اعادة تدوير الألبان منتهية الصلاحية ليست الفساد المقصود في القطاع الخاص. هذه الافعال هي جرائم يرتكبها اناس مما يتوفر عليه المجتمع من مجرمين ومنحرفين في مختلف الحقول أمّا الفساد فهو عجز الأجهزة البيروقراطية عن القيام بدورفاعل في الرقابة على هذه الأفعال وقمعها أو ردعها. وإن قيام مسؤولين أو موظفين في وزارة التخطيط بإضافة أسماء وهمية الى قائمة الرواتب ليصل مجموع ما أخذوه أكثر من مليونين ونصف المليون دينار ليس فسادا انه جريمة سرقة يمكن ان تحصل وطالما حصلت، أما الفساد فهو فشل الرقابة والمحاسبة داخل الجهاز البيروقراطي في اكتشاف الجريمة المستمرة منذ عام 2007 وحتى العام الماضي حين قادت صدفة طيبة مسؤولا نبيها عاد من اعارة طويلة لكشف السرقة.
في أواخر الثمانينات تم انتخابي لعضوية مجلس نقابة الصيادلة وفي آخر تلك الدورة قادت صدفة طيبة لكشف فساد تزوير شيكات من مدير مسؤول داخل الجهاز الوظيفي للنقابة وبالتحقيق تبين ان الأمر كان ممارسة طويلة قائمة من عدة مجالس سابقة واستمرت في عمر مجلسنا وقد لمت نفسي كثيرا أني كنت مشغولا جدا بأفكار الاصلاح في المهنة ولم التفت ابدا الى الجهاز البيروقراطي المترهل في النقابة ولم انتبه الى غياب أي صيغة للرقابة الداخلية وكان درسا أول لي. وبالمناسبة فقد توالت قصص كشف سرقات في صناديق النقابات ولم يكن اي من اعضاء المجالس على صلة بالسرقات لكنهم بالتأكيد مسؤولين عن التقاليد الفاسدة للمحسوبيات والتهاون والتغطية على القصور في عمل الاجهزة الادارية للنقابات، ونضيف ايضا الادارة غير الكفؤة التي افقرت صناديق الضمان الاجتماعي لعدد من النقابات.
الجهاز البيروقراطي هو عصب الدول وعصب كل مؤسسة لا يفرط به ابدا لكن الافراط في التمسك بالشكليات يعادل التفريط بمكانته ودوره ومدخل الفساد في الجهاز الاداري هو التزمت في الرقابة على الشكليات المعيقة للعمل والمحبطة للانجازات اذ في نفس الوقت يزدهر التحايل والسرقات تحت غطاء الالتزام الدقيق بالشكليات. ولعل مشكلة البيروقراطية العويصة هي الموازنة بين التشدد والتيسير وهذا ينطبق على الرقابة الداخلية كما على الرقابة الخارجية، ونعترف ان تحقيق التوازن ليس سهلا ابدا لكن يمكن بسرعة اكتشاف الخلل حين تجد المبالغة والتزمت في الرقابة على الشكليات تمر من تحتها أسوأ التجاوزات وعادة ما يكون مرتكبوها من امهر الناس واعلمهم في كيفية تلبية الشكليات المطلوبة من الرقابة البيروقراطية.
السجال أو البلبلة التي ظهرت حول المسؤوليات بين أمانة عمان والبلديات ومؤسسة الغذاء والدواء تظهر مشكلة التعدد أو التضارب والتداخل في المرجعيات وهي مشكلة موضوعية وكانت تسبب اذى كبيرا للأعمال بما في ذلك المطاعم والمقاهي والمنشآت الغذائية ويجب ايجاد حلول خلاقة لها ولكن البيروقراطية لا تحب التغيير وكل جهة تتمسك بما كانت وتعودت عليه لكن المواطن الذي يرى هذه الايام حوادث التسمم أو مصادرة اطنان الدجاج واللحوم الفاسدة يصاب بالهلع فقد لا يكون ما يتم الامساك به سوى قمة جبل الجليد ومن حق المجتمع على السلطات ان تراجع بهمة عالية أنظمة الرقابة وآليات التنسيق لتحقيق أقوى وأفعل رقابة ممكنة ودائما دون اعاقة واحباط الأعمال.
-
أخبار متعلقة
-
لا يمكن هزيمة الكاتب (2-2) عبدالجبار أبو غربية نموذجاً ومُلهِماً !!
-
النمو الاقتصادي السعودي وفي الخليج العربي
-
اتهامات للأميريكيين في عمان
-
نحنحة
-
أسرى لكن برغبتهم ..!!.
-
لا يمكن هزيمة الكاتب (1 - 2) هشام عودة نموذجاً وملهِماً !!
-
إلى متى ستحتمل الضفة الغربية؟
-
اليوم عيدُ ميلادي