الأحد 2024-12-15 11:59 ص
 

مصباح ديوجين ومصابيح رؤساء البلديات

10:20 ص

د.عبدالله البركات


كان ديوجين الكلبي,الفيلسوف اليوناني , والكلبي نسبة للفلسفة الكلبية الزاهدة بمتع الدنيا وكل القيم الا قيمة الفضيلة , كان يحمل مصباحا في النهار ويسير في الطرقات وعندما يسأله بعض الناس ساخرين عما تبحث يا ديوجين كان يرد بكل ثقة ابحث عن الامين. ويا لها من سخرية ان تحتاج بالاضافة الى ضوء الشمس الى مصباح لعلك تجد رجلا امينا .

اضافة اعلان

كان هذا في عصر كانت فيه الامانة قيمة عليا في كل الحضارات , ولا ادري كم مصباح سنحتاج للبحث عن الامناء من المسؤولين والوزراء والاعيان والنواب ورؤساء الجامعات .

لديجينوس مواقف ساخرة كثيرة منها انه حين احتل الاسكندر المقدوني بلده كان الاخير متلهفا للقاء ديوجين فوجده في برميله ,وهو كل ما لزمه من متاع الدنيا,. قال الاسكندر وهو بين اعوانه وحشمه وخدمه : هل تريد ان اقدم لك خدمة يا ديوجين ؟ فرد الفيلسوف : نعم ابعد قليلا فانك تحجب الشمس عني.

ما ذكرني بمصباح ديوجين وفلسفته هي هذه المصابيح الكهربائية الكثيرة التي تملأ شوارعنا وحارتنا وتدير ظهرها للشارع لتضيء بيت أحد الفاسدين .بل اني ارى من هنا من سطح بيتي مزرعة احد الفاسدين تضيؤها عشرات المصابيح ليل نهار.

انها مضحكة مبكية ان ترى المصابيح الكهربائية بكل وقاحة تقول :'انا هنا ليس من أجلكم ايها العامة. انا هنا خدمة لهذا السيد. ان ما يتسلل اليكم من ضوئي لا اقصده وودت لو منعته عنكم.

صحيح انكم انتم من دفعتم ثمن العمود وثمن الشصي وثمن المصباح وتدفعون كل شهر ثمن الطاقة التي استهلكها, ولكن ذلك طبيعي عندما يقبل الانسان الظلم . فأنا افهم قولهم أن الظلم ظلمات بمعنى انها ظلمات على المظلوم لا على الظالم.

لذلك احاول حجب نوري عنكم لانكم لا تستحقونه.' اما انا فأقول ربما لم يستطع مصباح ديوجين العثور على الامين , ولكن مصابيح رؤوساء البلديات نجحت في تسليط الضوء على الفاسدين.

د.عبدالله عامر البركات - جامعة اليرموك
البريد الالكتروني [email protected]


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة