الأحد 2024-12-15 01:29 م
 

رساله بطعم الدمع

02:48 م


بعثت لي الطالبة أماني هذه الرساله وأود نشرها عبر مقالي وتاليا نص الرساله :-
السيد عبدالهادي راجي المجالياضافة اعلان

تحيه وبعد :-
أنا طالبة في السنة الثانية – جامعة الحسين بن طلال , وأتابع ما تكتب بشغف , وأكثر ما أحب في مقالك هو انحيازك المشروع للجنوب وأهل الجنوب كونك واحدا منهم .
لقد قدر أن أكون في قلب المجزرة التي حدثت في جامعة الحسين, وكانت المرة الأولى في حياتي التي اسمع فيها صوت إطلاق النار , وأرى دم قتيل , واشاهد فوضى عارمة , هي لم تكن فوضى بقدر ما كانت معركة دامية بكل تفاصيلها .
لحظة رؤيتي للدم وللمشاهد المروعة, هربت إلى غرفة داخل أحد مباني الجامعة, كي أختبىء فيها, فهناك انا مجرد طالبة وأهلي كلهم في عمان إخوتي ووالدي وابناء عمومتي , ليس لي أحد سوى قلبي المرعوب وربي الذي حماني ,وأنظر لأهل معان على أنهم إخوتي وأهلي وعزوتي فأنا ما أحتجت شيئا منهم إلا وساعدوني , ولكن لحظة المشكلة شعرت بالرعب, وكنت أبكي خوفا من صوت الصراخ والطلقات, والهيجان الذي اصاب الناس, وأدعو ربي أن أخرج سالمة.
صدقني أستاذي الفاضل أن الكلام لا يصل لمرحلة وصف حزني ودموعي التي تحجرت في المقل , وقد قررت لحظتها أن أحادث أبي عبر الهاتف كي يأتي لأخذي من الجامعة ولشدة رعبي لم أستطع فتح جهاز الهاتف , ثم استدركت حتى وإن تحدثت معه في هذه الحاله فماذا سيحدث سوى زرع القلق في قلبه , وأنا أحبه كثيرا وكنت أدرك أنه أجرى عملية قلب مفتوح قبل عام وإذا سمع صوت بكائي وعرف ماحدث , فقد يصاب بمكروه وأكون أنا السبب .
أستاذي الفاضل :-
أبي عاش طوال حياته في الكويت وعاد في العام (91) إلى عمان, وقد عانينا مثلنا مثل كل الأسر الأردنية من ضيق الحال, ولكن الله منّ علينا فيما بعد باليسر وكنت أسمع أبي دوما يقول لأمي:- (هاي البلاد أمان إن جعت وإن شبعت فيها بظلك أمين ومرتاح).. ولكن هذا المفهوم تغير تماما عندي لحظة أن رأيت اثار الدم والصراخ والطلقات التي دوت في حرم الجامعة ورأيت صديقاتي اللواتي حاولن الهروب معي إلى وجهات ضاقت بنا ولم يعد غير الله هو الذي يطمئن النفس فقط.
في النهاية عدت إلى عمان إلى منزلنا, وللان لم أنم صدقني أن عيوني لم تغمض فكلما حاولت النوم يأتيني منظر الأستاذ الذي لقي حتفه ظلما... تداهمني اصوات الرصاص وأصوات قنابل الغاز والفوضى...
صدقني أني للان غير مستوعبة ابدا ماحدث, مع أنني في العامين الذين أمضيتهما في الجامعة عرفت أهل معان جيدا , صدقني أنهم كانوا يعرفوننا واحدة واحدة في الجامعة, وأتذكر أنهم لحجم الود في قلوبهم كانوا يقدموننا في الدخول إلى قاعات المحاضرات, وصدقني استاذي الفاضل أن الموظفين في الجامعة من محافظة معان ودون أن ندري, كانوا وحين ندخل الكافتيريا يتركون الطاولات إذا لم نجد مكانا للجلوس, وأحيانا يعزفون عن تناول الوجبات حتى يكفي الطعام لنا...
أما عشائر الحويطات فكنا نسميهم (البدو)... وصدقني أن شبابهم في الجامعة, وحين تبدأ المحاضرات كانوا يخلون لنا الصفوف, وإذا أخبرتك بحقيقة مهمة وهي أن من واجب الأنثى شرعا غض البصر حال وجدت بين الرجال, ولكن البدو كانوا هم من يغضون البصر وهم من (ينتخون) لنا... وكانت عيونهم تحيطنا بالود والإحترام, لم أر شهامة وغيرة مثل تلك الحاضرة في عيونهم .
وسؤالي لماذا يحدث هذا الأمر , ما دام أن الاصالة تسكن الطرفين ما دام أن الود يسكن قلوبهم ..
أنا لن أعود إلى تلك الجامعة فالرعب الذي يسكن قلبي قتل فيّ أي رغبة في التعليم أو أي رغبة في المعرفة, وقد قرر أهلي نقلي .
أرسل لك تلك الرسالة لأن الجنوب يسكن قلبك , وأرسل لك أيضا تلك الرسالة كيف تعرف أستاذي العزيز أن ما حدث شكل صدمة لنا وقلقا متعبا, وعبرك أود أن اسأل الناس في معان وأطراف معان البدو وسكان المدينة سؤالاً متعباً وهو:- ماذا جنينا نحن كي يحدث لنا هذا الامر ونترك جامعتنا التي أحببناها , وما الذي حدث لطيبة الناس لعراقتهم لودهم ...لسماحة البدو ونخوة اهل معان ...
لا تهمني الدراسة والعودة للجامعة أظنها صعبة, ولكن تلك صرخة أطلقها للناس هناك وهي :- لاتشوهوا تلك الصورة التي رسمناها عنكم, لا تغيروا الدفء الذي أشعلتموه في قلوبنا.. وللبدو أود القول لا تتركوا سماحتكم وطيبتكم ونخوتكم فهي جزء أصيل من هويتكم التي عشقناكم لأجلها..
أما أنت استاذي :-
فاشكرك على مساعدتي في إعادة صياغة هذه الرسالة بشكل أفضل, وتصويب الأخطاء النحوية وأتمني أن ترى صرختي تلك الضوء عبر مقالك, ولك الحب والشكر.

 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة