تراخي حكومات سابقة في التعاطي مع ملف الرواتب والاجور لموظفي الدولة بشكل عادل وحاسم ساهم في تكسير كل مفاهيم القيم الوظيفية عند الموظف العام , الذي تأرجح بين مفهومي الخادم للشعب او الممسك برقبته , وبحجم المسافة بين المفهومين “ الخادم و الجلاد “ كانت هناك المسافة بين رواتب الموظفين الحكوميين ووصل غياب العدالة الى الفوارق الكبيرة بين موظفي الوزارة الواحدة , فحجم الفوارق في الرواتب بين موظفي الاحوال المدنية التابعة لوزارة الداخلية وموظفي المركز واسعة لصالح المركز طبعا , فرتبة الدرجة العليا في الاحوال تقل في الامتيازات والراتب عن مثيله في المركز والذي يحمل لقب محافظ وهذا ينسحب على باقي الرُتب .
التراخي تفاعل مع الربيع العربي ونشاط التظاهر وتنشيط الاضرابات , فاختلط الانتهازي بالابتزازي بالمطلبي الحقيقي , مع بقاء الصوت الاعلى للابتزازي والانتهازي , فكل المؤسسات التي يتقاضى موظفوها رواتب وامتيازات تفوق ما يتقاضاه الموظفون في وزارات تنحت الصخر - فحجم انجاز دائرة الاحوال المدنية والجوازات في عام واحد 5 ملايين معاملة - , قاموا بالاعتراض وتعطيل العمل , بل ان المتقاعدين في تلك المؤسسات المُدللة اضربوا ومارسوا نفس الفعل في الربيع العربي , وربما استثمار الربيع لتحصيل حقوق كان يجب ان يأخذوها قبله .
كل ذلك والحكومة تلو الحكومة تقبل بالابتزاز وتُذعن له , وبالمقابل توفر الدعم للاعتصام والاضراب في ظل غياب محاسبة الفساد ومحاكمة رموزه , فمعظم الاحتجاجات العمالية ترتكز اساسا على الهدر العام وامتيازات المدراء والانسباء والمحاسيب , وهم اي العمال اولى بهذه الاموال من سيارات زوجات المدراء ودلال ابنائهم وترويض قططهم على حساب المؤسسة , فمن يقبل بالابتزاز نوعان اما فاسد واما ضعيف وعلى الحكومات السابقة ان تختار الوصف الذي تريد.
اضراب الجمارك نموذج لاعادة تصويب العلاقة الوظيفية في الدولة , فالجمارك يحظى موظفوها بامتيازات عظيمة قياسا بباقي الدوائر والوزارات , وكان التوسط للعمل او النقل الى الجمارك ضاغطا على اعصاب النواب والوزراء نظرا لوضعهم الجيد وحوافزهم الكبيرة , فما الذي حدث حتى يغلقوا حدود الاردن وينجحوا في ما عجزت عنه دُول عَدّوة , فإغلاق المعابر او تعطيل العمل فيها يكون لحالة حرب او كارثة ولم يسبق ان وصلنا الى هذا الحد من الاستهتار الوظيفي الذي بات كارثة بكل المعاني .
حكومة النسور ومنذ قدومها وهي تحاول تقليص الفاقد في العمل والانفاق , ويسجل لها انها لم تتورط في الرضوخ لابتزاز , ولكن عليها ان تدرس المطالب العمالية وتقوم بإنصاف المظلوم والقصاص من الظالم وتلبية المطالب العمالية العادلة , دون ان ترضخ لاعتصام هنا او اضراب هناك وان تقوم بتفعيل قانون العمل الاردني وقانون كل وزارة وتفعيل العقوبات الوظيفية كما وعدت والتزمت منذ تنفيذ قانون المطبوعات والنشر الى اخر تحذير رسمي بتفعيل القانون .
الحلول المطروحة لحل ازمة اضراب الجمارك وستكون نموذجا لاضرابات قادمة فيها الابتزاز وفيها الحقيقي , تشابه الحلول المطروحة في قضايا الشرف التي تُسقط العقوبة عن الفاعل بمجرد زواجه من الضحية ولكن هذه المرة سيكون الزواج بعقد عُرفي , اي دون التزامات من الطرف الفاعل , وستبقى “ المؤسسات / الزوجات “ تعاني من ازمة الاغتصاب للحقوق ولواجبات الوظيفة وحق المؤسسة , وتعاني من احتمال تكرار الفعلة مرة اخرى .
ليس المطلوب اعادة تعيين المتقاعدين من الجمارك , بل حل الاضراب بتطبيق قانون العمل الاردني وقانون وزارة المالية , وتكون الاستعانة بالمتقاعدين لغايات تدريب موظفين اما من فائض المؤسسات الرسمية التي تعاني من فوائض مذهلة او بتعيينات جديدة وتطبيق العقوبة على الممتنعين عن العمل , آن الاوان لهيبة الدولة والغاء الابتزاز بكل اشكاله وعلى نفس التوازي ضرب بؤر الفساد حتى لا تبقى حجة الترهل , ترهل الحكومة نفسها في محاربة الفساد والفاسدين .
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو