النيلة، هذه المكعبات الزرقاء التي تشبة مكعبات الماجي، ما زال جيلي يذكرها، إذْ كانت سائل التنظيف الوحيد؛ ربما الذي يضاف الى الملابس، خلال الغسل، داخل اللقن طبعا، كنا نراقب مهرجان الألوان عند إضافة النيلة الى الماء.
بالمناسبة، كانت النيلة، وهي مادة صبغية بالغة الثبات، إحدى السلع الأساس التي سرقها المستعمرون الأوائل من القارة الأمريكية، ومن أمريكا الوسطى، وذلك عن طريق نقع أوراق نبتة، ثم الحصول على الوحل الناتح وتجفيفه.
أما بالنسبة للون القرمزي، فقد كان يتم الحصول عليه عن طريق جمع حشرات القرمز، وهي من أنواع الحشرات التي تعيش على نبات الصبار، ثم تجفيفها وطحنها، وكانت يتطلب جمع 70 الف حشرة وتجفيفها من أجل الحصول على رطل انجليزي واحد من مسحوق اللون القرمزي.
التقت النيلة واللون القرمزي في المكان (أمريكا الوسطى والمكسيل) إذْ كان المستعمر الإسباني يستحدم مئات الالاف من العبيد من اجل عمليات التصنيع، لكن النيلة واللون القرمزي افترقا في الترميز والدلالة، افترقا مصيريا متناقضا.
بالنسبة للون القرمزي، فقد صار اللون المتبع في بلاط الأباطرة آنذاك ليفرش أمامهم عند الاستقبال، نظرا لسعره المرتفع، ولم يعرف هؤلاء أنهم يتمخترون على مقبرة هائلة من حشرات الصبار، للعلم ما تزال هذه العادة رائجة حتى الان، لكن بألوان كيميائية أقل تكلفة بكثير.
أما حصتا، فقد كانت النيلة التي جاءتنا خلال الحروب الداخلية والغزوات، ونظرا لثبات اللون، فقد استخدمتها النساء لتعليم ملابس المحاربين الهاربين من المعارك، إذْ يتم تعليم ملابسهم بالنيلة الزرقاء (اللون النيلي)، وهناك قصيدة كركية قديمة تتحدت عن (مريم النحاس) التي كانت تعلّم ملابس المنهزمين، خلال القرن التاسع عشر؛ ما يجعل امكانية الثبات في المعارك اقوى، خوفا من التنييل والفضيحة.
ويستخدم المصريون عبارة (نيلة ) لذات المعنى، لكني لا أعرف اذا كان لذات السبب، وهذا محتمل جدا بأن العبارة انتقلت عندنا من لدنهم خلال احتلال الوالي المصري ابراهيم باشا للمنطقة من 1830-1840. وقد أخذنا عنهم عبارة (المصاري) من ذلك الوقت، ولعبة (طقي واجري)، فلا بأس أن نسرق نيلتهم.
ما علينا...
كنت – وما زلت افكر بكتابة رواية، أو نص طويل على الأقل- بعنوان الف نيلة ونيلة، بالتعارض مع الف ليلة وليلة، لرصد هزائمنا بقصد الاعتراف بها ونقد الذات والبحث عن سبل الخروج من مستنقع الهزيمة..بالمناسبة انا كسول، وعلى الأغلب لن أكتب هذا النص، لكن النية الموجودة..(نيلة تنيلني).
بصراحة:
- كم نحن بحاجة الى ملايين النساء من أمثال مريم النحاس، لعلنا نضطر الى مواجهة الواقع بكل جرأة بدل الهروب منه بلا خوف من التنييل.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو