السعودية

أمضيت نهاري أمس أتابع التلفاز , فالمحطات جميعها كانت تبث الأحداث في السعودية أولا بأول ...وأكثر ما يلفت إنتباهك في المجتمع السعودي هو:- بالرغم من ثرائه وإمتلاكه أكبر الثروات في العالم إلا أنه مازال مجتمعا بسيطا محافظا .اضافة اعلان

السعودية دولة تحتاج لساعات ربما حتى تقطعها في الطائرة من شمالها وحتى جنوبها , وتحتاج لأيام أيضا إذا أردت إستعمال السيارة , ولكنها بالرغم من إتساعها الهائل , إلا أنها إجتمعت كلها أمس بترابها وبحرها وشعبها ..لتوديع ملك , كان أبا لكل سعودي ...وإذا قدر لك أن تصف خادم الحرمين الراحل (أبو متعب) تستطيع أن تقول عنه :- بأنه الرجل الذي جمع البداوة والعروبة كلها في عينينه ...
سر ثبات الدولة السعودية , لا يكمن في الثروة ولا في الأمن , هو يكمن في بساطة النظام السياسي وبداوته وتسامحه ,فالبدوي يمتلك قلبا بحجم الصحراء ....وأينما رحلت في السعودية , ستكتشف أن هذا المجتمع ظل محافظا على قيمه وعاداته لم يترك الشماغ ولا دلة القهوة , ولم يحمل نعش الملك الراحل على عربة عسكرية ..ولم يقم بعمل مراسم تليق بتاريخ الراحل , كل ما فعله هو أنه دفن الملك بالطريقة التي يدفن فيها أي سعودي .
السعودية فيها سر لايفهمه , إلا من تعتق في البداوة , وسرها يكمن أنها تستمد صلابة من الدولة من بساطة نظامها السياسي ...كل دول الخليج تغيرت فيها الأنماط الإجتماعية وشكل الدولة , إلا السعودية ...فقد أنتجت اضخم الشبكات الإعلامية العربية , وتوسعت الرياض بشكل هائل ...وأستثمرت في أكبر شركات الغرب ، يشربون حليب (النياق) بالطريقة نفسها , ويفهمون سر الخروج للبر ..ويعشقون (القنص) وعند الصلاة ...يتجردون من كل مظاهر الدنيا أمام عظمة الخالق .
الربيع العربي لم يمر على السعودية , لسبب إجتماعي وليس لسبب سياسي ..فالمشاهد التي عرضتها قنوات العالم أمس , تؤكد صلابة هذا المجتمع وتؤكد أيضا , أن روحه ما زالت عربية ...لم تتغير ولم تنقلب .
في السعودية ،الملوك الذين يأتون من أبناء عبدالعزيز , صحيح أنهم كبار في السن ولكن كلما جاء واحد منهم , تزداد هذه الدولة شبابا , فقد يشيخ الرجل ولكن نجد كلما مر عليها الزمن اصبحت فتية أكثر ....
أول أمس لم تقدم تلك الدولة درسا , في الإنتقال السلس للسلطة , ولكنه قدمت درسا مهما لنا جميعا مفاده :- أن العروبة والبداوة ...جزء من شخصية النظام السياسي , وأن البساطة سر من أسرار صلابة الدولة.