فرحة حزينة

قادتني ابنتي الصغرى «مغفورا» يوم الخميس الماضي الى إحدى المولات العملاقة من أجل شراء هدية بمناسبة» عيد الأُم». لم يكن من الأمر بدٌّ ولا مهرب بالتأكيد، والاّ اتهمتني ابنتي ب»العقوق»، ناهيك عن سيل الكلام والانتقاد واللغمز واللمز مثل» الحساب ما انت نصير المرأة ودايما بتتغزّل بيها» الخ الخ الخ.اضافة اعلان


قلت: أشتري راحتي، واللي بتعرفي ديته، اقتله. وانا دفعت المبلغ المرصود والباقي من الراتب»فِدية» أو «جِزية».

لاحظت الهجوم الشرس على قسم الادوات المنزلية والكهربائيات وشاشات التلفزيون. ولكثرة الناس، ظننت انهم يعطون الناس ببلاش.

عملنا جولة في البداية في قسم الادوات الكهربائية وتمتعتُ بنظرات الصبايا البائعات في المحل وهنّ ينثرن الفرح على الزبائن من الرجال والاطفال والنساء. طبعا كله بثمنه. فهي طريقة لجذب الزبون للشراء وبخاصة مع وجود «بلالين» للأطفال مجانا.

صعدنا الى الطابق العلوي، كانت اغنية فايزة أحمد الشهيرة» ست الحبايب» تنتشر في الفضاء. وكان الناس يستعجلون الشراء وكأنهم يجمعون»الغنائم» قبل نفاذ الوقت.

كنتُ «خارج التغطية»، أتأمل وجنات الصبايا الرشيقات «وأسترق النظرات، خِلسة، من وراء ظهر ابنتي التي نبهتني أكثر من مرّة أن ألتزم السلوك السويّ، وتزيد من ذلك كلما اقتربت مني صبية بقولها: بابا، وبصوت عال. ربما كي تُشعر الفتاة أنني»مربوط» وأنني « شناعة/ أبْ».

كنتُ ومنذ الصباح اهرب من برامج الإذاعة والتلفزيون التي احتفلت ب»عيد الأُم» بطريقة كئيبة. «تكريم الامهات الأرامل»، «زيارة بيوت المسنين»، وسرد قصص مؤلمة لأُناس «عقّوا» أُمهاتهم. شعرتُ أن يوم الأُم يوم حزين وكئيب ودمه ثقيل. كله دموع وحزن وتذكّر الأُمهات الراحلات، وتذكّر فضلهن على الأبناء مثل» كم جوز جرابات رقّعتيلي»، بينما الزوج يغني» كم دِكّة سروال خيّطيلي».

معقول كل أُمهات «المستمعين» للإذاعة متوفيات. ولا واحدة على قيد الحياة. بصراحة، ارتعبت من الخوف وانا أسمع الأغاني الملّبدة بالحزن، وانا مش ناقص حزن.

كان من المفروض أن أشتري شيئا لأم أولادي غير عادي، لكن ابنتي وبعد «مارثون» من البحث، انتهت الى شراء»طنجرة» قالت أنها ـ الطنجرة ـ ، غير شِكِل.

وفي اليوم التالي، رأيتُ الطنجرة ـ هدية عيد الأُم ـ،بعد ان دخلَت الخدمة في المطبخ، وقررت ابنتي الكبرى ان تعد لنا طبخة «مَنْدي»،صالحة للأكل ..احتفالا بالطنجرة والمناسبة السعيدة!!.