الأحد 2024-12-15 04:55 م
 

‘آنا عربية’ – السردية الفلسطينية في ‘شوت’ واحد!

10:00 ص

الوكيل - فاجأ فيلم ‘آنا عربية’، الفيلم الروائي الأخير للمخرج الإسرائيلي عاموس غيتاي، والذي تم عرضه الأول في مهرجان فينيسيا السينمائي، الكثيرمن النقاد والمشاهدين في تقنية تصوير متفردة، نقلت عالما خاصا لسبع شخصيات في شوت مصور متصل، يمتد من الزمن واحدا وثمانين دقيقة!اضافة اعلان

غيتاي الضيف الدائم على المهرجانات العالمية، يقدم لنا قصة صحفية إسرائيلية شابة، تصل الى منزل عائلة آنا التي توفيت لتوّها، في محاولة منها لتقديم تقرير عن آنا التي هاجرت الى فلسطين منذ نصف قرن كطفلة ناجية من محرقة أوشفيتز في بولندا، دخلت في صباها الديانة الإسلامية لتتزوج من الفلسطيني اليافي يوسف (الممثل يوسف أبو وردة)،دون أن نعرف الكثير من التفاصيل عن آنا، يكشف لنا غيتاي مجتمعا صغيرا لفلسطينيين واسرائيليين يعيشون في حارة مهملة في مدينة يافا المتاخمة لمدينة تل أبيب،والتي على نقيض يافا (أوعلى أنقاضها إن صح التعبير)، تطل في كادرات غيتاي بناياتها الشاهقة في دلالة على التمييز الواقع على الفلسطينيين في الداخل.
في محاولة لكشف الخيوط الغامضة لقصة آنا، تتكشف لنا عبر الحوارات التي تتراءى أحيانا ارتجالية، مدى بؤس القاطنين سواء من عائلة يوسف أو جيرانه، ومدى الضائقة الإقتصادية والتهميش الذي تتعرض له شريحة صغيرة من الاشخاص في رمزية إالى الشريحة الأكبر، وهي الفلسطينين سكان البلاد الأصليين، وإن كانت زوجة الابن أيضا اسرائيلية، إلا أنها في معاناتها تتبدى محسوبة على محيطها العربي. .
في هذه التجربة السينمائية التي لم تتخلل ‘كات’ واحد على الإطلاق، وكأن المخرج يقدم شريطا مقتطعا من الحياة دون تدخل، تُستشعر أحيانا لمسات مسرحية، تحديدا في مشهد بستان يذكر بعض الشيء ببستان الكرز لتشيخوف، تتسلل فيه قليلا الى المشاهد لحظات ملل بسبب الوتيرة الواحدة لإيقاع التصوير، إلا أن الأداء التمثيلي الجيد لطاقم الممثلين كان جديرا بكسرهذا الملل، أذكرعلى وجه التحديد الفلسطينيين نورمان عيسى وشادي سرور، وبلا شك الممثل القدير يوسف أبو وردة، الذي أثبت من جديد تبوئه الصف الأول للممثلين الفلسطينيين،متمكنا من أدواته التعبيرية، وأحيانا بما قد يبدو ارتجالا، استطاع أن يجسد شخصية رجل فلسطيني في منتصف الخمسينيات، يظهرمتعبا بسبب ظروفه الاجتماعية ومع ذلك مرحا بعض الشيء، فخورا بتقاليده العربية، متألما للشتات الفلسطيني، مشتاقا لمجتمع ما قبل النكبة، وللمرأة اليهودية التي أحبها!
أعطى غيتاي المساحة العظمى في شريطه للسردية الفلسطينية من خلال شخصيات تتحدث عن تفاصيل حياتها اليومية، بعيدا عن قصة آنا، تحاول كل منها كسب قوت عيشها بصعوبة بالغة، في عشوائية سكنية تشير الى عدم الاعتراف المتبادل بين الدولة وسكان البلاد الأصليين، أو كما قالها يوسف في دلالة على شعور الغربة عن الدولة العبرية : إن أردت تصليح أسناني، أذهب الى نابلس أو غزة!
بغض النظر عن ما قد يوصف بتبني الرجل الأبيض، الإسرائيلي في هذه الحالة، لسردية الواقعين تحت الإحتلال،لا بد من القول أن تجربة غيتاي الأخيرة تثير ذاك التشوق لرؤية شريط سينمائي فلسطيني، يبتدع كذلك تقنيات سينمائية جديدة، وأفكار للغة سينمائية مطوّرة تبحث بالإضافة الى المضامين القوية، عن جماليات جديدة تزيد من خصوصية وقيمة السينما الفلسطينية التي باتت تحظى، بسبب مخرجيها ومبدعيها، وبمفارقة شديدة بسبب الاحتلال، بمكانة مرموقة عالميا وإن كان على مستوى المهرجانات العالمية أقل مما هو جماهيريا.

ناقد فني فلسطيني


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة