الأحد 2025-01-19 03:55 ص
 

السؤال القاتل: أيهما أفضل؟!

09:53 ص

حملت تصريحات رئيس مجلس النواب، عاطف الطراونة، أول من أمس (في محاضرته في الجمعية الأردنية للعلوم السياسية)، إشارات ورسائل مهمة مرتبطة بمشروع قانون الانتخاب، الذي ننتظر عرضه ومناقشته في الدورة البرلمانية العادية المقبلة.اضافة اعلان

الإشارة الأولى، هي أنّ هناك رغبة لدى تيارٍ نيابي عريض بتعديل النظام الانتخابي، والتخلّص من 'كارثة الصوت الواحد' فيه، مع تبخّر فوبيا حلّ المجلس؛ إذ لم يبق من عمره شيء كثير. وهي إشارة قد تكون إيجابية للمرة الأولى منذ الانتخابات النيابية الأخيرة.
لكن الإشارة الثانية الأكثر أهمية، تتمثل في أنّ هناك تبايناً واضحاً واختلافات جوهرية ما تزال قائمة بين رؤية الحكومة وبين رؤية النواب بشأن الصيغة المطلوبة لتطوير النظام الانتخابي. وهو ما يجعلنا أمام منزلق التشتت، مرّة أخرى، بين صيغ وأفكار عديدة حول الأنسب للأردن، بما قد يؤثّر سلباً على المولود المنتظر!
الحكومة تضع في أدراجها مشروعاً مستلهما من مخرجات لجنة الحوار الوطني، يقوم على القائمة النسبية المفتوحة على مستوى المحافظة؛ أي تعدد أصوات الناخبين والعودة إلى المحافظة كدائرة انتخابية، وهي تطورات إيجابية، مع إلغاء القائمة الوطنية. إذ ينقل البعض عن مهندس المشروع، د. خالد الكلالدة قوله 'القائمة الوطنية دفنت إلى الأبد'.
أمّا رئيس مجلس النواب (الذي يمثّل كتلة ائتلاف الأغلبية في المجلس)، فيتمسك بالقائمة الوطنية، ويطالب بزيادة مقاعدها، مع وضع عتبة لها (أي اشتراط نسبة أصوات تحصل عليها القائمة الوطنية لدخول المجلس)، بالإضافة إلى مراجعة الفتوى الدستورية المرتبطة بحزبية القائمة، لتكون مرتبطة بالأحزاب.
رئيس المجلس أكد أنّ النواب لن يقفوا ضد تعديل قانون الانتخاب، لكن المجلس لن يكون متسامحاً مع أي مشروع يأتي من دون أن تتم مشاورته ومناقشته بشأنه، قبل أن يصل إليهم. وتعهّد بفتحه للجميع (أحزاباً ونقاباتٍ ومجتمعا مدنيا) لمناقشته والوصول إلى الصيغة المطلوبة.
من الواضح أنّ هناك فجوة كبيرة بين الطرفين؛ الحكومة والنواب. ومن الضروري قبل الوصول إلى الدورة البرلمانية العادية المقبلة أن يقوم د. الكلالدة بالحوار مع رئيس المجلس والكتل الرئيسة، وتبادل الرأي حول التعديلات التي بحوزته، قبل أن يعرضه على المجلس، حتى لا ندخل في متاهات الصيغ المفتوحة والمتعددة للقانون.
بالطبع، الكلالدة استطاع إقناع أطراف مهمة في الدولة بوجهة نظره بالتعديلات، وهو متفائل بأنّ هذه الصيغة ستمر، لتلغي الصوت الواحد والقائمة الوطنية معاً. بينما تمسك النواب بالقائمة الوطنية قد يؤشر على مشكلة كبيرة؛ إذ من خلال خبرتنا في لجنة الحوار الوطني، قد تسمح الأطراف المعنية في الدولة بقائمة نسبية مفتوحة (و'قد' هنا مهمة جداً)، أو القائمة الوطنية، لكنّها لن تقبل بوضعهما معاً في نظام انتخابي واحد!
أعترف بأنّه ما يزال لدي شكّ كبير وعميق في أنّ هناك بالفعل قناعة لدى الدولة بأنّ الصوت الواحد قد دُفن فعلاً؛ فهذا الكائن المنحوس الذي أعلنّا دفنه مراراً وتكراراً، ولم نترحّم عليه، أصر على البقاء والاستمرار، وهناك تيارٌ عريض ما يزال مؤمنا به؛ واقعا في غرامه وفيا له، في مراكز الدولة المختلفة!
ربما ما يقف إلى صفّ المتفائلين وجود مشروع اللامركزية، الذي جاء لإعادة هيكلة وضع مجلس النواب في عدد أعضائه ومهمّاته. لكن المشكلة دائماً تكون في اللحظات الأخيرة من القرار، عندما يخرج علينا أحد الأذكياء في مراكز القرار ليسأل المتحمسين فيها: هل من مصلحتنا وجود مجلس قوي في هذه الظروف الإقليمية الخطرة والمقلقة، أم الأفضل أن يكون (على الأقل في الفترة المقبلة) 'في الجيبة'، حتى نتجنب الأحلام المزعجة؟!
فهذا السؤال كفيل بإجهاض حلم جيلنا بقانون انتخاب يرد الاعتبار للبرلمان والانتخابات.


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة