ثمة قصة من موروث العراق الشعبي عن جمل نسي (المخرز) فيه تحت الحمولة...وظل يمشي وكلما وضع قدما ورفع أخرى انغرز (المخرز) أكثر في ظهره..وزاد النزف...
وحين وصل الجمل فوجئ الناس بحجم الدماء الهائل وفوجئوا أيضا بصبر الجمل وقدرته..على التحمل وكيف أصر أن يوصل الحمولة.
كتب عبدالرزاق عبدالواحد قصيدة جميلة عن العراق...ووظف الموروث الشعبي هذا واسقطه على العراقيين تقول مقدمة القصيدة :-
قالوا وظلَّ.. ولم تشعر به الإبلُ
يمشي، وحاديهِ يحدو.. وهو يحتملُ..
ومخرزُ الموتِ في جنبيه ينشتلُ
حتى أناخ َ ببابِ الدار إذ وصلوا
وعندما أبصروا فيضَ الدما جَفلوا
صبرَ العراق صبورٌ أنت يا جملُ!
لا أريد أن أسرق توظيف الشاعaر للموروث الشعبي في العراق وإسقاطه على حالنا....ولكني أسأل بكل ما في السؤال من تعب ؟...هل الأردن هو الاخر جمل المحامل..وإلى متى يحتمل مخرز الموت والنزف...
في العام (48) استقبل عشرات الألاف من اللاجئين الفلسطينيين وزادت الحمولة ومضى...وما بين ال(48) وال (67) خاض جيشه (63) معركة مع قوات الأحتلال الصهيوني..وزاد النزف إلى الحد الذي لايطاق وظل البارود مشتعلا في زنود أبنائه ومضى...وبعد ذلك استبيحت شوارع عمان كلها...(وبردها )الأردني...وأمنها وأدار للعالم ظهر المجن...وما بين الأعوام (60 -71) أغتالت الأيادي القذرة....أجمل وأحلى وأغلى رجالنا هزاع ووصفي ونزف الجمل دما ودمعا ومضى الأردني في رحلة الحياة مقاتلا...
وتحملنا في (8) سنوات عبء الحرب العراقية الايرانية...وتحملنا قبلها نزوح الأهل من فلسطين في العام (67)...وتحملنا في العام (91) عودة نصف مليون أردني من الكويت....وظل الجمل يعبر دربا كل ما فيه شوك ووعر وقسوة ودمه نازف من جنبيه...
واليوم (200) الف سوري يسكنون أرضنا بكل القلق والوجع وضيق الحال الذي نمر به...
هل مر عام على الأردن...ما ذاق فيه من وجع الدنيا....هل مر عام على بلادنا ؟..وجاء الصيف فيها دون قلق وتعب ؟...
حين تقرأ صفحات قصيدة عبدالرزاق عبدالواحد وتقرأ الدرب الذي تمشيه بلادنا تشعر بمخرز الموت..ينغرز في أجسادنا..ولكن الأردني صبور وعنيد وطيب....الأردني قومي ونبيل وجبار..هو الذي قاتل في الجولان وعاد اللواء (اربعين) إلى ثكناته واقفا برغم النزف...هو الذي خاض معارك الامة في اليمن وعمان وسوريا....والمخرز ينخر العظم وتجاوز اللحم وبقي صابرا...هو الذي ودع الملك حسين ذات شتاء ماطر وبكى الأردني دما بدل الدمع وما أناخ الجمل وما تردد في صعود الدرب...
من أي معدن ومن أي طينة جبل هذا البلد ؟
كل هذه المقدمة سردتها كي اسأل (الأخوان المسلمين) في عمان هل أنتم الجمل..أم المخرز ؟..لو كنتم الجمل لما أسستم لمسيرات الزحف المقدس تلك ؟..ولما اشعلتم ساحات عمان...لو كنتم الجمل فدلوني على أسماء شهدائكم في معارك فلسطين.. في الجولان...في ال(63) معركة التي خاضها الجيش العربي على أرض الضفة...دلوني على العمليات التي شاركتم بها وقتلتم يهودا ولو يهوديا..واحدا ولو عابرا ولو على سبيل الدعاية فقط...قولوا لي هل أنتم من احتمل أوزار حرب الخليج الأولى...هل أنتم من بكيتم على وصفي وهزاع أحلى فتيتنا وأجملهم... لو كنتم الجمل وليس المخرز على الاقل في أبجديات خطابكم سيمر وصفي وهزاع معه....ولكنه خطاب غريب ملتبس لم نعد نفهم شيئا منه.
لو كنتم الجمل...فدلوني على موقف قومي واحد...كل ما اذكر أنكم أرسلتم مندوبا إلى بوابة فاطمة عند تحرير الجنوب اللبناني وهناك أصيب في منطقة حساسة من جسمه...هذا هو الموقف القومي الذي إنقلبتم بعده على الجنوب وعلى التحرير وعلى حماة الديار انفسهم...
أنتم يا أصدقاء في المشهد مجرد مخرز...نسي أو وضع تحت الحمولة ووطني ينزف..وينزف..وينزف ولكنه يعبر الدرب بكل أوجاعه واقفا مثل طود..أو مثل النخل أو مثل الكبرياء حين ولد في أول دورة للخليقة
انتم المخرز الذي يحاول ذبح شكيمة الأردني وإختبار صبره ولكنه أعتاد منذ أن ولدت دولته على النزف وهل بغير النزف...تصنع الحياة وينبت المجد...قمحا ليس مثله قمح ؟
مسيرة الزحف المقدس تلك..هي مخرز ثان دسه حمزة منصور وزكي بني ارشيد وهمام سعيد..تحت حمولة الجمل تحت ظهر الأردن الطيب الصابر....ولكنه جمل وإن (ناخت) الجمال هو ولد للوقوف ولن يثني سنامه....
سيأتي يوم سنقف نحن أبناء العسكر أبناء الشهداء من خدم أعمامهم وأخوالهم في اللواء (40) من إنتظروا الاباء في أيام إعلان الجيش لحالة الطوارئ..كي يفيضوا عليهم بالحب...من لم يعرفوا رغد العيش وقرروا أن الصبر دربا وحياة...من ذهبوا للجامعات بقميص واحد ودفتر واحد..وقلب واحد مفتوح للحب والحياة...من ارتضوا القرى البعيدة في الجنوب..منابر للحرية والفقر ومصانع للزنود السمر...سنقف يوما وسنحاسب الذي دس المخرز تحت الحمولة...وسنوقف نزف الجمل الأردني الصبور الذي تعب وتعب وتعب..وبلغ منه التعب حدا لم يعد حتى النزف والدم يتدفق منه...
أنا أعرف من دس المخرز تحت الحمولة أعرف زكي وحمزة وهمام..وأعرف أن زمن المجاملة في الحرف والموقف ولى زمن المهادنة وما يسمى خجلا بالأمن الناعم قد انتحر...فهذا زمن الجمل الصبور زمن الموقف غير الملتبس....
سأكون في مسيرة الزحف...ولكنه ليس زحفا مقدسا هو زحف المخرز الذي يوضع تحت الجمل هذا هو زحفهم..أما زحفي فسيكون زحفا للأردن للسنابل وللصبايا ولصايل الشهوان وماجد العدوان وحمد بن جازي...وتيسير السبول وعطا الله غاصب...زحفا للذين دلوا الجمل على الدروب السهلة وليس للذين دسوا المخرز تحت الحمولة.
[email protected]
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو