خلال أقل من أسبوعين، شهدت المملكة أربع أزمات غير معتادة، شغلت الرأي العام؛ من أزمة حريق الجمرك، إلى أزمة الأمطار التي داهمت العاصمة، مرورا بصدمة وفاة الشقيقتين في حادثة الجويدة، ووصولا إلى إطلاق النار داخل مركز تدريب الشرطة بالموقر. ومحصلة هذه الحوادث 18 ضحية فقدوا حياتهم، بين مواطنين أردنيين ووافدين وضيوف، بينهم أطفال ونساء ورجال.
تفاوت الأداء العام في الاستجابة لهذه الأزمات والتعامل معها، وفق طبيعة كل أزمة وحجم المتضررين منها. لكن العامل المشترك بين كل تلك الأزمات هو حالة الصدمة والإرباك التي انتابت الرأي العام الأردني، والتي تعود في جانب منها إلى نقص المعلومات، على الرغم من حالة الوفرة والتدفق الهائل للآراء والتحليلات التي قدمتها وسائل الإعلام، وتلك التي ساهم فيها الناشطون؛ سواء على شبكات التواصل الاجتماعي، كما عبر منابر التعبير الأخرى في المجال العام.
تناقض الوفرة والندرة في المعلومات، شكل السمة البارزة المشتركة التي اتسمت بها الأزمات الأربع التي جعلت الأردن حاضرا بشكل استثنائي في وسائل الإعلام الخارجية أيضا. وهذا التناقض خلقه نقص وتأخر في المعلومات الرسمية من جهة؛ وعدم تبلور ونضوج قادة رأي محليين قادرين على التأثير العقلاني في الرأي العام في أوقات الأزمات، من جهة أخرى، ولديهم دينامية اتصالية تستطيع أن تستثمر منافذ المعلومات المتاحة للتقليل من حدة هذه الأزمات؛ ويُقصد بذلك قادة الرأي الذين يملكون ثقة عامة، ويشكلون مرجعية في مجتمعاتهم. فالرأي العام مثل الطبيعة؛ لا يقبل بالفراغ، ويلجأ إلى ملئه بالطرق المتاحة، وأحيانا من دون النظر إلى المحتوى ونوعيته.
هذا ما حدث بالفعل في معظم تلك الأزمات. فضعف مرفق المعلومات العامة، إلى جانب ميراث تواضع الثقة العامة، مكّنا الهواة والناشطين غير المحترفين من أن يكونوا في الصف الأمامي لملء هذا الفراغ. فتلك الأزمات لا تعدو أن تكون أكثر من حوادث غير معتادة، لكن حينما يلف أي حادث الغموض، ولا تقدم الجهات المختصة رواية متماسكة، تُفتح الأبواب للتكهنات ولسيل من الإجابات الافتراضية التي قد تجعل الحادثة أزمة متدحرجة، قد تولد أزمات أخرى؛ وبدلا من خلق الطمأنينة لدى الجمهور، يقاد الناس إلى المزيد من القلق والاضطراب والخوف من القادم. وهو ما يحدث في هذه الأثناء وسط الأردنيين؛ سواء في حديثهم عن 'الشتوات' المقبلة وما تبقى من الموسم المطري، أو في توقعات الجرائم والأعمال الإرهابية.
التعامل الاتصالي مع الأزمات؛ سواء من قبل وسائل الإعلام، أو المؤسسات المختصة، يتطلب ثلاث استراتيجيات أساسية، هي: الاستجابة، أي عدم الصمت في مواجهة الأزمة، بل ملء فراغ المعلومات. فإن لم تقم المؤسسات المختصة بهذا الدور، فإن هناك الكثير من المتبرعين للقيام بهذه المهمة. ثم الإحاطة الجارية بتطورات الأزمة وما يصاحبها من تداعيات؛ فالحضور من خلال المعلومات يجعل الجهة المختصة هي مرجعية الجمهور. ثم المتابعة، بمعنى أن لا ينتهي دور تقديم المعلومات مع بداية تراجع الأزمة وبداية نهايتها.
تلك الأزمات الأربع وغيرها قد تحدث في أي مجتمع، كما هو الحال بشأن احتمال تكرارها أكثر من مرة. والدرس المهم الذي حان الوقت لأن نتعلمه، هو أن الشفافية وإحاطة المجتمع بالمعلومات، مصلحة وطنية بحتة. فيما التستر والانغلاق في ضوء ما نشهده من تحولات هائلة في وسائل الاتصال، يشكلان أزمات أخرى تراكم في ضعف الثقة العامة.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو