الأحد 2024-12-15 07:22 ص
 

دراسة: سياسة القبول الجامعي مفلسة أخلاقياً و تنطوي على أخطر أنواع التمييز

03:02 م

الوكيل- كشفت دراسة بحثية أردنية جريئة وغير مسبوقة عن وجود عشرين فئة في المجتمع الأردني تحظى بمعاملة إستثنائية وتفضيلية في الجامعات بحيث يتم تكريس أخطر أنواع التمييز ضد فئات عريضة في المجتمع الأردني لا تطالها (بركات) نظام القبول الإستثنائي.اضافة اعلان


وقدمت الدراسة أدلة علمية وواقعية على أن ما يقترب من 80 % من مقاعد الجامعات توزع على هذه القوائم الإستثنائية بصورة مخالفة للقانون والدستور ولأحكام الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ومنذ أكثر من 20 عاما, الأمر الذي ساهم في تردي مستوى التعليم العالي في البلاد .

وتظهر حيثيات الدراسة بوضوح بأن قطاعا واسعا من الأردنيين من أصل فلسطيني يتم إقصائه وإبعاده بصورة منهجية عن حصص المقاعد الجامعية فيما لا تخضع هذه المقاعد بنسبة كبيرة إلى سياسات التنافس الحر والشريف.

وأصدر هذه الدراسة التي تعتبر الأولى من نوعها الباحث الحقوقي والقانوني البارز الدكتور محمد علوان عضو اللجنة القانونية للمبادرة الأردنية من أجل مواطنة متساوية وهي مجموعة ضغط سياسية وثقافية تقول أنها تسعى لتكريس ثقافة المواطنة في المجتمع.

وتحدثت الدراسة عن ما وصفته بأخطر أنواع التمييز في المجتمع على خلفية سياسات القبول وحددت الفئات العشرين التي تحظى بمعاملة خاصة في توزيع المقاعد الجامعية خلافا للدستور والقانون.

والفئات العشرين حسب الدراسة هي: أبناء أعضاء الهيئات التدريسية والعاملين في الجامعات الرسمية وأعضاء مجلس التعليم العالي ومجلس البحث العلمي وأعضاء مجالس أمناء الجامعات الرسمية ومجالس الجامعات والعاملين في وزارة التعاليم العالي والتربية والتعليم والأردنيين المقيمين في الخارج و العاملين في الإعلام وأفراد القوات المسلحة واعضاء البعثات الدبلوماسية والأردنيين من حملة الشهادات الأجنبية.

وخصت الدراسة بالذكر قائمة القبول الخاصة بالديوان الملكي والتي تخصص فيها مقاعد العلم الجامعية لمن له واسطة بدون أسس منهجية وبصرف النظر عن معدلات الإمتحانات في الثانوية العامة.

وقالت الدراسة أن هذه الفئات معاملة تفضيلية في القبول بالجامعات الرسمية وهي ليست من الفئات المحرومة اجتماعيا واقتصاديا ولم تعان تاريخيا وبشكل دائم من التمييز كما يروج البعض وكما يفترض أن يكون.

وصدرت الدراسة عشية إنتهاء إمتحانات الثانوية العامة في البلاد والتحضير لإعلان القبول في الجامعات وهو موضوع يعتبر الأكثر أهمية بالعادة بالنسبة للشعب الأردني.

وبوضوح أعلنت المبادرة الأردنية لمواطنة متساوية دراستها المتخصصة بعد الصدمة التي عايشها المجتمع إثر مظاهر العنف التي إجتاحات الجامعات الحكومية وأدت الأسبوع الماضي إلى إحراق جامعة مؤتة عبر ملثمين مسلحين وتحطيم مركز للبحث النووي في جامعة العلوم والتكنولوجيا شمالي البلاد.

وقد أجبرت هذه الأحداث المحلية شخصية بارزة من طراز الأمير حسن بن طلال على تقديم إنتقاد علني أمس الأول في ندوة خاصة لسياسة القبول بالجامعات متحدثا عن دور (المعدلات المتدنية) في تخفيض مستوى التعليم وإنهيار مؤسسات التعليم الجامعي.

وقالت دراسة الدكتور علوان التي تنفرد القدس العربي بنشر ملخصها أنه بالاطلاع على تجارب دول المنطقة، لا نجد ان هناك أي استثناءات في قبول الطلبة في الجامعات المصرية والسورية والإماراتية والعمانية على سبيل المثال لا الحصر، ناهيك عن الدول الغربية وتركيا.

وربطت الدراسة بين سياسة القبول الإستثنائي وبين الصور المحزنة في الجامعات الأردنية فهي تزيد من حدة التوتر في المجتمع بين أصحاب الحظوة من الجماعات 'المفضلة' وغيرهم من الجماعات 'المحرومة', وتساهم في صعود كل أشكال التعصب والعنف والنبذ واليأس والقهر والضغائن والارتياب والخيبة والمرارة، والتي يلمس الجميع استفحالها في البلاد.

ولا تشجع هذه السياسة على تفتح الديمقراطية بسبب إنكارها لمبادي المواطنة وتسمح بدخول الطائفية إلى التعليم الجامعي لأنها تقوم على محاصصة تقسم المجتمع إلى انتماءات فرعية يصبح التعايش فيما بينها أكثر صعوبة يوما بعد يوم. والأخطر وفقا للدراسة هو أن تكون هذه السياسة، المفلسة اخلاقيا، والتي حان الوقت للتخلص منها ظاهرة عامة في عدد كبير من المؤسسات في البلاد، مع ما يجره ذلك إلى شعور الكثيرين بالتهميش وبأنهم ليسوا جزءا من المجتمع بل هم غرباء في بلادهم.

وأكدت الدراسة أن سياسة القبول المتبعة تضع كتلة من المجتمع في مواجهة كتلة أخرى وتؤدي إلى تشرذم المجتمع وتعزيز الانقسام وبث بذور الفرقة بين سائر أبنائه.

وشرحت الدراسة أنه ومع هذه السياسة لا يعود هناك ثمة دافعية إلى العمل والإنجاز لدى المستفيدين منها لأنهم يقبلون في الجامعة بصرف النظر عن الكفاءة والجدارة، وهم بالتالي يشعرون ويتوقعون بأنه يمكنهم الحصول على الشهادة الجامعية والانخراط في سوق العمل، بما في ذلك العمل في سلك التدريس في الجامعة، بالسهولة ذاتها. وفي المقابل يشعر الذين جرى التمييز ضدهم ألا طائل من الجهد والعمل لأن الآخرين وصلوا إلى ما وصلوا إليه دون ثمة حاجة لذلك. وفي الحالتين فالمجتمع ككل هو الخاسر من تدني المستوى ومن إهمال الجدارة والكفاءة كأساس ينبغي ان يكون الأساس الوحيد للتميز في المجتمع.

وإعتبرت الدراسة التي إستمرار سياسة القبول الحالية إهانة للأشخاص الذين ينتمون إلى الفئات المستفيدة منها لأنها تنمي عندهم ثقافة الاعتماد على الغير، والأخطر هو انهم لن يقبلوا التخلي عن 'الامتيازات' الممنوحة لهم دون حق بهذه السهولة, فمن السهولة بمكان تطبيق سياسة تقوم على التمييز الإيجابي، ولكنه من الصعوبة بمكان وضع حد لهذه السياسة، وذلك لأن أي محاولة في هذا السبيل ستتهم زورا وبهتانا بأنها لا تأخذ في الاعتبار الحقوق المكتسبة (رأينا ذلك في الآونة الأخيرة فيما يتعلق بقانون الانتخاب)، التي هي ليست من قبيل الحقوق ولا من قبيل الحقوق المكتسبة.


القدس العربي


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة