ثلاثي مناكف يحاول إحباط تقدم الصوت الواحد و'فرملة' الدولة وفتح ملفات الفساد

الوكيل- بسام البدارين - لحظات فقط فصلت بين تحدث زعيم الأخوان المسلمين في الأردن الشيخ همام سعيد عن 'أزمة حكم' في البلاد وبين الوصفة المختصرة التي قدمها رئيس الوزراء المستقيل للتو عون الخصاونة كطريق مقترحة للخلاص من هذه الأزمة وقوامها التراجع عن القبضة الأمنية ومحاكمة الفساد.اضافة اعلان


سعيد والخصاونه تحدثا معا في حفل الإفطار الضخم الذي أقامته جماعة الأخوان المسلمين مساء الأحد في قلب العاصمة عمان. بالنسبة للمهندس خميس المحتسب أحد ضيوف الإفطار بدا وكأن المسألة أشبه بلعبة كرة الطائرة: يرفع الشيخ سعيد الكرة بالهواء ثم يضربها الخصاونة نحو ملعب مؤسسة القرار.

يبتسم المحتسب ويشرح لـ'القدس العربي': شعرت لوهلة بأن الخصاونة يريد أن يقول ضمنيا لمؤسسة الحكم بأن الإصرار على هزيمة السياسي لصالح الأمني والعناد في تجنب فتح ملفات الفساد سيضع الكرة تماما ودوما بين ذراعي الشيخ همام سعيد لكي يرفعها في الإتجاه الذي يراه مناسبا.

الخصاونه وقف أمام ضيوف التنظيم الأخواني الذين يعدون بالألاف ليبلغهم ضمنيا بانه لن يتحدث عن تجربته في رئاسة الحكومة لان كثرة الحديث قد تخدش كرامة الحقيقة تاركا الأمر برمته لحكم الشعب والناس والتاريخ مركزا على أحداث المنطقة ومختصرا أزمة الحكم التي أشار لها مستضيفه الشيخ سعيد بالإشارة فقط لملفين هما الأمن والفساد.

الإيحاء هنا واضح فالخصاونة يريد أن يؤشر ضمنيا على أن إصراره على 'إخضاع' الدولة البوليسية وفتح ملفات الفساد أطاحا عمليا بتجربته الرئاسية وهي قناعة كثيرين في موقع الحفل لم يبددها إلا صوت عريف الحفل والشيخ سعيد وهما يستذكران بالخير وعدة مرات لاعبا أساسيا ومهما في معادلة المشهد السياسي الوطني اليوم رغم غيابه عن المناسبة وهو رئيس الجبهة الوطنية للإصلاح أحمد عبيدات. وكما تبادل الشيخ سعيد والخصاونة كرة سياسية فعل الإسلاميون وعبيدات شيئا مماثلا فدقائق فقط بعد الإشادة العلنية به من قبل قادة الأخوان المسلمين أعلن عبيدات بأن جبهته قررت مقاطعة الإنتخابات ترشيحا وإنتخابا منسجما بالتالي مع موقف الحركة الأخوانية ومنتجا مطبا جديدا من الوزن الثقيل أمام حركة قانون الصوت الواحد الذي دفع الإسلاميين أصلا للمقاطعة.

في الأفق إذا ووفقا لرأي الناشط السياسي محمد الحديد يتشكل ثنائي متحرك جديد من أبرز رجالات النظام المنسحبين من دوائره في الواقع وهما عبيدات والخصاونة وكلاهما من زعامات شمالي المملكة.

عبيدات شريك الإسلاميين في الموقف السياسي منسحب عمليا من المشهد الرسمي منذ نحو 20 عاما لكن مؤسسة النظام دفعت الخصاونة للإنسحاب من المسرح السياسي وخذلته بعدما أقرت مبدأ التحرش الأمني بحكومته. لذلك يتقارب الرجل من الإسلاميين ويقدم أدلة على أنه يستطيع إنتاج كميات من الإزعاج لو أراد فبعد حفل الإفطار الرمضاني للأخوان المسلمين تحلق الناس بالعشرات حول نجم الحفل الأبرز وهو الخصاونة في رسالة قد تصل لمن إستهدفوه في مؤسسة النظام وضايقوا حكومته.

قبل ذلك وعندما كان الخصاونة رئيسا للوزراء وفي إجتماع تشاوري على مستوى قمة صناعة القرار سأل الرجل مسؤولا أمنيا بارزا: قل لي ما الذي تريدونه حصريا من الأخوان المسلمين؟... لماذا تستهدفونهم وتشيطنوهم إلى هذا الحد وإلى أين تريدون الوصول؟

الإجابة كانت سريعة: إنهم يهددون السياحة ويؤثرون على إتصالاتنا ومفاوضاتنا مع البنك الدولي... بالنسبة للخصاونه هذه إجابة غير جدية وهزلية فالرجل كان في قمة هرم القرار وإستقال وهو يلاحظ بأنه لم يستطيع هضم الإستراتيجية الأمنية في التعاطي مع الأخوان المسلمين حتى لا نقول انه لم يفهمها أصلا فالأشياء غير المفهومة في المؤسسة الأردنية كثيرة يقول علي أبو السكر رئيس مجلس شورى حزب الأخوان المسلمين.

لذلك قدم عريف حفل الأخوان المسلمين الرمضاني الشيخ سعود أبو محفوظ وهو بالمناسبة صقوري بإمتياز الخصاونة على النحو التالي: نمثل اليوم 1200 تجمعا سكانيا في الأردن الغالي وضيوفنا من شمالي المملكة وجنوبها وضيفنا الكبير سيلقي كلمه بإسم الضيوف.

طبعا ألقى الخصاونة أمام 'القدس العربي' كلمته في حفل الأخوان المسلمين بعدما إنتهى للتو من الإطلاع على ترتيبات حفل الأيتام السنوي الذي سيرعاه في مخيم البقعة أكبر مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في الأردن بصفته الجديدة المتمثلة بالرئاسة الفخرية لنادي البقعة.

قبل أيام إستقبل الخصاونة وفدا من أهالي مخيم البقعة طلب منه قبول الرئاسة الفخرية فوافق الرجل وبدأ يدعم نظريته في الوحدة الوطنية على هذا الأساس. أحد أبرز المسؤولين في القصر الملكي بعدما شعر بحركة الخصاونة في الأفق الوطني سأل زميلا له: هل يناكف الرجل؟.. أحد المقربين من الخصاونة أجاب: لا أعتقد إطلاقا لكن إذا كنت ستقول شيئا في الاردن فعليك التعامل إما مع النظام او مع الأخوان المسلمين.. دون ذلك لن تقول شيئا ولن يستمع لك أحد وتقديري أن الرجل يسعى حرصا على الدولة والنظام لفرملة الإيقاعات المتسرعة داخل مؤسسة القرار.

القدس العربي