الأحد 2024-12-15 06:56 ص
 

البيئة بين استجداء الحكومة وواقع الحال

01:34 م

احمد محمود سعيد

وزارة البيئة بين إستجداء الحكومة ومصداقيّتها
ملايين من الاردنيين والعرب تمسمروا امام شاشات التلفاز لمتابعة اكثر من فضائيّة او قراءة اكثر من موقع الكتروني لعدّة ايام وهم يرون الرئيس المعارض يكاد يبكي ويُحمّل نفسه مسؤولية اي خطأ او معلومة خاطئة او تحليل واستنتاج ليس في محلّه لقرار رفع الدعم عن المشتقّات النفطية تمهيدا لتحرير اسعارها مبيّنا المخاطر المتوقّعة لو تأخّر إتّخاذ القرار .
وكان المتابعون بين باكي خائف على البلد وبين معارض شاك بان ذلك لتأمين مساعدات وقروض للتغطية على الفاسدين وما سلبوه وما بين مُشفق على دولة الرئيس بهذا السن ان يكون قد تم إغراؤه بالمنصب وامتيازاته وبين من اراد ان يُجيّر الموضوع للمعارضة السياسيّةولمعارضة عملية الاصلاح البطيئة طمعا في تغيير مسارها وتحقيق مكاسب للمعارضة وبين من اغرته التعويضات التي وعد بها الرئيس المواطنين وهلّل لها وزراء المالية والاعلام وتطوير القطاع العام والنقل وغيرهم .
وكان دولته يتحزّم دائما بعدّة احزمة منها انّه مطّلع على الدراسات والارقام والتحاليل والاحصاءات وثانيها انّه الاختصاصي في الاقتصاد علما وعمليّا من خلال شهاداته ومواقع وظائفه ولا احد جادله في ذلك وثالثها انّه إطّلع على حال البلد وموجوداته النقديّة وامنه الغذائي والانفاق على الطاقة ومشكلة الغاز المصري ورابعها الظرف الذي تعيشه البلد جرّاء تدفّق اللاجئين السوريّون الى الاردن والنفقات اللازمة لذلك خاصّة وان الشتاء والبرد قادمين وخامسها ان محاكمة الفاسدين واسترداد ما لطشوه يحتاج لقرائن وادلّة واوقاتا طويلة وسادسها هي البرامج التي في طور الاقرار ومنها ترشيد الاستهلاك وخفض الرواتب العالية ودمج الوزارات والغاء بعضها وبعض الدوائر والمؤسسات ومنها وزارة البيئة .وعندما يصدر تصريح عن الرئيس وبعد دراسة وبيان الاثار الايجابية والسلبية يكون ذلك التصريح بمثابة قرار سيتّخذ حين اجتماع مجلس الوزراء في الوقت المناسب لطرحه .
ولكن ما قصّة البيئة في الاردن ومأسسة ذلك الموضوع الذي ظهر للعالم بعد مؤتمر استوكهولم للبيئة عام 1972 حيث نم انشاء قسم للبيئة في وزارة الشؤون البلدية والقرويّة ولكنّ الموضوع اخذ مكانا بشكل فعّال في دول العالم بعد مؤتمر ريو عام 1992 حيث تمّ ربط البيئة بالتنمية وظهر مصطلح التنمية المستدامة حيث تمّ صدور اول قانون للبيئة عم 1996 وتم تشكيل مجلس اعلى للبيئة وتمّ تأسيس المؤسّسة العامّة لحماية البيئة التي انخرطت في الشأن البيئي العالمي .
وبعد حوالي سبع سنوات وبضغوط من الدول والمنظمات المانحة وبعد اخذ الرأي العام الاردني والجمعيّات البيئية الاردنية بالحسبان تم تأسيس اول وزارة بيئة اردنيّة في الشهر الاول من عام 2003 اي قبل عشر سنوات بالكمال وقد كان لي الشرف بالخدمة في المؤسسة العامّة لحماية البيئة ومن ثمّ في وزارة البيئة وخلال خدمتي فيهما عاصرت سبع وزراء من بينهم خمسة وزراء بيئة في خمس سنوات .
اي ان الوزارة تأسست اولا تحت ضغط جانبي ولمصلحة وطنية بغرض التوعية والتدريب والتفتيش وقد عملت على ذلك خاصّة عندما الحقت بها الشرطة الملكيّة لحمكاية البيئة .تلك الوزارة امتطاها عشرة فرسان اكثر من نصفهم لم يكمل الاشهر الخمسة على الكرسي اللبيئي بينما اعتلى صهوتها ثلاثة امناء عامّين الذي يفترض انه يحوز على الولاية العامّة ولكن في السياسة الاردنية يكون الوزير هو فرعون الوزارة الآمر الناهي فيها وكثيرا ما يكون هو الاقل معرفة فيها من باقي الموظفين القدامى .
ومع ان تلك الوزارة لها خصوصيّة فنيّة اجتماعيّة تشريعيّة انتاجيّة تصنيعيّة وصحيّة وعلى علاقات مرتبطة ببقيّة النشاطات الاقتصاديّة والانتاجيّة إلّى ان المعرفة وتطييب الخواطر تلعب دور مؤثّرا في اختراق القوانين والتحايل على التشريعات وفي الغالب لم يكن اختيار وزرائها مرتبط مع دورها وخصوصيّة عملها .
لذلك للوزارة دورها الايجابي في خلق كادر بيئي مدرّب لحماية البيئة والمحافظة علي صحّة المواطن الاردني ومن ناحية اخرى لها سلبيّة في واقع عملها نتيجة لفرعنة وزرائها وتدخّل رؤساء الحكومات في عملها .
ومن المفروض في رئيس الحكومة ان أخذ كل ذلك بالحسبان قيل ان يقرّر الغاء الوزارة ودمجها مع وزارة البلديّات ثم ليعود ويتراجع عن ذلك القرار وهذا إن دلّ على شيئ فإنما يُشكّكفي كل ما كان الرئيس يقوله في مرحلة الاستجداء الشعبي لتمرير قرارات مصيريّة للشعب الاردني وهاهو يكتوي ببردها في هذا الجو العاصف الذي لا يفيد فيه استجداء ولا استدرار العواطف كما ان ذلك القرار يشكّك في مصداقيّة الرئيس حول كل ما كان يُورده في تلك الخطابات والتصاريح التي تمسمر الاردنيّون وهم يسمعونها وكأنها افلام دراميّة يبكي عليها من هم في البيوت ويكتوي بقنابل الغاز والعصي من هم في الشوارع والساحات فالبكاء والدموع في تلك الايّام كان عامّا على البقعة الاردنيّة بكاملها حتّى لدى الرئيس نفسه الذي تحقّق له ما اراد وما جاء لسببه بالرغم من كل التاريخ النظيف الذي يحيط بشخصيّة الرئيس ولكنّ البكاء الان للفقراء والبردانين والمرضى فقط ولكن الدنيا مواقف .....

اضافة اعلان

احمد محمود سعيد

[email protected]


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة