في الغالب، لا أحبذ أن أخوض في نقاش الموضوعات الاستقطابية التي ينقسم فيها الناس بشكل حاد. في مثل هذه الحالات يتم تحكيم العواطف أكثر بكثير مما نخضع الموضوع للنقاش الموضوعي الرصين الذي يتعامل مع المؤشرات والدلائل، ويبين أبعادها، ليتم في النهاية الخروج بأحكام منطقية حولها.اضافة اعلان
مثل كثيرين غيري، “أغرته” الحملة النشطة التي مهدت لما أسماها أصحابها “وثائق باندورا”، وقررت أن أطالع ما نشره الاتحاد الدولي للصحفيين، والذي قرر بلا أدنى تردد أن حكاما عربا أساؤوا استخدام الأموال العامة.
هذه الحملة طالت الأردن ممثلا بجلالة الملك، حيث افترض معدو التقرير أن مجرد إثبات ملكية العقارات هو إثبات سوء الاستخدام للمال العام، وهو استنتاج فاسد، والأخطر أن التحقيق لم يخضعه للفحص والتمحيص، بل تعامل مع النتيجة المثبتة للجميع على أنها تهمة مثبتة هي أيضا.
كصحفي ممارس منذ أكثر من عشرين عاما، وأمتلك المهنية اللازمة والموضوعية المطلوبة للحكم على “التحقيق”، أعترف بأنني استغربت كثيرا من “الفرضية الهجينة” التي وضعها “مهندسو” التحقيق، والذي انبنى على معلومة واحدة، هي وجود بيوت ومنازل لجلالة الملك في بريطانيا والولايات المتحدة، ثم تم استخدام ما يعرف بعلم الفلسفة باسم “المغالطات المنطقية” التي تشي بأنها سياق موضوعي للمعلومة، وهي في الحقيقة بعيدة كل البعد عنها، لكي يقرر، وبلا أدنى تردد، أن هذه الملكيات تأتت من سوء الاستخدام للأموال العامة.
قلت إنه نقاش هادئ لهذا الموضوع الشائك، لذلك، فسوف أخوض في معطيات يعرفها الإعلاميون في كل مكان، وهي الجانب الآخر من المعادلة التي اقترفها التقرير، فثمة ما يعرف بـ”أنماط الانحياز”، وهي السلوكات الصحفية التي تؤثر في ضمان تحقق مفهوم الموضوعية، خصوصا أن الموضوعية تعتبر أعلى القيم في العمل الإعلامي، وتضم مفاهيم واسعة من اشتراطات ينبغي تحققها، مثل: التوازن والمصداقية والحياد والنزاهة.
التحقيق، بصيغته المنشورة، اقترف، كذلك، “مذبحة” أخرى في ما يتعلق بمفهوم الموضوعية، إذ لم تكن هناك إحاطة كاملة بموضوع البحث، ولا هو تحرى الدقة القصوى، ولا حقق مفهوم الإنصاف والحياد والتوازن، فمن الواضح أن من “هندس” هذا التحقيق، كان يمتلك نتيجة نهائية يراد الوصول إليها، ومهما كلف الثمن.
لكن الانحياز يتبدى بصورة أخرى أكثر قتامة حين نقرأ التحقيق، ونمعن في الإشارات التي بثها معدوه في داخله، مثل الحديث عن مظاهرات واحتجاجات في الشارع الأردني، أريد بها أن يظن القارئ أن هذه الاحتجاجات كما لو أنها ما تزال مشتعلة حتى اللحظة، في سلوك مستهجن من أي كاتب صحفي مبتدئ يحترم عقل قارئه، ويحرص على كشف الحقيقة.
في كثير من ثناياه، اشتمل التحقيق على كثير من الإشارات التي يراد للقارئ أن يتوقف عندها طويلا، وأن يفكر فيها، مثل مديونية الدولة، وقضية الفتنة، والمساعدات الخارجية، والتي استخدمها “مهندسو التقرير” غير المحايد وغير الموضوعي، من أجل إثارة انطباعات خطيرة، يتم إسقاطها على عمل صحفي ركيك، ولا يؤشر على شيء، سوى على فقر من يقفون خلفه.
لست رجل قانون، ولا أدري كيف يمكن التعامل مع تقرير مثل هذا، ولكن من الناحية الإعلامية التي أفهم بها، فهو عبارة عن تقرير متهافت ومتهالك ومدان، ومعدوه لن يتمكنوا من إثارة الانطباعات التي أرادوها من خلاله، وسوف نندب الصحافة والإعلام حين نقرأ عن وقوف 150 جهة إعلامية، و600 صحفي خلف هذا المنتج الذي يسمونه، زورا، تحقيقا، ما يطرح أسئلة حول التسييس والتوجيه، لا نريد الخوض بها هنا، ولكننا سنكون متأكدين من أن الإعلام يعيش فترة انحطاط وضعف صريحة.
مثل كثيرين غيري، “أغرته” الحملة النشطة التي مهدت لما أسماها أصحابها “وثائق باندورا”، وقررت أن أطالع ما نشره الاتحاد الدولي للصحفيين، والذي قرر بلا أدنى تردد أن حكاما عربا أساؤوا استخدام الأموال العامة.
هذه الحملة طالت الأردن ممثلا بجلالة الملك، حيث افترض معدو التقرير أن مجرد إثبات ملكية العقارات هو إثبات سوء الاستخدام للمال العام، وهو استنتاج فاسد، والأخطر أن التحقيق لم يخضعه للفحص والتمحيص، بل تعامل مع النتيجة المثبتة للجميع على أنها تهمة مثبتة هي أيضا.
كصحفي ممارس منذ أكثر من عشرين عاما، وأمتلك المهنية اللازمة والموضوعية المطلوبة للحكم على “التحقيق”، أعترف بأنني استغربت كثيرا من “الفرضية الهجينة” التي وضعها “مهندسو” التحقيق، والذي انبنى على معلومة واحدة، هي وجود بيوت ومنازل لجلالة الملك في بريطانيا والولايات المتحدة، ثم تم استخدام ما يعرف بعلم الفلسفة باسم “المغالطات المنطقية” التي تشي بأنها سياق موضوعي للمعلومة، وهي في الحقيقة بعيدة كل البعد عنها، لكي يقرر، وبلا أدنى تردد، أن هذه الملكيات تأتت من سوء الاستخدام للأموال العامة.
قلت إنه نقاش هادئ لهذا الموضوع الشائك، لذلك، فسوف أخوض في معطيات يعرفها الإعلاميون في كل مكان، وهي الجانب الآخر من المعادلة التي اقترفها التقرير، فثمة ما يعرف بـ”أنماط الانحياز”، وهي السلوكات الصحفية التي تؤثر في ضمان تحقق مفهوم الموضوعية، خصوصا أن الموضوعية تعتبر أعلى القيم في العمل الإعلامي، وتضم مفاهيم واسعة من اشتراطات ينبغي تحققها، مثل: التوازن والمصداقية والحياد والنزاهة.
التحقيق، بصيغته المنشورة، اقترف، كذلك، “مذبحة” أخرى في ما يتعلق بمفهوم الموضوعية، إذ لم تكن هناك إحاطة كاملة بموضوع البحث، ولا هو تحرى الدقة القصوى، ولا حقق مفهوم الإنصاف والحياد والتوازن، فمن الواضح أن من “هندس” هذا التحقيق، كان يمتلك نتيجة نهائية يراد الوصول إليها، ومهما كلف الثمن.
لكن الانحياز يتبدى بصورة أخرى أكثر قتامة حين نقرأ التحقيق، ونمعن في الإشارات التي بثها معدوه في داخله، مثل الحديث عن مظاهرات واحتجاجات في الشارع الأردني، أريد بها أن يظن القارئ أن هذه الاحتجاجات كما لو أنها ما تزال مشتعلة حتى اللحظة، في سلوك مستهجن من أي كاتب صحفي مبتدئ يحترم عقل قارئه، ويحرص على كشف الحقيقة.
في كثير من ثناياه، اشتمل التحقيق على كثير من الإشارات التي يراد للقارئ أن يتوقف عندها طويلا، وأن يفكر فيها، مثل مديونية الدولة، وقضية الفتنة، والمساعدات الخارجية، والتي استخدمها “مهندسو التقرير” غير المحايد وغير الموضوعي، من أجل إثارة انطباعات خطيرة، يتم إسقاطها على عمل صحفي ركيك، ولا يؤشر على شيء، سوى على فقر من يقفون خلفه.
لست رجل قانون، ولا أدري كيف يمكن التعامل مع تقرير مثل هذا، ولكن من الناحية الإعلامية التي أفهم بها، فهو عبارة عن تقرير متهافت ومتهالك ومدان، ومعدوه لن يتمكنوا من إثارة الانطباعات التي أرادوها من خلاله، وسوف نندب الصحافة والإعلام حين نقرأ عن وقوف 150 جهة إعلامية، و600 صحفي خلف هذا المنتج الذي يسمونه، زورا، تحقيقا، ما يطرح أسئلة حول التسييس والتوجيه، لا نريد الخوض بها هنا، ولكننا سنكون متأكدين من أن الإعلام يعيش فترة انحطاط وضعف صريحة.
-
أخبار متعلقة
-
لا يمكن هزيمة الكاتب (2-2) عبدالجبار أبو غربية نموذجاً ومُلهِماً !!
-
النمو الاقتصادي السعودي وفي الخليج العربي
-
اتهامات للأميريكيين في عمان
-
نحنحة
-
أسرى لكن برغبتهم ..!!.
-
لا يمكن هزيمة الكاتب (1 - 2) هشام عودة نموذجاً وملهِماً !!
-
إلى متى ستحتمل الضفة الغربية؟
-
اليوم عيدُ ميلادي