السبت 27-04-2024
الوكيل الاخباري
 

مطبّ التعدیل الوزاري




لم یرق التعدیل الوزاري ”الثالث“ على حكومة عمر الرزاز للكثیرین، وثمة انطباع عام بأنھ سحب من رصید الحكومة التي عملت جاھدة لرفده في الأشھر الأخیرة.  التعدیلان الأول والثاني على الحكومة قوبلا بردود الفعل ذاتھا تقریبا. اضافة اعلان


وبالعودة إلى الماضي یمكن القول؛ إن كل تعدیل وزاري شھدتھ الحكومات السابقة یقابل بذات المشاعر المخیبة والساخطة، وبنفس الأسئلة التي تحاصر كل تعدیل؛ لماذا خرج فلان ودخل علان؟ وما ھي مبررات التعدیل في الوقت الراھن؟ وغیرھا من الأسئلة المتوارثة تعدیلا بعد تعدیل.

لكن المفارقة أن التعدیل یبدأ مطلبا ملحا من طرف النخب وبعض الأوساط الشعبیة، قبل أن یكون ھدفا لرئیس الحكومة. وھذا ما حصل في التعدیل الأخیر، فقد ترددت الدعوة للتعدیل على ألسنة المحللین، والكتاب والسیاسیین، حتى أصبح مطلبا عاما، وما أن یجاري الرئیس التیار العام ویقدم على خطوة التعدیل سواء كان مقتنعا أم لا حتى تنھال علیھ الانتقادات من الجمیع. موقف الرأي العام، أي الجمھور من غیر المشتغلین بالسیاسة، ثابت في معظم الأحول على سلبیتھ حیال كل أشكال التعدیل والتشكیل، لا بل والتكلیف. لكن النخب السیاسیة عادة ما تحركھا دوافع شخصیة أو اعتبارات سیاسیة مسبقة. فمن خسر الرھان على دخول التعدیل ینتقده ومن یعارض الحكومة لأسباب سیاسیة سیتخذ موقف المعارض من التعدیل مثلما اتخذ نفس الموقف من التكلیف والتشكیل.
في تجارب الحكومات السابقة ما یؤكد أن التعدیل الوزاري لم یسھم إلا في حالات قلیلة بتحسین شعبیة الحكومة وثقة الجمھور فیھا. وقد تكون ھناك أسباب أخرى طارئة تزامنت مع التعدیل ویعود لھا الفضل في تقویة موقف الحكومة ولیس التعدیل بحد ذاتھ. وما یقال من انتقادات بحق الوزراء الجدد في الحكومة التي تخضع للتعدیل یمكن أن یقال بحق غیرھم لو اختلفت التشكیلة. آلیة تشكیل الحكومات في الأردن لا تعطي المجال للحكم على البرامج، فلا یجد الناس غیر الأشخاص لیقرروا بشأنھم، وفي ھذا المجال لن تجد من یقول كلمة طیبة بحق الوزیر الجدید غیر دائرة الأقارب والأصدقاء، وسواھم لا شأن لھم ما دام الوزیر لیس من عشیرتھم أو منطقتھم الجغرافیة.

ھكذا تسري الأمور في بلادنا. حاولت الحكومة تبریر التعدیل الوزاري مثلما فعلت حكومات سابقة، لكن التبریر لا یحمل معنى قیما إلا لرئیس الوزراء الذي یستطیع بحكم موقعھ أن یقیم أداء الوزراء وفق معاییره الخاصة.  أما الجمھور العریض من المواطنین، فلا یملك من المعلومات الدقیقة ما یكفي للحكم على أداء الوزراء، ھذا إذا استثنینا الانطباعات العامة، والتقییمات الفردیة التي لا تستند لمعاییر أداء علمیة.

لا یوجد في الأردن حكومات برامج، ھذه كذبة كبرى، ھناك فقط حكومات مھام تقتضیھا المرحلة؛ مھام تطیب للجمھور أحیانا، ومھام صعبة یتذمر منھا البشر، لكن لا مجال للتردد في تنفیذھا. ولھذا السبب تجد تشكیلة الحكومات خلیطا عجیبا من أصحاب الاتجاھات المختلفة والمتنافرة أحیانا، وھو ما انتھت إلیھ تشكیلة حكومة الرزاز بحلتھا الجدیدة؛ ثوب مزركش یجمع أطیافا من كل الألوان. التعدیل الوزاري مطب، یضر بالحكومات ولا ینفعھا، ویتحول لمناسبة للطخ علیھا بعد مرحلة ھدوء.
الأفضل أن یواصل الرئیس مشواره بنفس الفریق، ویسعى لتصویب أداء الوزراء بدل تغییرھم، فذلك أقل كلفة علیھ وعلى حكومتھ.