العقبة في إعلام النكاية والوشاية ..

سألني أحد المسؤولين الرسميين عما اعتبره مصطلحا حصريا أطلقته على العقبة، باعتبارها تشكل أيضا «منجما إعلاميا وطنيا»، فأجبته إجابة سريعة تتفق مع ديبلوماسيته، لأن نيتي «احتكارية» حول هذا المنجم، فالعقبة منطقة اقتصادية «خاصة»، وحديثي عنها لن يكون مجانيا أو قابلا للتسلق والتملق والفصحنة والسطو والسرقة، ولا أدعي بأنني افهم أكثر من زملائي في الاعلام وفن الكلام الصحفي، بل جميعهم أفضل مني، لكنني أصبحت أعاني من انطباع أكثر سوءا مما يعتقد بعضهم، حول تعامل العقبة مع الاعلام وتكريسها لفهم خاص أيضا عن تأثيره والتعامل معه..

الفقرة السابقة تمثل نموذجا من إعلام نكاية ووشاية، وكتبتها على هذه الطريقة «استعراضا»، بأنني أجيد هذه الكتابة أيضا، لكن ليس هذا الهدف من مقالتي، بل إن الهدف مختلف تماما:

الخبر الذي انتشر منذ الخميس الماضي، وتردد في آفاق «إلكترونية» وتناسلت منه آراء ومقالات، كان له وقع النكاية والوشاية، وأعاد إنتاج تلك الدعاية عن تعامل العقبة مع الاعلام، وفقدان البوصلة فيما يخص الفكرة الوطنية الغائبة عن قصة نجاح حقيقية، لا يقدم لها أبناؤها وأبطالها ورعاتها سوى المزيد من الاساءة دونما علم منهم، بسبب فهمهم الخاص للاعلام ودوره في تحقيق أهداف ثانوية مهمة تقع على ضفاف او في عمق او خلف الخبر القادم من العقبة.

الحقيقة: إن أحد الأشخاص المحترمين، قام وبصفته الشخصية بتوجيه دعوة إلى بعض أصدقائه من الزملاء الصحفيين وغيرهم، والمهم هنا أن الدعوة شخصية، شملت أيضا بعض زملاء في صحف، ذهبوا بصفتهم الشخصية وعلاقتهم وصداقتهم مع صاحب الدعوة المحترم، وهذا امر طبيعي ولا أحد يدعي أن المضيف أخطأ فيه.

لكن أين حدث الخطأ والوشاية والدعاية والنكاية؟

تم تقديم الخبر بطريقة استفزازية لوسائل الاعلام، وتضمن صورا، جمعت الزملاء برئيس سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة ناصر الشريدة، وتم تسويق الخبر على أنه لقاء جمعه بالإعلام و»رموزه»، وقيل بأنه «انتفاضة العقبة الخاصة» الاعلامية، لتسويق منتجها السياحي وقصة نجاحها !!.

وهو كلام جاء على خلفية حملة اعلامية على جانب من التضليل، تعرضت لها العقبة قبل أسبوعين، وكتبنا عنها هنا مقالة «ياني اليوناني»، التي استغربنا فيها هذه الحملة والتوظيف الأسوأ لقصة ترويج اعلامي سياحي طبيعية، وذات تكاليف شبه مجانية مقارنة بأثرها بعيد المدى، فاعتقدنا بأن هذه الدعوة للزملاء للاجتماع هي طريقة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة في التعامل مع العقبة وقضاياها ومع الاعلام الوطني، وتعرضت شخصيا لأسئلة من زملاء وقراء حول هذا الخبر والصور، فلم أجد إجابة، بل آثرت الصمت الذي يسبق «الكتابة»، لكنني اضطررت للسؤال بعد أن تناسل الخبر عن كتابات لا تخدم العقبة وتخلف استياء لدى زملاء ووسائل اعلام، مبعثه تجاهل متعمد لوسائل الاعلام تلك، او دعوة صحفييها كممثلين لها دون إخبارها، لتنكشف الحقيقة، وهي ان الموضوع دعوة شخصية وضيوف، ولا تمثل شيئا رسميا لمنطقة العقبة الخاصة، وهي مواقف لا يمكننا انتقادها بل ربما نعززها، من أجل تواجد اعلامي في العقبة، لكن دون توظيفات هادفة لنجومية او تنطوي على نكاية وتهميش وإقصاء لوسائل اعلام وطنية او زملاء..

كلام الصحفي عن العقبة، وحين يكون الصحفي أردنيا، يجب ان يختلف عن كلام السائح حتى لو كان السائح مواطنا أردنيا، ونقل الخبر عن العقبة يكون مهنيا حين يكون ملتزما بعناصر الخبر وبعيدا عن التحليل والاستنتاج الموجه، وكذلك نقول عن التقرير التلفزيوني والاذاعي، اما عن التحليل والمقالة فهما يمثلان الرأي، ويوجهانه، والعقبة تحتاجهما أكثر مما تحتاج الخبر، فالخبر موجود ويصوغه زملاء يتواجدون في العقبة، وكمثال عن غياب جهد إعلامي وخبر وتحليل:

لم اقرأ في إعلامنا «مثلا»، شيئا عن شركة الجسر العربي، التي انحسر دورها الاجتماعي وربما تراجع عملها في الأشهر الأخيرة، ولست أجزم بأن سبب هذا التراجع، هو خروج مسؤولها الأردني ليصبح وزيرا وتعيين مسؤولين غير أردنيين، مع تأكيد حقيقة للقارىء وهي أن هذه الشركة تسهم فيها رؤوس أموال من عدة بلدان ومن الطبيعي أن يتناوب على إدارتها أشقاء عرب من هذه البلدان.

الشركة كبيرة وهي الوحيدة التي تملك اسطولا بحريا قوامه 7 سفن (شحن، نقل ركاب)، والمهم هنا هو تراجع دورها الاجتماعي في العام الأخير، بل وتراجعت كل نشاطاتها كما يقول زملاء ومواطنون يقيمون او يعملون في العقبة.. وهذا مجرد مثال اسوقه للزملاء وللمتابعين وللصديق الذي يسأل عن الاعلام ومناجمه الوطنية كمثال بسيط، يبين مدى ابتعاد الاعلام عن القضايا الوطنية الأهم وعن قصص الانجازات الكبيرة في العقبة.

أختم هنا بتصريح من فصيلة النكاية والوشاية أيضا: لن أتحدث عن العقبة او ازورها بشكل شخصي ومهما كانت أسباب الدعوة..مع الاحترام للعقبة ولمسؤوليها وللزملاء ولضيوفها.