الأحد 2024-12-15 02:23 م
 

البلد

08:23 ص

زمان حين كنا طلابا في الجامعة ... كنا نهرب يوم الخميس إلى البلد .. فهناك تجد المطاعم الرخيصة , وتستطيع أن تأكل سمكا (بدينارين) وتذهب عند (أبوالشكر) وتشرب السحلب بـ (10) قروش , وتتجول دون الحاجة لسيارة ... هناك أيضا كشك (أبو علي) .. وباعة (الفستق) ... وكل شيء متاح , حتى (الكوندشنات) كانت تعتبر ترفا ... فحر المطاعم في الصيف له نكهة خاصة .اضافة اعلان

الغريب أننا نملك قانونا لحماية الأماكن التراثية , ولكننا لا نملك قانونا لحماية رواد هذه الأماكن , فمطاعم البلد لا تختلف أسعارها الان عن مطاعم عبدون , والغريب أن مجتمع النخبة صار ينافسنا على إرتياد هذه المطاعم ... فأنت حين تدخل مطعما تجد فيه مجموعة من النواب , والوزراء , وبعض رجال الأعمال ...وبالتالي تحولت هذه الأماكن من تراثية ,إلى (نخبوية) ... صارت (الكوندشنات) تحتل مساحات واسعة , والديكورات الفخمة ... ينفق عليها الألوف ...
القانون .. الأصل فيه حماية , المجتمع ... وليس الجدران , حماية حركة الناس وليس حماية الحجارة ...حماية هوية الفقر في المكان , ليس ترف البعض ...
لهذا ...عمليات التراخيص التي تمنح الان , والمطاعم التي تنشأ , فيها محاولات لسحب نموذج المطاعم الراقية في عمان الغربية , وإسقاطه على البلد ... وبالتالي ستفقد البلد ميزتها ... فأنت حين تذهب في يوم الخميس إليها , تكتشف أن حجم (المرسيدسات) المركونة هناك أكبر من حجم البشر ,تكتشف أن (البدلات) الفارهة التي تجلس في المطاعم , أكبر من حجم فقر الناس ..
بصراحة البلد لم تعد لنا , للفقراء ..للموظفين , للمسحوقين ...البلد صارت للأغنياء ولمجتمع النخبة , فقد امتلأت بالجدران الفارهة , وبالسيارت الفارهة ...وبأناس وجوههم لا تشبه وجوهنا , ولا لكنتنا .. ولا تعبنا.


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة