التوجه نحو بناء الذات أولاً، ينبغي أن يكون عماد ثقافة مجتمعية واسعة، وينبغي أن يكون مهارة فردية يتقنها كل إنسان، مهما كان دينه أو مذهبه، ومهما كانت توجهاته الفكرية والسياسية، وبغض النظر عن المستوى الثقافي والدرجة العلمية، وبغض النظر عن التخصص ونوع العمل، ومكان السكن.
وظيفة الأسرة الأولى تتجلى في إكساب أبنائها القدرات الفردية والمهارات الأساسية التي تجعلهم قادرين على مواجهة الحياة، وقادرين على العناية بأنفسهم، وقادرين على التعامل مع الآخرين، وقادرين على حل مشاكلهم بيسر وسهولة، وقادرين على التصرف مع المتغيرات والتعامل مع المستجدات بكفاءة.
وظيفة المدرسة تكمل وظيفة الأسرة من خلال زيادة معارف التلميذ، وإكسابه مزيداً من العلم يؤهله لولوج المستقبل، وتزويده بالمهارات المتعددة التي تجعله قادراً على التعامل مع أقرانه وأصدقائه ضمن حدود التعاون والمشاركة المطلوبة، ليصبح فرداً في مجموعة اجتماعية متجانسة، يعرف كل واحد منهم حقوقه وواجباته، ويعرف ما هو مطلوب منه ضمن إطار القيم الجمعي المشترك.
ثم يأتي دور الجامعة الرئيس والأكثر أهمية في تتويج هذه الجهود المشتركة لإعداد الفرد المؤهل والمدرب والمتخصص في أحد مجالات الحياة، ليكون إيجابياً وفاعلاً منتجاً، على صعيد ذاته أولاً وعلى صعيد مجتمعه المحلي ومجتمعه الكبير وعلى صعيد وطنه وشعبه وعلى صعيد الإقليم والعالم بعد ذلك.
الأسرة والمدرسة والجامعة والشارع والمجتمع ومكان العمل كلها مؤسسات متعاونة متكاملة تتضافر جهودها وأعمالها ومناهجها في عملية إكمال بناء الإنسان الصالح على صعيد نفسه والمصلح على صعيد مجتمعه وبيئته المحيطة، وينبغي أن ننطلق جميعاً من رؤية واحدة ورسالة مشتركة، ومنظومة قيم جمعية عليا تحظى بالتوافق والاحترام، من خلال ترسيخها عبر الزمن بوساطة العلم والتجربة وإجراء عمليات الحذف والإضافة والتعديل والاستدراك من أجل إيجاد السجل الحضاري القيمي للمجتمعات البشرية.
الثقافة الأكثر أهمية في هذا السياق أن يحمل المرء هدفاً سامياً في بناء الذات، وأن يعلم الفرد علماً يقينياً ثابتاً أنه يتحمل المسؤولية الأولى في صنع نجاحه، وأن يملك كرامة آدمية تحتاج حفظاً وصيانة، ويملك حرية تامة في داخله لا يستطيع أحد مصادرتها، وأن السعادة في قلبه ووجدانه وليست عند الآخرين، مما يحتم على كل واحد فينا أن يؤمن إيماناً قاطعاً بأنه هو المسؤول الأول عن نجاحه وفشله، وعلينا أن نحارب سياسة تعليق فشل الذات على الآخرين، وعلينا أن نحارب سياسة تبرير العجز والضعف والتخاذل والهزيمة، مصداقاً لقوله تعالى: (أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
ثقافة بناء الذات أولاً تحتم علينا أن تتوجه بالسؤال الدائم للنفس: ماذا قدمت؟ وماذا أستطيع أن أقدم لنفسي ولأهلي وللآخرين؟ وأن نقلل من سؤال ماذا قدم الآخرون لي؟ وأن نبتعد عن ثقافة الاعتماد على الآخرين، وثقافة التبعية للآخرين، وما ينطبق على الفرد في هذا المجال ينطبق على الجماعة وينطبق على الحزب وينطبق على المجتمع وينطبق على الدولة كذلك.
عندما نتقن ثقافة بناء الذات، ونتقن ثقافة سؤال النفس وتقويمها أولاً، نكون خطونا الخطوة الأولى والضرورية على طريق النجاح، إذ لا أمل بتحقيق النجاح دون الخطوة الأولى الناجحة.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو