الأحد 2025-01-19 06:41 ص
 

قوات الدرك .. دور أمني وانساني

10:55 ص

الوكيل الاخباري - في العاشر من حزيران لعام 1916 أطلق المغفور له الشريف الهاشمي الحسين بن علي رصاصة الثورة العربية الكبرى معلناً عن عهد عربي جديد باحثاً عن التحرر من الوصاية والتبعية, حاملاً هموم وتطلعات العرب والمسلمين لتحقيق ما يليق بتاريخ أمة اعزها الله بالإسلام ديناً وُخلقاً رفيعاً وذكرها في محكم التنزيل بقوله: { كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ } آل عمران110اضافة اعلان


وفي عمان اكتملت حكاية المجد العربي الأصيل نوراً سطع مجداً وكبرياءً في فضاءات العالم اجمع بعد أن وصلها الملك المؤسس عبدالله الأول ليعلن عن تأسيس إمارة شرقي الأردن لتكون أنموذجاً لكل العرب، وواحة أمن عربية أردنية.
البدايات.

ومنذ بداية العهد الأردني الهاشمي كانت قوات الدرك تسجل بداياتها الأولى في إعلاء كلمة الحق والقانون, ومع تشكيل أول حكومة أردنية في 11 نيسان 1921 بدأ الإنفتاح الأمني لقوات الدرك حيث تولى سمو الأمير عبدالله الأول منصب القائد العام للقوة العسكرية , وتشكلت قوة الأمن من قوة الدرك الثابت وتعتبر هذه القوة هي نواة الأمن العام. و كتيبة الدرك الاحتياطي ( الفرسان ). ولتشارك قوات الدرك تحت ظل الهاشميين بكتابة الأحرف الأولى في الذود عن حمى الوطن منذ ذلك التاريخ.

ومع تشكيل كتائب الجيش العربي انيطت بالقوات الأمنية واجب المحافظة على الأمن الداخلي بالرغم من قلت الموارد المتاحة في ذلك الوقت ومحطات تاريخية تمثلت في الحروب والاستعمار وتدخل الأجنبي ،إلا أن الأردن بقيادته الهاشمية قبض على الجمر، وأبحر في خضم العواصف، وحافظ على أمنه واستقراره .

واستمر البناء والتأسيس متوجاً بإعلان استقلال المملكة الأردنية الهاشمية في الخامس والعشرين من أيار لعام 1946 على يد المغفور له بإذن الله الملك المؤسس عبد الله الأول راسماً مع الأردنيين الشرفاء بداية عهد جديد من الحرية والكرامة ومسيرة أردنية نمت وارتوت من دماء آل هاشم الأخيار وشهداء الأردن الأبرار الذين قدموا دمائهم وأرواحهم فداء لقضايا الأمة والعرب حتى أضحى الأردن واحة من الخير وساحة نهضة وعمران.

وفي عهد الراحل الكبير الحسين بن طلال – رحمه الله – بنى الأردن الحديث وأشرقت شمسه على الإقليم والعالم وانتشرت صروح العلم والمعرفة وشيدت المصانع وانبتت الأرض زيتونها وثمارها ،وغدت الأردن على خريطة العالم وجهةً للضيوف وواحة امن لقاصديها وموئلاً للأحرار .فمن محطة تعريب قيادة الجيش العربي إلى معركة الكرامة الخالدة رحلة النصر والشهادة.

الدرك... رؤية ملكية

لمؤسسة أمنية عصرية

وإذ تحتفل المديرية العامة لقوات الدرك وتشارك الأسرة الأردنية الواحدة بعيد الاستقلال السبعون لترفع إلى مقام جلالة القائد الأعلى الملك عبدالله الثاني ابن الحسين حفظه الله ورعاه أسمى آيات التهنئة والتبريك وعن كافة منتسبيها من ضباط وضباط صف وإفراد داعين الله عز وجل أن يحفظ جلالته ويمتعه بموفور الصحة والعافية، وإذ نستذكر هذه المناسبة الوطنية العزيزة على قلوبنا جميعا لنقف اليوم ننظر إلى عظم الانجازات الوطنية، فقد شهدت البلاد تطوراّ ملحوظاً في مختلف المجالات لتقديم أفضل الخدمات للمواطنين وتوفير مظلة أمنية تعزز الانجاز وتُشيد العمران ومن هنا فقد جاءت التوجيهات الملكية الحكيمة بإعادة تشكيل قوات الدرك, في العاشر من تموز من عام 2008 حيث صدرت الإرادة الملكية السامية بالموافقة على قانون قوات الدرك بعد أن أتم كافة مراحله القانونية والدستورية من قبل مجلس الأمة.

فجاءت الرؤية الملكية لهذه المؤسسة الأمنية القوية مستوحاة من توجيهات جلالته: « نحو مؤسسة أمنية متميزة على المستوى المحلي و الإقليمي والدولي قادرة على المساهمة في تعزيز الأمن والاستقرار الداخلي».

التحديث والتطوير

ومنذ إعادة تشكيلها، مرت المديرية العامة لقوات الدرك بمراحل من التحديث والتطوير، وتم رفدها بأحدث الوسائل، والمعدات، والأسلحة، والمهمات، وتطور نظام التخطيط في المديرية العامة لقوات الدرك، نتيجة لاستخدام الاستراتيجيات العلمية الشاملة، التي تقوم على الاستغلال الأمثل للإمكانيات المتاحة، التي تهدف إلى تطوير الأداء الوظيفي لقوات الدرك وفق أرقى المعايير الدولية، وبشكل تدريجي وانسيابي يحافظ على انتظام الخدمة الأمنية حيث إحتوت على عدة قواعد تتمثل بالعلاقة مع المجتمع المحلي والعلاقة مع الأجهزة الأمنية والعسكرية المثيلة محلياً والعلاقة مع الشركاء الإقليميين والدوليين والعلاقات داخل جهاز قوات الدرك .

ولضمان استدامة الخدمة الأمنية وفق الزمان والمكان المناسبين، فقد انفتحت قوات الدرك جغرافياً ضمن مناطق اختصاص تغطى من قبل مديريات الدرك المنتشرة على أرض المملكة وهي: مديرية درك الشمال، ومديرية درك الوسط، ومديرية درك الجنوب، ومديرية درك العقبة، واستحداث مديرية درك العاصمة خلال هذا العام مع الاحتفاظ بتشكيلات أمنية نوعية تشكل احتياطاً استراتيجياً داعماً: وهي مديرية درك المهام الخاصة، وقيادة الشرطة الخاصة، فضلاً عن تشكيلات قوات الدرك المتخصصة مثل مديرية حماية المنشأت الهامة، والأمانة العامة للاتحاد الرياضي لقوات الدرك، ووحدة انضباط قوات الدرك، وأخيراً وحدة فرسان قوات الدرك التي تشرفت بافتتاح جلالة القائد الأعلى في مطلع هذا العام، لتمارس دورها من بعد ذلك في تعزيز عمل باقي الوحدات والتشكيلات، وحفظ الأمن والنظام.

الدور والواجبات

الأمنية والإنسانية

واليوم ونحن نحتفل بالاستقلال فإننا ننظر إلى ماضي الأجداد والآباء الذين بنوا وضحوا بالدم والنفس، ونعيش الحاضر حلوه ومره وسط هذا الضجيج، ونستشرف المستقبل الواعد بإذن الله، فان قوات الدرك تمضي بكل قوة وعزيمة، ومعنويات عالية إلى جانب الأجهزة الأمنية والقوات المسلحة في تنفيذ الواجبات الأمنية خير قيام وبكل احترافية ومهارة وعلى رأسها توفير البيئة الآمنة للمواطن الأردني وحماية المصالح الحيوية للدولة وامن الملاعب وفض المظاهرات الخارجة عن القانون، كما وتساهم المديرية العامة لقوات الدرك في دفع عجلة التنمية والاقتصاد وبما يسهم في تحقيق رؤى جلالة القائد الأعلى للقوات المسلحة الأردنية الملك عبدالله الثاني ابن الحسين لكافة القطاعات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني من خلال توفير المظلة الأمنية للمهرجانات والفعاليات والنشاطات الفنية والوفود الرسمية الزائرة للمملكة، إضافة إلى حراسة المنشآت والمرافق الهامة، وحماية مصفاة البترول الأردنية ومخيمات اللاجئين السوريين ومحطة توليد الكهرباء – الخربة السمراء وسلطة مفوضية العقبة ومؤسسة الموانئ وشركة الأبيض للأسمدة والكيماويات وشركة مناجم الفوسفات الأردنية. إضافة إلى توفير الحماية لمؤسسة الإذاعة والتلفزيون في عمان والعقبه وإذاعة اربد الكبرى ومدينة الحسن الصناعية في محافظة اربد، وما يرافقها من واجبات طارئة ويومية تتطلب جهودا بشرية وفنية كبيرة.

وتقوم المديرية العامة لقوات الدرك بالمشاركة في الاحتفالات الوطنية في المدارس والجامعات والمعاهد والأندية وجمعيات المتقاعدين العسكريين والمدنيين من خلال فرقة موسيقات الدرك وفريق العروض الرياضية وتسهم في تقديم العديد من الخدمات للمواطنين وتتفقد الفقير والمحتاج من خلال توزيع المساعدات العينية المختلفة بالتعاون مع الهيئة الخيرية الهاشمية ومؤسسات من القطاعين العام والخاص.

كما وتساهم المديرية العامة لقوات الدرك في الحفاظ على الأمن الوطني من خلال مواجهة التحديات الداخلية التي تؤثر على الأمن الوطني مثل المسيرات والمظاهرات وإعمال الشغب بكافة أنواعه كشغب الملاعب وشغب السجون والاضطرابات العامة والاعتصامات والإرهاب المسلح وتهديد الوحدة الوطنية والهجرة القسرية.

القوى البشرية الفاعلة

وانطلاقاً من أهمية العنصر البشري فقد دأبت المديرية العامة لقوات الدرك على تأهيل وتطوير منتسبيها كماً ونوعاً، وقامت ولا تزال باستقطاب وتجنيد عدداً من شباب وشابات الوطن الراغبين بالانتساب لقوات الدرك من مختلف التخصصات العلمية والمهنية حيث تم تجنيد أعداد كبيرة من الشباب الأردني مما ساهم في رفع مستوى المعيشة لهم ولذويهم، وفي الحد من مشكلة الفقر والبطالة، مع الأخذ بعين الاعتبار فتح مجالات العمل والإبداع للمرأة الأردنية في صفوف قوات الدرك، لتشارك نشميات الدرك النسائي باقي زملائهن في مسيرة العمل والبناء.

التدريب.. والتميز

وفي مجال التدريب فقد انتهجت المديرية العامة لقوات الدرك إستراتيجية تدريبية واعية تواكب المتغيرات الإقليمية والمحلية، ومدركة لضرورة التقدم الأمني المعرفي لضمان تطبيق القانون، والمحافظة على كرامة الإنسان. فتطور نظام التدريب في قوات الدرك، وتم تشييد المعاهد والمراكز التدريبية الحديثة، ومنها معهد الدرك الأردني لتدريب حقوق الإنسان وعمليات دعم السلام ، ومركز الدرك الأردني الإقليمي المتميز لتدريب حفظ النظام، ومدرسة تدريب قوات الدرك، وغيرها من المراكز التدريبية، التي أصبحت منارات علم ومعرفة ،إضافة إلى إن هذه المراكز والمعاهد أصبحت وجهةً للمتدربين من القوات المسلحة والأجهزة الأمنية من الدول الصديقة والشقيقة في إطار من التفاعلية والتشاركية بين كافة المؤسسات العسكرية والأمنية.

الرياضة ... وأمن الملاعب

وفي مجال خدمة الرياضة الأردنية فقد ساهمت ومازالت تساهم المديرية العامة لقوات الدرك مساهمة فعالة ومؤثرة في جعل الملاعب في وطنناً الغالي صروحاً يلمس فيها المواطن نعمة الأمن والأمان بعيداً عن مظاهر الشغب والعنف التي تؤثر على صورة الأردن بمجهود بشري كبير جداً وفي سبيل ذلك قامت قوات الدرك بعقد العديد من الندوات واللقاءات مع رؤساء الأندية والاتحادات الرياضية بهدف الحد من السلوكيات الخاطئة أو بما يعرف بـ «شغب الملاعب».

ومن جانب آخر فقد استمر الاتحاد الرياضي لقوات الدرك في مسيرة الإنجازات الرياضية على المستوى المحلي والدولي، وكان منها تحقيق لقب بطولة العالم لخماسيات كرة القدم لأكثر من مرة، كما ظفر أبطال قوات الدرك في الألعاب القتالية كالجودو والكاراتيه والتايكواندو والملاكمة بالعديد من الميداليات في المحافل الدولية والقارية. واستمرت قوات الدرك في إعداد رياضيي المستقبل، ورفد المنتخبات الوطنية باللاعبين المتميزين، في مختلف الرياضات الفردية والجماعية.

التعاون المحلي والدولي

لقد قام نهج المديرية العامة لقوات الدرك على مبدأ التبادل والتشاركية التي تحقق له المزيد من التقدم والازدهار، ولا يفوتنا هنا حجم التعاون الذي تقوم به قوات الدرك مع الوزارات والمؤسسات الوطنية، و المجالس المحلية، ودعم منظمات المجتمع المحلي. والتزمت قوات الدرك بدورٍ أخلاقي وإنساني كبير تجاه المواطنين والمقيمين على أرض المملكة، وقدمت جهوداً استثنائية في مجال الخدمة العامة، لا سيما خلال الظروف والأحوال الجوية التي مرت بها المملكة في فصلي الشتاء والصيف، فضلاً عن تقديم قوات الدرك لواجباتها الأمنية والإنسانية تجاه اللاجئين القادمين من دول الجوار.

ولا ننسى امتحان الشهادة الثانوية العامة والذي يعتبر من أهم أركان نجاحه هو توفير البيئة الآمنة لأبنائنا الطلبة بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم والأجهزة الأمنية في إطار منظومة تشاركيه لإنجاح العملية التعليمية في كافة مدارس المملكة.

أما خارجياً، وإلى جانب انضمام قوات الدرك للمنظمة الأيرومتوسطية لقوات الشرطة والدرك ذات الصبغة العسكرية (FIEP) واستعداداتها لاستلام رئاسة المنظمة خلال العام الحالي , قامت قوات الدرك باستقطاب العديد من المختصين والمحاضرين المحليين والدوليين، واستضافة العديد من المؤتمرات، وورش العمل، والندوات الدولية، التي تظهر قيمة الدور الريادي والحضاري للمؤسسة الأمنية الأردنية في المنطقة والعالم.

ان مناسبة الاستقلال محطة مفصلية في تاريخ المملكة الأردنية الهاشمية ومنارةً بعد ما يقرب من سبعة عقود يبقى الأردن أقوى بالرغم من كل التحديات وما يدور في دولٍ مزقتها الحروب وفتك فيها التطرف والإرهاب وتغلغلت فيها العدائية والطائفية واندلعت نيرانها مشتعلة، ومن هنا بات لزاماً علينا جميعاً أن نلتف يداً واحدة حول قيادتنا الهاشمية نحافظ على أمننا واستقرارنا بكل قوة ومعنوية .

إن الجمع ما بين الحزم في حماية القانون والأموال والأعراض والمقدرات من جانب, وحماية الحريات العامة وحرية التعبير للإنسان الأردني كواحدة من الممارسات التي كفلها الدستور من جانب آخر, والفصل ما بين الفوضى والنظام والبقاء كمؤسسة أمنية وطنية راعية للمصالح العليا للوطن والمواطن ما كان ليسجل بهذا النجاح إلا بفضل التوجيهات الملكية الحكيمة, وإرادة أردنيين شرفاء تتلمذوا في مدرسة أبي الحسين وارتووا من طيب الوطن و ما عرفوا يوماً غير أهلهم وإخوانهم من الأردنيين عزوة وعشيرة... السهر في خدمتهم شرف, والذود عن حماهم واجب تبذل من أجله الأرواح.

وسنبقى بإذن الله الجند الأوفياء للعرش الهاشمي وحمى الله البلاد والعباد في ظل قائد مسيرتنا المفدى الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم, وأدام ملكه، وسدد على طريق الخير خطاه إنه سميع مجيب الدعاء.


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة