الأحد 2024-12-15 07:55 ص
 

المدن الأردنية بتتكلم سوري

02:21 ص

الوكيل - لا يجد تاجر البقالة الأردني محمد عدنان القيسي ما يمنعه من إظهار قدر حذر من الترحيب بالوجود الديمغرافي السوري الكبير الذي يجتاح خارطة المجتمع الأردني وسط تأويلات وتكهنات متعددة وغير مستقرة عند أي نظرية سياسية أو حدودية.اضافة اعلان

القيسي الذي يدير سوبرماركت صغيرا في ضاحية عمان الشرقية لاحظ بان عددا متزايدا من الأشقاء السوريين يتوافد إلى المنطقة.
المشكلة بالنسبة للتاجر القيسي أن الضيوف من سورية لا ينفقون مالا كالعراقيين مثلا ويشترون حصريا السجائر والخبز بصفة أساسية وينافسون أهل المكان العاطلين أصلا عن العمل على كل المهن.
أمام 'القدس العربي' وخلال استماعها لشكوى التاجر الأردني دخل على خط النقاش شاب في العشرين وقال بانفعال: أنهم - يقصد اللاجئين السوريين - أغلقوا تماما أمامنا غالبية المهن.
ويوضح الشاب وإسمه إسماعيل الشايب: بصراحة هم مهنيون بدرجة ممتازة ويقبلون نصف أو ربع الأجر الذي نقبل به ويتقنون عملهم.
يضيف الشايب: انا وأمثالي من العمال المهرة الذين نترزق من مساعدة المقاولين الصغار نجلس في البيوت الآن.
اللافت أن المسألة تتعلق بوجود ديمغرافي للسوريين في ضواحي عمان الشرقية وليس الغربية وباتجاهات جنوب البلاد بعدما 'أغرقوا' شمالي البلاد تماما.
لكن الإيقاع السوري شعبيا وديمغرافيا واجتماعيا فرض نفسه تماما على الأردنيين وفي غالبية مدنهم فأمام مقبرة أم حيران وسط العاصمة عمان يتجول ثلاثة شبان مع إبريق قهوة عند الإشارات الضوئية كتبت عليه عبارة 'قهوة سورية'.
نفس المشهد موجود بكثافة في مدينتي إربد والزرقاء حيث لم يسبق للشعب الأردني أن اعتاد على شراء القهوة العربية المرة عند الإشارة الضوئية... المشكلة - يقول عامر حفار تاجر القهوة الأردني الشاب - ان فنجان القهوة السوري المتجول رخيص الثمن ولذيذ وطازج بصراحة.
قريبا وفقا للحفار ستولد طبقة من المتعهدين والمقاولين الأردنيين والسوريين الذين سيتسببون بإخراج الاف من محلات القهوة الأردنية المنتشرة من السوق، مشيرا الى ان ملامح 'مافيا' القهوة السورية بدأت تتشكل في بعض ملامح عمان حيث لا يحتاج الأمر لأكثر من شباب من سورية صغار السن وإمرأة متخصصة بالطعم السوري وبالخلطة وأردني يتولى التمويل وتوفير الحماية للباعة الصغار مع رشوة مراقبين محليين.
كل ذلك - يشرح الحفار- بدون رسوم ترخيص ولا أجرة محل ولا رقابة من البلدية ولا دفع ضرائب فهي تجارة حرة تماما من الصعب تماما السيطرة عليها لان الوجود السوري ببساطة في الأردن شرعي تماما ولا يخالف القانون.
حتى في محيط المساجد في الأحياء الفقيرة شرقي عمان يمكن رصد إسلاميات سوريات يعملن بنشاط في المجال الإجتماعي والخيري ويخترقن البيوت لكن في شمالي البلاد المسألة تختلف تماما فالوجود السوري هو الطاغي والتجارة على حد تعبير عضو في البرلمان الأردني 'بتتكلم سوري'.
عضو البرلمان السابق صلاح الزعبي وخلال دردشة مع 'القدس العربي' تحدث عن حضور تجاري لافت جدا في مناطق الشمال للأشقاء السوريين مشيرا لمطاعم ومحلات تجارية وإستراحات، لكن على صفحة فيسبوك يقول بعض النشطاء بأن الإيقاع السوري هو المسيطر خصوصا في محيط مدينتي الرمثا وإربد حيث لا توجد شقة للسكن.
وفقا لحوارات متعددة أجراها الزعبي مع بعض أثرياء الريف السوري وضع إستثمارات تجارية في الأردن ليس ضارا لان بقاء هذه الاستثمارات يعزز الملاءة المالية حتى بعد استقرار الأوضاع في سورية.
الزعبي سمع أحدهم يقول: لا توجد مشكلة سأعود إلى بلادي بعد الاستقرار وسيواصل مطعمي في الأردن العمل وسأزوره نهاية كل أسبوع، فالمسافة بين عمان ودمشق لا تحتاج لأكثر من ساعتين بالسيارة.
الأرقام لا تكشف الحقائق بصفة قطعية وعدد السوريين في الأردن بعد الأحداث الأخيرة في بلادهم بدأ يتخطى حاجز'المليون' والناشط السياسي محمد خلف الحديد يتحدث عن ثلاث مناطق تم اختيارها لإقامة مخيمات عملاقة للمزيد من اللاجئين السوريين في ثلاث محافظات أردنية حيث لم يعد مخيم الزعتري الشهير قادرا على الاستيعاب.
طبعا السلطات تتحدث عن 400 ألف لاجىء سوري في محيط الزعتري خلافا للسوريين الذين دخلوا عبر الحدود بصورة طبيعية ولمن كان في الأردن قبل الثورة.
اللافت جدا أن عمان لا تقفل باب اللجوء رغم كثرة تذمرها وشكواها من خذلان المجتمع الدولي والأصدقاء في مسألة الغطاء المالي لاحتضان واستضافة اللاجئين.
واللافت أيضا ان طرفي المجتمع في شريط سهل حوران جنوبي سورية وشمالي الأردن إختلطا ببعضهما بصورة غير مسبوقة حيث لا حدود أمنية أو قيود اجتماعية من أي نوع على عملية خلط يبدو أنها متعمدة وفقا للحديد بين أهل حوران في الجانبين والهدف قد يكون سياسيا في النهاية وتحقيق استقرار دائم لأهل جنوب سورية.
نفس البيئة ونفس الأرض وأهالي درعا والنسخة السورية من حوران لهم أقارب بالدم والعشيرة في النسخة الأردنية، والجديد أن الحدود التي تقسم النسختين بين بلدين عمليا 'لم تعد قائمة' اليوم في عملية من الصعب القول بأنها ليست منهجية بدليل وجود أكثر من مليون سوري في الأردن حاليا. هل هي عملية توطين جيوسياسية ذكية لها أغراض سياسية أعمق؟


القدس العربي


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة