلى مبايعة 'الدولة الإسلامية'.
وأثار التقدم الكاسح لمقاتلي التنظيم في العراق مخاوف كبيرة في عواصم المنطقة والكثير من عواصم الغرب، نظرا لأطماع التنظيم التوسعية.
وتعمل الولايات المتحدة على تشكيل تحالف دولي لمواجهة تنظيم 'داعش'، الذي تعتبره واشنطن أكبر تهديد لها، والذي يضم مقاتلين عربا وغربيين، ويرى مراقبون أنه سحب البساط من تحت أقدام تنظيم القاعدة.
وكان الرئيس الأمريكي باراك أوباما قال خلال لقائه بشبكة إن بي سي الأمريكية أمس الأحد : 'سنكون طرفا في تحالف دولي من خلال تنفيذ غارات جوية دعما للقوات العراقية والكردية'، مضيفا 'سنضعفهم وسنقلص مساحة الأراضي التي يسيطرون عليها. وسننتصر عليهم في النهاية'.
وأكد أوباما خلال اللقاء حاجة الحلف الدولي لمساعدة لأردن وبعض الدول السُنية في المنطقة ومنها تركيا والسعودية لمحاربة 'داعش'.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو