الثلاثاء 2025-03-04 11:00 م
 

رحل الساحرُ ويبقى السحرُ

07:18 ص

كنتُ ذلك الفتى الشغوفَ بالآكشن و الإثارة و مطاردة كلّ حكايةٍ تُضيف إليّ جديداً في عالم السياسة ..و أبحث عن أي بارقةٍ عربية فيها بعضُ انتصار حقيقي ..لذا ؛ عندما بدأ الكلامُ عن تحويل رواية المبدع صالح مرسي (رأفت الهجان) إلى مسلسلٍ تلفزيوني وكنتُ قرأت الجزء الأول من الرواية ..كنتُ كمن يجلس على نار ..انتظاراً للجزء الأول من المسلسل الذي أحدث انقلاباً في الشارع العربي وتابعته أجيال ذلك الزمان و دموعها تسبقها.

اضافة اعلان


وكان الخيار على (محمود عبد العزيز ) ؛ الساحر فيما بعد ..كان أيّامها الفتى الوسيم ؛ و حارق قلوب العذارى و المتزوجات أيضاً ..لم أكن أتخيّله صالحاً لذلك الدور الوطني المليء بالسريّة و ردات الفعل المكتومة كجاسوس يحمل بين ثناياه وطناً يجب أن ينتصر..! وما كادت الحلقات الأولى تنطلق حتّى أصابني سحر الساحر ..و صرتُ مأخوذاً بفنان لا يتكرر بهذه الكريزما اسمه (محمود عبد العزيز) ..!


هو ليس من أبناء جيلي ..ولكنه من أبطال جيلي ..هو من صنّاع السحر الفنّي ..ووجوده بأي مكان يكون كافياً لاضفاء الهالة عليهما ..ولأنه جزء مهم من ذاكرتي ؛ ومن تكويني الفني ؛ ومن طموحاتي التي بُني بعضها على أدائه المبهر في الكيت كات و في اعدام ميّت و في إبراهيم الأبيض ..لأنه كلّ ذلك وأكثر ؛ لم أكن أعتقد أن المرض الأخير له ؛ هو مرض الوداع ..اعتقدتها عارضاً صحيّاً و سيعود الساحرُ إلى جماهيره ..رغم اللت و العجن عن وضعه ؛ إلاّ إنني كنتُ بانتظاره ..وبانتظار أن يلاعب كل الكاميرات وهو ينصهر في أداء مشهد لا تكاد تفرّق هل هذا محمود عبد العزيز أم الشخصية التي يلعبها ..!


يغيب الساحر صحيح .. ولآخر مرة ستطارده الكاميرات إلى المثوى الأخير..لكنها المرة الأولى والوحيدة التي ستكون هناك كاميرات ولن يراها الساحر ..ولن يلاعبها ..ولن يعطيها أوامره لأن (تهمد) لأنها أمام محمود عبد العزيز ..!


يغيب الساحر ؛ يرحل ..يترجل ..ولكنّ السحرَ باقٍ ..وشواهده ليست بحاجة إلى دليل ..
رحم الله الساحر الذي ملأ دنياه و دنيانا بعبقريّة نادرة ..


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة