الأحد 2024-12-15 11:57 ص
 

القارص يستسهل دمنا ولحمنا

08:12 ص

لا يكاد بيت اردني يخلو من مرارة الشكوى من انتشار القارص والناموس بشكل كثيف ودون ادنى اجراء من امانة عمان او وزارة البلديات او اللجان البلدية المؤقتة، التي ربما استثمر البعوض والقارص وجود هذه اللجان المؤقتة كي ينهش لحمنا ويمتص دمنا دون رادع او رقيب، فكل اللجان حسب العُرف الاردني اجراء شكلي يسعى الى إماتة القضية وتحويل أعين الرأي العام الى العدم، ويبدو ان القوارص من الحشرات التقطت الرسالة فغامرت بطرح جحافلها الى البيوت الاردنية، بعد ان تحصنت تلك الحشرات من كل انواع المبيدات التي تُباع في المحال التجارية، فالجيل الجديد من القارص مستعد بشكل جيد ولا ابالغ ان قلت، يستوجب القضاء عليه بالاسلحة التقليدية البخاخة، التقاط البعوضة وفتح فمها ثم رش المبيد الحشري داخله او تنشيقها البخاخ مثل « الزعوط « القديم لمن يذكره .اضافة اعلان


قبل سنوات قليلة جدا، وعندما كانت امانة عمان تعرف المدينة وتعرف مشاكلها، كانت بكبات الرش تجوب الحارات والشوراع استعدادا لموسم الصيف لمكافحة الحشرات والبعوض، كانت تطلق غازا نفاذا يقال انه ديزل او ماشابه، لكنه كان يقضي على البعوض او يخفف من اضراره، كانت امانة عمان تعرفنا ونعرفها، تعرف وجعنا وتعرف مواسم القارص وتعرف الاستعداد، كانت النظافة في اوجها وكانت المدينة تنافس كبريات المدن العالمية في كل شيء قبل ان تتراجع الامانة ويتراجع الحس العام بكل ما يحدث في المدينة من تفاصيل سياسية واجتماعية، فالحالة العامة تشهد تراجعا عاما واسترخص القارص والناموس لحمنا ودمنا او استساغه بحكم ان الاردنيين شباب ولحمهم شهي .

ثمة اوجاع كثيرة تعيشها اللحظة الوطنية، ولان معظم الاوجاع مرتبطة بعوامل خارجية او يتدخل الخارجي في صناعتها وحلولها، فإن الحالة تتطلب النجاح والعمل في القضايا التي نمتلك نحن مفاصلها كما هي الحال في قطاع الخدمات، ولعل ابسط خدمة هي مكافحة القوارض والحشرات وهناك مديرية كاملة في امانة عمان تحمل اسم دائرة مكافحة القوارض والحشرات، التي خسرنا مديرها الكفؤ لصالح امانة وزارة التنمية السياسية، وتنشيط المديرية لا يحتاج الى خوارق او معجزات، بل يحتاج الى ارادة ادارية وربما الى ارادة سياسية كي يشعر المواطن ودافع الضرائب انه يتلقى خدمات بسيطة مقابل الضرائب العالية التي يدفعها .

يمكن ان يحتمل المواطن الظرف الخارجي وصعوبيته ويمكنه ان يتفهم الاضرار الناجمة عن اغلاق معبر طربيل وحدود نصيب واحتلال الضفة الغربية، فكلها عوامل خارجية تضرب اعصابنا الاقتصادية، اما اننا عاجزون عن مكافحة الناموس والبعوض، ونعجز عن استرداد عاصمتنا النظيفة، فهذا غير مفهوم، فلا يوجد في جيب المواطن ما يكفي لمعالجة اثار القارص ولا تحتمل موازنته الشهرية بندا جديدا اسمه المبيدات الحشرية، فتصبح ميزانية الشتاء تحمل بند المحروقات وميزانية الصيف تحمل بند المبيدات، نحتاج الى ادارات حصيفة والى كفاءات وطنية متوافرة بكثرة لاستلام مقاليد المناصب ووضع الحلول لازمات بسيطة لكن تجاهلها وتفاقمها يجعلها ازمة كبرى .

نحتاج الى ان تكون قيمة المواطن مرتفعة عند المسؤول فقط، ونحتاج الى قرارات جريئة بالمحاسبة والاقصاء والعزل، فقد استسهل المسؤول التهرب وعدم المحاسبة فلا داعي ان يستسهل القارص والبعوض لحمنا ودمنا كما هو الحاصل الان، فاجساد الصغار باتت مثل طبق المجدرة من كثرة النتوءات وبتنا نخجل ان نحلق لحيتنا خشية البثور التي تركها القارص واخشى اننا بتنا نخجل ان نطلب من امانة عمان شيئا فلعلها نسيت اسمها او نسيت انها امانة .

 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة