الأحد 2024-12-15 01:47 م
 

ظهور الفاسد الصغير

12:05 ص

لم يتوانَ الموسرجي أبو طارق أن يقول لي : إن مضخة 'حراق ' البويلر معطلة بعد أن استدعيته على عجل في عز موجة الثلج المشهودة . استبدلنا المضخة بأخرى جديدة رغم أن الأولى كانت أيضا جديدة ، وبعد التشغيل الثاني توقفت، خاصة أن النار تحتاج لشفط قوي لا تقوى عليه مضختي ؟!اضافة اعلان

سألنا المهندس المعني بمثل ذلك فقال : الماء في الديزل . عدنا للبيت بهذه المضخة الجديدة بعد أن شفطت من جيبي ما تبقى من مال، ولما فتحنا تنك الديزل المحكم الإغلاق وجدنا أن الماء الموجود في قاع الخزان يزيد على 15 سم ، أي بما يزيد على 120 لتر ماء . نعم إن من باعني الديزل خلطه بالماء حتى يجني ربحا أكثر ؟ زميلي بالصحيفة عزام جرار قال لي: إن مشكلتك كمشكلتي مع أسطوانة الغاز التي وجدت نصفها ماء ، ولا نعرف كيف ؟
سألت نفسي من المسؤول عن هذا كله ؟ أهو أنا ؟ أم صاحب التنك ذو الضمير الميت ؟ أم أجهزة الحكومة والمتابعة المقصِّرة ، أم هو القدر كالعادة ؟ عدنا للبيت بعد أن تكبدنا عناء ومخاطر الوصول إلى المحل والعودة إلى البيت حيث الثلوج المتراكمة على الجوانب والماء المتلاطم في الطرقات ، ونوافير الماء المخلوط بالصرف الصحي وسط الشوارع ، و مناهل التصريف تستسلم من استيعاب أكثر بقليل من مياه الأمطار وجدران المنازل المنخفضة تتحول إلى سدود لحجز الماء خلفها ، و فرشات الأطفال وألعابهم والمخدات تسبح مترنمة على احتياطات المملكة لمواجهة مثل هذه الموجة التي تحدثت عنها الأرصاد أياما وأياما . سألني ابني صلاح ماذا لو جاء يا والدي إعصار ساندي ؟ فقلت له : منك وبعيد' لا سمح الله فاحنا بموجه (وضحة) أصابنا ما أصابنا من تقطع السبل حيث عادت الكهرباء بعد 3 أيام إلى الكرك ، والجيش وزع 50 ألف رغيف خبز بعد توقف مخابز القطاع الخاص . والفيضانات تجرف منازل قريبة من الوديان ، والأغنام تسحبها السيول ،والأنفاق تمتلئ بالمياه وكأنهما عاشقان ، والأسعار تشيط وكأننا في سباق مع الزمن ، وعشرات غرف العمليات للدفاع المدني والأمن العام والداخلية والمياه والأمانة والأشغال والبلديات ، وغيرها وغيرها لم تسعف أراضي الأغوار من طمرها بمياه نهر الأردن الفائضة ؟ بينما أغاني الحماس والبطولة ترافق حمل مصاب بسيارة الإسعاف أو منظر شرطي ينظم الحركة في الطريق . ناهيكم عن طيش بعض الشباب ممن يركبون 'الفور ويل ' ويتمتعون برشق المواطنين الذين يوجدون على جوانب الطرقات منهمكين بإصلاح سياراتهم من المآسي التي أصابتها من مجرد موجة ثلج كثيفة ... آه يا هذا البلد كيف يطيش مسؤولونا على شبر ماء.؟؟
قلت لزميلي الصحافي ، من باعني الديزل وباعك أسطوانة الغاز ليسا وزراء أو مدراء أو رؤساء حكومات ، وهما ليسا أمراء جيش أو مدراء مخابرات أو مدراء شركات ، إنهما ليسا من الطبقات التي تريد الثراء الفاحش فتستقوي على الحكومة؟ إنهم من المجتمع ! فأين دوره ؟ بأشخاصه ومؤسساته وقوانينه ، فلا فرق بين من تورط في إفساد الديزل للمواطن و المتورطين بصفقات النفط الكبرى ؟ نعم إن استشراء الفساد أساسه التهاون بأجهزة الدولة ؟!
لا يعرف من باعني الديزل إنه مقابل أن يبيعني ماء بـ 50 دينارا اعتبرها شطاره دفّعني ثمن الديزل الذي سكب بالشارع بقيمة 1000 دينار وخسرني ثمن قطع بـ120 دينارا ، وهي خسائر على الدولة الأردنية وحرمني وأطفالي ـ بعز الثلج ـ أن ننال قسطا من الدفء الموعود. فهل تبدأ هيبة الدولة من أسطوانة الغاز وديزل المواطن واحترام وجوده حتى في الطرقات؟!

[email protected]


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة