السبت 27-04-2024
الوكيل الاخباري
 

اتهامات للأميريكيين في عمان



هذه هي "الجملة الاخطر" التي مرت في الكلام، وربما لم يتوقف عندها كثيرون، لاننا احيانا نقرأ بسرعة، أو لأننا فقدنا الإثارة بشأن أي معلومة أو شيء نسمعه لأول مرة، أو بشكل متكرر.اضافة اعلان

 
الجملة قالها نائب رئيس الوزراء الاسبق الدكتور ممدوح العبادي قبل أيام، والتي أعود اليها مجددا للأهمية حين قال أن الأميركيين يضغطون بشروطهم لعدم عودة اللاجئين لأغراض سياسية ضد سورية وقانون قيصر، الأمر الذي يضر الأردن أكثر من سورية.

والكلام مفاجئ ربما، إذ لماذا يعارض الأميركيون عودة السوريين إلى بلادهم، إلا إذا كان القصد خلخلة البنية الاجتماعية السورية، وادامة قضية اللجوء باعتبارها أزمة في وجه نظام دمشق الرسمية مفتوحة على العالم من باب الادانة، أو في أحسن الحالات من زاوية ترسيم النظام باعتباره طائفيا، يتورط في "الازاحة السكانية" يطرد المسلمين السنة، أو أن واشنطن تتخوف على حقوق الإنسان، واحتمال تعرض العائدين إلى اضطهاد من جانب دمشق الرسمية وهذا كلام يتوجب اختبار نواياه أصلا، وربما نذهب بعيدا في تأويل هذه الجملة ونقول إن مغزاها يعني أن الأميركيين يريدون ادامة أزمة اللجوء في الأردن، لغايات إضعاف الأردن وإرهاقه، من خلال هذه الأحمال الثقيلة على الحياة والموارد والأمن وخريطة الإقليم.

لم يتضح في التصريح الكيفية التي تتبعها واشنطن لمنع عودة السوريين، إذ لو قرر أي شقيق سوري العودة لما منعه أحد، إلا إذا كان المنع الأميركي يأتي كنتيجة ويقوم بشكل مباشر عبر مواصلة حصار سورية، وتصعيب ظروف الحياة، من خلال العقوبات، لمنع تحسين المعيشة، والتهيئة لعودتهم، وبحيث تبقى البيئة منفرة، وغير صالح للحياة، أو الاستقرار.

يأتي هذا الكلام من حيث الدلالات عكس المنطوق الرسمي الأردني، لان نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية ايمن الصفدي يكرر ليل نهار انه يتوجب السعي لعودة السوريين من الأردن الى سورية، من خلال "العودة الطوعية" ولا توجد أي الماحات على ممانعات مباشرة، أو غير مباشرة، بل ان لا حديث رسميا على عقوبات قيصر وتأثيرها على الأردن وسورية، معا، باعتبارها تجعل العودة شبه مستحيلة بسبب الوضع الاقتصادي السيئ جدا، إضافة إلى ما يتعلق أصلا بملف الاعمار، والملف الأمني، واحتمالات انفجار الوضع مجددا.
ليس أدل على ذلك من الاستطلاع الذي نفذته المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، حول ملف الأشقاء السوريين، وقد اشرت اليه في مقالة سابقة، وتقول نتائجه أن 97 % من السوريين في الأردن لا ينوون العودة إلى سورية خلال العام المقبل، وأنّ غالبيتهم يخططون للبقاء في الوقت الحالي، وأن السوريين في الأردن ومصر كانوا الأعلى نسبة ممن أجابوا بأنهم لا ينوون العودة إلى سورية في الأشهر الـ 12 المقبلة، وبنسبة 97 % في الأردن، و95 % في مصر، يليهم السوريون في العراق بنسبة 94 %، ولبنان 91 %، كما أكد جزء كبير من اللاجئين أنهم يأملون في الانتقال إلى بلد ثالث، من أجل ظروف معيشية أفضل.

والاستطلاع يقول إن غالبية الاشقاء لا يريدون العودة نهائيا الى سورية، وكل تخطيطهم ينصب على السفر الى بلد ثالث، لا البقاء في الأردن، ولا العودة الى سورية، هذا في الوقت الذي يقول فيه نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية كلاما عكس رأي السوريين ذاتهم، الذين يريدون بلدا ثالثا، حيث قال قبل أيام إن مستقبل اللاجئين هو في سورية وليس في الدول المستضيفة.

كل هذه الفسيفساء المعقدة للملف السوري، تتزامن معها في توقيت متقارب المعلومات المؤكدة حول استضافة الأردن نحو 3.7 ملايين لاجئ من 49 دولة، وعدد الجنسيات مذهل، ولن تجد دولة عربية أو إسلامية لديها هذه الحالة، فقيرة كانت أم غنية، وإذا كانت هذه ميزة اخلاقية ودينية وقومية، لا يمكن أن يجحدها أحد لهذا البلد، إلا أنها من ناحية ثانية تعبر عن أزمات مركبة، في بلد يعاني من قلة الموارد، وفرص العمل، وضيق الآفاق في مستقبل غامض، يسأل فيه أبناء البلد، دون كراهية أو تعصب، عن حياتهم وحقوقهم، وأين هم وسط كل هذا ؟!